رواية ليس زوجي المعاق الجزء الثاني_ الفصل الخامس ج1 بقلم هالة الشاعر

 


رواية ليس زوجي المعاق الجزء الثاني

(مالك القلب)

 الفصل الخامس 

(1)

 

خبت سعادتي بعد أن رأيت رفض أميرة القاطع، لقد كنت أعتمد عليها كي تدعمني .. لم يكن لدي غيرها بالأساس!.

دلفت مرة أخرى دون أن يشعر أحد وانزويت بغرفتي سريعا، خبأت الصندوق وسمعت حينها صوت والدتي ووالدي يقتربون من الغرفة فصفعت كلتا وجنتاي بسرعة رهيبة، لم يكن لدي ذرة من الطاقة كي أدعي التمثيل أمام العائلة مرة أخرى وعلي بالتفكير جديا في حل للزيجة التي لن يوافق عليها أحد .. عدا أنا!.


ليس زوجي المعاق الجزء الثاني (مالك القلب)
ليس زوجي المعاق الجزء الثاني بقلم هالة الشاعر


دلفت أمي ثم أبي

"أين الشاي والحلوى يا جميلة؟، لمَ كل هذا التأخير؟".

أدعيت المرض الشديد وبصوت واهن مصطنع

"أشعر بصداع رهيب يا أمي هلا أعطيتني الدواء؟".

دلف أبي مقطب الجبين يسأل عني لكن بشراسة

"لمَ لم تخبري أحد؟، بدلا من تركنا كل هذا الوقت؟".

"عفوا أبي لقد ظننت إنه إذا استلقيت عدة دقائق سوف أصبح أفضل، لكن الأمر ازداد سوء".

قطب جبينه أكثر

 "أعطها الدواء سوف أعد أنا الشاي، ولا تتأخري".

ناولتني أمي الحبة لكني لم أتناولها بالطبع، وحالما خرجت اختفيت أسفل الغطاء أشعر بسوء بالغ من أجل أمي لكن كل من بالمنزل سوف يعلم قيمتي الآن، أنا جميلة التي أهلكوها بطلباتهم السخيفة والتي لا تنتهي سوف تذهب من هنا وعلى كل منهم الاعتماد على نفسه مجددا.

فركت وجنتاي بقوة لأني أعلم بأن مهند سوف يدلف بأي لحظه الآن وبالفعل أقتحم الغرفة فور أن علم

"ماذا هناك جميلة هل أنتِ بخير؟".

"مجرد صداع أخي لا تشغل بالك علي".

حاول تلمس رأسي لمعرفة إذا ما كنت محمومة أم لا ولكنني تهربت منه متذمرة،

تخصر بيديه

"هل أنتِ متأكدة؟ يمكنني استدعاء الطبيب في الحال".

"مجرد إرهاق من تحضير الطعام لي يومان لم أنم جيدا".

زم شفتيه باستياء بالغ

"لم تحضرين كل تلك الأصناف جميلة بيوم واحد؟، هذا الأمر مرهق جدا لمَ كل هذا الطعام المبالغ فيه؟".

"أبي من يصر على هذا الطعام لا دخل لي مهند!".

هز رأسه باستياء وتوجه نحو أمي على الفور والمطبخ كان في حالة سيئة للغاية فمزاجي كان عكر بشدة ولم أكن اهتم بالتنظيف الفوري مثلما اعتدت، كنت فقط أفكر بأن هناك نيزك سوف يسقط من السماء ويخلصني من بؤسي، لكن مالك فعلها .. ودون نيازك! مرحا!!.

وجد مهند أمي تقف بحيرة بالغة وسط كل هذه الفوضى فعاتب كل من أبي وأمي

"لا أفهم مطلقا لمَ تصرون على إعداد كل هذا الكم الهائل من الطعام؟".

"نريد أن نشرفك أمام زوجتك بني، أنه يوم واحد بالشهر!".

"يا أبي ما علاقة الشرف بكل هذا الكم الهائل من الطعام؟!، أنه يكفي لثلاثين شخص على الأقل!، وما ذنب المسكينة جميلة بتحمل كل هذا العبء؟!".

تلصصت عليهم من فتحه الباب الصغيرة

لأجده يتلفت حوله بقرف (حماك الله لي يا أخي)

"ما هذا القرف أين إلينا لتضع هذه الأطباق بالغسالة"،

 وصرخ عاليا

"إلينــــــا!".

حضرت برشاقتها القاتلة تتبختر بكعبها الرفيع!

"ماذا هناك لمَ تصرخ؟! وأين جميلة؟، أريد أن اتفق معها على الأصناف التي سوف تعدها بالحفل".

تحدث بنفاذ صبر وهو يلوح فمهند يكره الفوضى بشكل لا يوصف

"أختك مريضة ساعدي أمي بوضع الأطباق في الغسالة والبدء بالتنظيف".

وتلفت بغضب حوله

"أين تضعون الآلة الغبية؟!!".

فركت أمي يدها بتوتر بالغ

"أه أمم أه إنها ليست موجودة".

ردت بصوت خافت وامتعض فك أبي فهو يعلم بأن مهند سوف يثار جنونه الآن،

ارتفع حاجبه مستفهم

"عفوا!".

تحدثت إلينا بحرج وهي تحك مؤخرة رأسها بإصبعها بحركة تفعلها دائما عندما تشعر بالحرج

"أحم .. أنها لدي .. منذ أن أتيت بها".

تخصر بغضب بالغ وانحنى عليها بقامته فارعة الطول مما جعلها تمضغ شفتها السفلى بقوة

"لديك خادمة بالمنزل وغسالة، لمَ تحتاجين هذه؟".

توترت بشدة

"لقد تعطلت خاصتي، والخادمة تأتي عدة ساعات فقط!".

حاولت تبرير موقفها لكن مهند كان غاضب فصرخ بها حتى انتفضت بشدة

"لمَ لم تجعلي زوجك يأتي لكي بواحدة، أو اشتريتها أنت، أو حتى أخبرتني كي أتي بواحدة لأختك!".

 فزعت من مكاني على صوته الجهوري الغاضب وتواريت أكثر

عضت إلينا شفتيها نادمة

"أردت أخباره بأنها هدية من أبي!".

ضم قبضتيه بقوة حتى ظننت أنه سوف يكسر  كل شيء بالمطبخ

وانحنى عليها يتحدث بتهديد بالغ حتى انكمشت إلينا بشدة منه

"أريد هذا المكان نظيف في الحال إلينا".

هلعت بشدة وهي تتلفت حولها بغير تصديق وقبل أن تعترض صرخ صرخة رجت المنزل.

"الآن!!".

ربتت أمي عليها تواسيها

"سوف أساعدك لا تقلقي".

فصرخ مهند من الخارج

"أمـــــــــي".

فذهبت خارجا مع أبي الذي تمتم بامتعاض بالغ

"هل هذا وقت تمرض به؟".

"وما ذنبها هي منعم؟، لقد علم وانتهى الأمر!".

ولا لم أشعر بذرة من السعادة بل بسوء.. شعرت بسوء بالغ.

***

"لمَ مدام جميلة أليس هذا مقصدك من البداية؟".

تنهدت وربعت يديها ونظرت بحزن إلى الأسفل

 "كل ما أردته هو بعض التقدير من عائلتي، أبي يقدر مهند بسبب عمله وإلينا بسبب مكانتها وأمي فخورة بهم بشدة، هي حنونة لكنها لا ترى أبدا ذلك الجانب مني أحتاج إلى ذلك بشدة، أن يشعر أحد بالتقدير لما أفعله!".

"وكيف يكون ذلك برأيك؟".

هزت كتفيها بأنها لا تعلم

"أعتقد في حالتي لن يثني علي أبي إلا إذا أصبحت رائدة فضاء، ولففت حول الأرض ثلاثون مرة!!".

 ثم تراجعت عن رأيها

 "حتى هذه لست واثقة منها ربما تذمر مني"،

ورفعت شفتيها بقرف تحاول تقليده

"وما الجديد بالدوران حول الأرض؟ كان عليك بالدوران حول المريخ يا غبية لقد أضعتي الفرصة كالعادة!".

ابتسم الطبيب لها ولوحت بأن لا فائدة حقا من والدها وتغير نظرته لها.

"ورغم شعوري الشديد بالسوء لتوبيخ إلينا إلا أنني كنت اتخذت قراري، عرض مالك للزواج أعطاني قوة للأخذ بحقي من كل شخص يظلمني بهذا المنزل وقررت الاستمرار في سلسلة انتقامي السخيف  للنهاية".

ونَظرت للطبيب ببؤس.

***

بعد عدة أيام من العزيمة ارتديت ملابسي وتأنقت بشدة واتجهت نحو مالك ودلفت إلى الورشة وكلي إشراق وحالما رآني مالك ترك الفأرة التي كان ينشر بها من يده وظل ينظر لي ببلاهة، تسارعت ضربات قلبي بشكل أخرق رغم أن نظرته كانت غير مفهومة لي ولكن فكرة وجودي هنا كل يوم في المستقبل كانت تثير حماستي بشدة.

أهديته أكثر ابتسامتي ود وإشراق

"مرحبا مالك كيف حالك اليوم؟".

ارتبك بشدة لسؤالي الصغير وتلعثم بحرج بالغ

"ب ب بخ خير".

"جيد، أنا ذاهبة لأخي مهند الآن كي أفاتحة بموضوع زواجنا هل تحدثت مع عائلتك؟".

هز رأسه بتوتر بالغ بأن لا

"ومتى تنوي التحدث إليهم؟".

"عن عن ماذا؟!".

تنهدت ضاحكة منه

"عن زواجنا مالك، متى تنوي أخبارهم؟، كي تأتوا وتتقدموا من أجل تحديد موعد الخطبة".

ازدرد لعابة بصعوبة بالغة رأيت ذلك بوضوح عبر تفاحة آدم خاصته التي تأرجحت بحدة عبر حلقه.

حاول التحدث لعدة مرات ولكن لم يفلح الأمر، لم يستطع تجاوز الحرفين الأولين للكلمة التي يريد نطقها حتى!.

عبرت الطاولة الفاصلة بيننا ووقفت أمامه وهو ينظر لي بعدم تصديق وكأنه لا يصدق بأنني هنا أمامه ونظرته تلك جعلت الفراشات ترفرف ببطني وكان شعور لذيذ بحق!.

"لا داعي للتوتر مالك حدثني بما تريد، لا داعي لأن تقلق بشأن التحدث معي أبدا".

 تنهد وتحدث وهو غير مصدق

"إ إ إذا تقدمت .. لك  هل هل توافقين؟!".

نظرات عدم التصديق بعيونه كانت كبيرة، عصرت قلبي من الألم عليه، طمأنته بصوت حنون كان ينبعث مني قديما، صوت نسيته بعتمة الحياة الموحشة التي قاسيتها سابقا.

"لقد فعلت يا مالك وأنا بالفعل قبلت".

 وابتسمت له بحنان أكثر

"بل ومتحمسة للغاية لبدأ حياتي معك".

سقط فمه وتمتم غير مصدق

"حقا!".

هززت رأسي بود وهمست

"حقا".

والفراشات زادت رفرفتها بأسفل بطني بشكل جائع!

وضع يده علي جبينه وتمتم بغير تصديق

"يا الهي!".

فعلته تلك جعلتني أضحك بشدة حتى عادت رأسي إلى الوراء ضحكة جميلة رقيقة كلها حيوية وأنوثة لم أطلقها منذ زمن بعيد، لا يمكنني حتى تذكر متى حدث ذلك وأشعرني هذا بسعادة غامرة، راقبني مالك وراقب ضحكتي وابتسم لها لا إراديا.

"سوف نتسلى كثيرا معا، ما هو رقم هاتفك؟".

ذهب إلى مكتبة وأخرج لي ورقة مكتوب عليها أسمه وأسم الورشة والهاتف

ابتسمت له "ما هذه الرسمية؟ ناولني هاتفك".

مددت يدي له لكنه تردد كثيرا وفي النهاية أخرج الهاتف بحرج بالغ من جيبه الخلفي كان صغير للغاية وبه أزرار كثيرة تلك التي تحتوي على أربعة أحرف من اللغتين، بدا محرج من هاتفة أما أنا فضحكت رغما عني، طبعت أسمي بصعوبة على الهاتف وقمت بالاتصال على هاتفي كي أحفظ الرقم الخاص به.

عضدت شفتي لحرجي من الضحك ثم ناولته هاتفة، والحرج غزا وجهه مرة أخرى

"هل تعلم أن هذا الجهاز أكثر الأجهزة تصنيع حول العالم".

"حقا!".

"بالطبع لقد بيع من تلك النسخة مائتان وخمسون مليون جهاز".

أنبهر مالك للرقم واستعاد الهاتف باعتزاز وابتسمت أنا كثيرا لبراءته

"لديك رقمي يمكنك الاتصال بي وقت ما تشاء وداعا أراك على خير".

أعدت هاتفي إلى الحقيبة وارتديت نظارتي الشمسية وسرت بطريقي لأجد قبضة حنونة تمسك بذراعي فالتفت سريعا له، سأل وهو غير مصدق ووجهه مصاب بالاحمرار

"موافقة علي الزواج بي حقا؟".

لم أستطع التحدث لرؤية ذلك الآم الممزوج بغير تصديق في عيونه فهززت رأسي له بنعم، فترك ذراعي وعاد للخلف ببطء يحاول استيعاب ما يحدث، وتساقطت قطرات العرق من جبينه وكسا الاحمرار وجهه.

 الأمور مع مالك كانت غريبة ومختلفة يفترض بالرجل أن يأخذ الخطوات الأولى وأن يكون هو الشجاع والجريء، الأمور معكوسة هنا ولكنني لا أبالي، ارتسمت بسمه شريرة على وجهي أثناء ركوبي السيارة التي كنت قد طلبتها

"يا الله كم سنستمتع كثيرا!!!".

***

وقفت السيارة الأنيقة أمام مبني عملاق قمته الهرمية من الزجاج، نزلت منها ودلف الضيق إلى صدري فور دخولي من الباب الزجاجي الآلي، رغم أن هواء المكيف لفحني حالما دلفت إلى الداخل، حاول مهند توظيفي هنا بعد طلاقي ولكنني لم أكمل شهر!، ليس فقط لأن كامل يعمل بالشركة بل لأنني لم أنجو .. لم أنجو من نظرات الموظفين التي اخترقتني بغير شفقة أو رحمه.

ففررت قبل أن أنهي الشهر، لم أستطع التحمل.. ولم أستطع تحمل الإشاعة التي أطلقوها على مهند بأن توظيفي هنا تم بناء على الواسطة رغم أن الوظيفة كانت تناسب إمكانياتي تماما، كل ما افتقرت له كان الخبرة ومهند أدرج أسمي كمتدربة تحت الاختبار على أي حال لكن، نظرات الفتيات الخارجات من مجلات الموضة لم ترحم جسدي السمين الذي تدمر من العلاجات والعمليات الجراحية على مدار تسع سنوات، ولا أشباه الرجال الذين وجدوا في فريسة سهلة بما أنني مطلقه أو سلم للتسلق عبره إلى مركز أعلى، لم أشأ أن أفسد على مهند عمله وتخريب فريقه الذي كونه.

كانت الحقيقة كافية بجعل أبي وأمي يتركونني وشأني بالمنزل، لكن الحقيقة التي أعلمها أنا جيدا هو أنني أكرة هذا العالم الذي يلفظني بكل شكل وطريقة أكرهه بشدة ولا أريد يوما أن انتمي إلية.

ومالك هو تذكرتي الذهبية لذلك!.

وصلت إلى مكتبه وأمتعض فك المساعدة الخاصة بأخي فتاريخنا معا ليس مشرف، لقد أهانتني سابقا مشيرة لي باحتقار بأنني من المستحيل أن أكون أخت مهند بك!، وقد نالت التقريع اللازم من مهند على أي حال.

سألتها بصوت لا مبالي

"هل لدى مهند أحد بالداخل؟".

"لا سوف أخبرة بأ...".

أوقفتها بإشارة من يدي

"لا داعي لذلك شكرا لك".

وفتحت الباب دون أن أطرقه حتى ليرتفع رأس مهند بغرابة ولكن سرعان ما ارتسمت بسمه حنونة على وجهه ووقف يستقبلني، خلعت نظارتي الشمسية وأسرعت نحوه أنا الأخرى.

"أرى أنكِ أصبحتِ بخير أخيرا".

"أجل تحسنت صحتي كثيرا هذا الصباح".

نظر لي بشك وهو يضمني له ثم أحاط كتفي والتفت إلى مساعدته التي تنظر لي بقله حيلة.

"منيرة كوبان من القهوة بدون سكر ولا تجعلي أحد يدلف إلى هنا أو تحولي لي أي اتصالات مفهوم؟".

هزت رأسها بطاعة

"أمرك مهند بك".

أغلقت الباب ونظرت إلى مهند الذي يضمني بشك

"لا أعلم كيف تسمح كارمن بوجود تلك المساعدة؟، ألا تغار عليك؟!".

ذهب إلى الأريكة وجرني خلفه وهو يقهقه

"بل تموت غيظا منها ولكن كبريائها يمنعها من أن تذكر أنها تغار علي".

"حسنا دعها تذهب وأتي برجل ولا تخرب عليك حياتك!".

غمز لي بعبث

"بل أحب أبقاء كاري مشتعلة، أحب أثارة غيظها كثيرا".

وقهقه ضاحكا بشدة، قرصته بفخذه

"لا تحزن كارمن يا مهند أنا أحذرك".

"لا تقلقي أحب تحريك الرمال بيننا قليلا كي لا نصاب بالملل ليس إلا، وبالمناسبة لست وحدي من يقوم بالمقالب فأنتي بصحة جيدة جدا كما أرى وإلينا انفجرت بي البارحة لما تعرضت له من متاعب بسببك".

نظرت ببلاهة لسقف مكتبه العالي كان مكتب نائب رئيس مجلس الإدارة، أما عن رئيس مجلس الإدارة فكان والد كارمن، أمسك بذقني وجعل عيني تتركز بعينه.

"لمَ الشقاوة جميلة لقد وضعتِ أختك بموقف محرج للغاية تعلمين أنها لا تجيد الطبخ ولم يكن من اللائق أخبارها قبل عدة ساعات بأنك مريضة ولم تعدي لها أي طعام يذكر".

"هناك فرق بين تقديم المساعدة وأن تعاملني إلينا كخادمة لها".

زفر مهند الهواء بحنق مني وقرص وجنتي بغضب مفتعل

"لا تكوني حساسة بهذا الشكل، إلينا قد تكون متسلطة قليلا، لكنه بحكم عملها ليس إلا ربما تعاملك كأحد طلابها!".

هززت رأسي وتجمعت الدموع بعيني

"لا مهند".

وقلدت نبرتها الحازمة التي تحدثني بها مؤخرا

"موعد تدريب الأولاد تغير، أذهبي الآن واجلبي زى الأولاد، لدي عزيمة ضخمه يوم الجمعة هناك أكثر من خمسه عشر شخص مهم سوف يأتي أريد قائمة طعام لا شائبة بها، لم تسألني حتى إذا ما كنت أريد القيام بذلك أم لا؟ هي فقط تفرض طلباتها و أوامرها التي لا تنتهي علي، كما أنني ملزمه كل يوم جمعه بأن أحضر لها طعام الأسبوع كله، على أن تخرجه هي من المبردة وتضعه بالفرن وتبتسم لزوجها الذي يظنها وقفت بالمطبخ وبذلت من الجهد الكثير كي تهتم بمنزله وطعامه وأولاده، أختك تزوجت ولكنني أنا من أحمل هم مذاكرة أولادها وتدريبهم والإشراف على نظافة منزلها وتنظيم ثلاجتها وأغراض السوق، وكل هذا لم يضايقني مهند يسرني تقديم المساعدة دائما وأحب أن أمضي الوقت مع الأولاد لكنها لم تفكر بأن تشكرني يوما علي الوقت أو المجهود أو المال المبذول من أجل سيادتها!".

حك مهند ذقنه وقد بدا عليه الغضب أنا أكيدة من أنه لم يكن يعلم باستغلال إلينا لي.

"حسنا إذا كان الأمر هكذا لا بأس من تلقينها ذلك الدرس القاسي لقد فضحت تماما أمام أهل زوجها والعزيمة كانت كارثة حقيقية!".

فركت عيوني بتعب

"أجل نلت التقريع الكافي من أبي هذا الصباح".

"عليك وضع حد لاستغلالها بالمواجهة جميلة لا بالهرب بل واجهيها جميلة أخبريها بوجهها بما تشعرين به، وان هذا المجهود فوق طاقتك".

ضممت شفتاي وقلدت صوت والدي

"أيتها الجاحدة الناكرة، ما الذي تفعلينه بحياتك على أي حال؟ ما الذي يشغل جلالتك؟ قناتك التافهة وعملك الأتفه!، إن أختك دكتورة بالجامعة وتعمل بمركز طبي مرموق ما الضرر من مساعدتها بمنزلها قليلا وتحمل القليل من الأعباء عنها، لا فائدة منك مطلقا حتى عائلتك تضنين عليها بالقليل من المساعدة، ما الذي فعلته بحياتي كي أرزق بجاحدة عديمة النفع مثلك؟!!".

أمتعض فك أخي وقد فهم تماما ما الذي يعنيه كلامي لم تفلح مواجهتي سابقا منذ سنوات واستسلمت للواقع المرير بعد تعنيف أبي، فرك وجهه بغضب

"سوف أتحدث إلي أبي وأضع حد إلى تلك المهزلة يجب أن يعلم كل منهم أن ..."

أمسكت كتفه أوقفه عن الكلام

"لا داعي لإثارة المشاكل بالمنزل مهند، هذا الوضع لن يدوم على أي حال، فأنا قريبا جدا سوف أترك المنزل".

ارتفع حاجبة وتمتم بغير تصديق

"عفوا!!".

ابتسمت بشدة لذهوله فأنا لم أترك المنزل يوما إلا للمبيت لدية أو للمبيت لدى إلينا.

"لقد قام أحدهم بطلب يدي".

التف لي بكليته وبدا سعيد وفي نفس الوقت غير مصدق

"وهل وافقت أنتِ على أحد ما أخيرا؟!، من هذا الفارس المغوار الذي أخرجك من دائرة العزوبية؟!".

ازدردت لعابي هنا تكمن المشكلة!

"حسنا .. أنه .. تعلم أنني كنت أرفض الزواج لأنني أردت أحد يتقدم لي من أجلي أنا بعيدا عن مالك أو استغلال وضعي البأس لتربية صغاره ليس إلا!".

وضع يده على قلبه بدرامية

"أوتش كان هذا مؤلم!".

ابتسمت بحزن له

"هذه هي الحقيقة مهند لا يمكننا تجميلها أكثر!".

أمسك بيدي يدعمني ويسأل بابتسامة على وجهه

"مَن هو؟!".

همست بوجه أصفر

"مالك".

رمش لعدة ثواني وترك يدي وهو يمسك على شفته السفلى بأسنانه ثم تنفس بصعوبة عبر صدره العضلي الضخم وسأل بغضب بما أني ذكرت الاسم مجرد

"مالك .. مالك!! ، مالك ماذا؟ أكملي الاسم لنهايته جميلة ولا تحرقين لي أعصابي؟!".

ذهب صوتي وعبثت بأصابعي بتوتر

"لا اعلم سوى مالك واحد أخي بحياتي كلها وهو نفسه الذي تعرفه أنت!".

أنتفض واقفا كمن لسعته حية

"هل جننت بعقلك جميلة؟ مالك!!!".

وقفت وقد تبدلت نبرتي إلى الهمس المتوسل

"أنه الوحيد الذي يريدني لأجلي مهند، لم يريدني أحد أخر".

"لمَ ترخصين نفسك بهذا الشكل المهين جميلة؟ لمَ تفعلي بنفسك هذا؟!!".

لوح بيده صارخا بي

وضعت يدي على صدري أتوسل له

"أنه الوحيد الذي أرادني لنفسي، أنا أريد أن اتمم هذه الزيجة مهند، لقد وعدتني منذ ست سنوات وهذا هو اليوم المنشود كي تفي لي بوعدك".

مرر أصابعه بشعرة بشراسة حتى ظننت أنه سوف يقتلع بعضه ورجعت خطوتين إلى الخلف، التفت لي وزمجر من بين أسنانه

"أنسي هذا الموضوع تماما جميلة لا تذكرية حتى مرة أخرى!، عندما وعدتك كان مقصدي برجل رجل حقيقي!، وليس .."

ولوح بيده حتى يبحث عن الكلمة المناسبة

"أنه طفل بجسد رجل!، لازال أطفال الحي يركضون خلفه بالطوب إلى الآن؟!، هل جن عقلك؟!".

سحبت نفس عميق واستدعيت بعض القوة

"إما هو أو لا أحد مهند".

يتبع...



باقي الفصل الخامس


إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال