رواية ليس زوجي المعاق الجزء الثاني(مالك القلب) الفصل السادس (2)
تنهد سمير من أخيه بحدة بالغة ولم يصبر عليه كعادته
"لقد تحدثت إلي بالفعل منذ عدة أيام يا مالك،
أفهمني رجاءا يا حبيبي لن تنجح بالزواج كلانا يعلم هذا، فقط أعدك بأن أجد وقت أكبر
لك سوف نجد الحل لوحدتك أنا أكيد من هذا".
منكس الرأس مربوط اللسان مربوط من القهر والظلم البين
الذي تعرض له، الذي أفقده الثقة بكل شيء والآن بعدما رأي الألوان مرة أخرى بعدما
رأي إمكانية وجود ونيس له يريدون سحب هذا الأمل منه، يريدون أخذ الحلم!.
ليس زوجي المعاق الجزء الثاني (مالك القلب) |
أصر على موقفة لكن بضعف بالغ من كثرة حزنه
"أأريد .. الزواج ..م من جميلة، أأنا وحيد يا أخ خي
جددا".
حاول التماسك إلا انه لم يستطع أبدا
"أنت لن تتزوج منها يا مالك هذا الأمر نهائي!".
قاطع جملته صوت نسائي غاضب من خلفه
"لمَ؟!".
التفت الاثنين ليجداني خلفهم، أعلم أن هذا سمير أخو مالك
وحينما رأيته يعنفه من خلف الزجاج دلفت بسرعة كي أواجهه.
نظر لي كل منهم ولكن شتان بين النظرات، مالك تجمع الحزن
والحنان بعينه حالما رآني، بينما أخيه اشتعلت شرارات الغضب بكل من عينيه وزمجر بي
بغضب.
"أي لعبه تلعبيها على مالك يا مدام جميلة، أتركية
وشأنه".
كان يلوح في وجهي بغضب بالغ، عادة لكنت عدت إلى الخلف
ووليت هاربة من صراخه علي، لكنني كنت في صدمة من كلام كارمن لي عن إلينا، صدمه
خلفتني ببروده كبيرة حتى أنني لففت شال سميك حول جسدي من شدة البرد!، لذلك لم
أخشاه.. ببساطة لم يعد لدي شيء أخشى عليه...
بصوت قوي وعند بالغ واجهته
"أي لعبه تتحدث عنها؟، لقد طلب مالك الزواج مني
وأنا وافقت لمَ تحدثون كل هذه الجلبة؟ ليهتم كل منكم بشأنه الخاص ولتدعونا لشئننا!".
نظر لي بشك بالغ وأشار لي بأن أتبعه بعيدا عن مالك،
التفت خلفي أطمأن مالك القلق بنظراتي بأن لا بأس وهمست له
"لا تقلق من شيء".
ومن ثم اتبعت أخيه
الذي بمجرد تحرك مالك لخطوة واحدة نحونا صرخ به
"أصنع الشاي لنا يا مالك".
فاتجه المسكين بتردد إلى طاولته الصغيرة بعيدا عنا ولكنه
ظل يراقبني من بعيد وكأنه يحميني بعيونه من أخيه الرافض لي وبشدة.
تحدث معي بجمود بالغ
"لقد سألت عنك بالحي، كنت متزوجة من مهندس مرموق
لتسع سنوات مدام جميلة، ما الذي يجبرك على الموافقة على أخي الذي تقدم لك كما
تدعين؟!".
كانت نظرات الشك والاحتقار تملئ عيونه كان يتهمني بشيء
مشين للغاية، ورغم ذلك واجهته رغم الألم الذي شق صدري إلى نصفين.
"لقد جمعت معلوماتك إذا يا حضرة المهندس الذكي، مدام
جميلة، والشارع كله يعلم بأنني تزوجت لتسع سنوات.. أي لا شيء كي الصقه بأخيك ..
والشارع كله يعلم أنني أعاني من عدم الإنجاب أي لا طفل الصقه به يا حضرة المحترم،
هل لديك أي اتهامات أخرى؟!".
رمش بعيونه من نبرتي الحادة ويبدوا أنه وزن الكلام جيدا
بعقله، إذا ما كنت سيئة السمعة مثلما يظن هو؟ لمَ علي أن أستغل مالك، لا حاجة لي
بذلك!.
عاد خطوة إلى الخلف، سمير ليس برجل غبي بل على العكس
مهندس مدني مرموق حفر بالصخر مثل أخي مهند وشق طريقة بعيدا عن شارعنا وتوصل إلى
أعلى المناصب بعمله أعرفه،
أعرفه جيدا منذ
أن كنت صغيرة وأعلم كم يحب مالك، يبدوا أن الصدمة أثرت عليه.
تنهد بأسف وفرك وجهه
"أسف".
رفعت زاوية فمي بابتسامة ساخرة لم تكتمل
"لمَ تريد واحده مثلك بالزواج من مالك أليس الأمر
مريب؟".
زمجرت به
"ما به مالك؟!".
"لا يصلح للزواج وإن لم تكوني تعلمي عن حالته يجب
علي أن أعلمك أنا في الحال كي لا يحدث ما لا يحمد عقباه مستقبلا، مالك..."
"أصمت".
صرخت به وأنا ألوح بأصبعي
"أصمت تماما الآن لا أريد سماع أي شيء منك، لست أنت
من يحدد لي مَن يصلح ومَن لا يصلح، هل تفهم هذا؟، لقد سئمتكم جميعا، أنا أعلم كل
شيء عن حالة مالك وأريد الزواج منه ولن أتنازل عن هذا الحق، لقد أنهيت علاقتي
بعائلتي بسبب هذه الزيجة ولن أدعك أنت تقف بطريقي هل تفهم؟!".
"لكن مالك لا يس..."
اقتربت منه وتحدثت من بين أسناني
"لا شأن لك أبدا بحالة مالك التي أعلمها جيدا وأعلم
ما يستطيع وما لا يستطيع فعله أقدر كل العقبات التي سوف نواجهها، لا شأن لك بنا هل
تفهم هذا؟!".
عاد للخلف بعينين متسعتين
"هل وافق مهند على هذه الزيجة؟".
"أجل".
صرخ بوجهي
"مستحيل!".
"اليوم فقط وافق، لازال هناك أبي لكن مهند سوف
يقنعه أنا أكيده من هذا".
جحظت عيناه بشدة للخارج وسأل بغباء
"هل أنتِ جميلة أخت مهند الخولي الذي يسكن بعد عدة
بنايات من هنا؟ أم أختلط علي الأمر بشيء ما هنا لا أعلمه؟!".
التفت إلى مالك الذي يحمل أكواب الشاي وأخذت كوبي منه
بابتسامة صغيرة كي أزيح خوفه عنه وارتشفت رشفة صغيرة منه وهو يراقبني
"الشاي خاصتك رائع كعادته مالك، أتعلم ما ينقصه؟".
رمش بعيونه بحرج
"ل لقد وضعت ملعقتان من السكر، هل أزيده؟".
ابتسمت له
"لا أنه ممتاز لكن ينقصه شطائر العم فتحي ما رأيك
بالذهاب إلى هناك، لي أيام لم أتناول شيء".
هز رأسه بابتسامة البريئة الجميلة، وسرنا إلى جوار بعضنا
البعض حاملين أكواب الشاي في الشارع تحت أنظار أخيه المستغربة بشدة .. لكل شيء!.
***
ما حدث بالمنزل كان كارثة بكل المقاييس المتعارف عليها،
ثار أبي لموافقة مهند ولكن أخي أصر على قراره، وبعد عناء بالغ وافق أبي على مضض
فقط كي يعود مهند لعملة، لكنه أراد قطع رقبتي .. نظراته لي كانت تقدح شر صافي ..
شر لو سمح له بالخروج لدمر الكرة الأرضية، لم استطع النظر بوجه مهند وهو الأخر لم
يستطع النظر لي، لم تحضر إلينا أي شيء يخصني وزوجها حينما علم أنهال عليها بالرفض
والتعليقات السيئة حتى أنه أتي إلى والدي وتذمر بشدة ولكن مهند أوقفه عند حده، ولم
يستطع قول أي شيء لي ببساطه كان يخشى الوقوف أمامي بعد حركتي الظريفة له!.
أتي كل من والد مالك وأخيه سمير لقراءة الفاتحة وبدا
والده رافض لتلك الزيجة كل الرفض وقد أخبرني مالك بذلك دون مواربة، الجميع كان يشك
بي.. أهل مالك يشكون أني أستغله بشكل أو بأخر، وأهلي يظنون أنني أنتقم، وكل منهم
لا يهم الصراحة فقط مالك من يهم أمره ولا أحد آخر بهذا العالم كله!.
لم يرفع أحد يده لقراءة الفاتحة غيري أنا ومالك ولم
يتحدث أحد تقريبا غير سمير، مهند كان يهز رأسه بين الحين والآخر فقط، وأبي كان
أسود الوجه ينظر إلى أي مكان عدا وجوههم!.
أخذني سمير بالسيارة مع مالك بعد أن قرانا الفاتحة لشراء
الشبكة ولم يأت أحد معي أبي وأمي رافضون تماما وإلينا تبرأت مني ولم تأتي للمنزل
بالأساس.
وبالمحل وقفت إلى جوار مالك، كان يشعر بحرج مني أما أنا
فلا لم أشعر بأي حرج بل كنت سعيدة ومنفتحة على عكسه تماما.
"أختر لي أنت اشعر بالحيرة".
نظر لي وارتسمت السعادة على وجه بشدة
"حقا!".
"أجل أشعر بحيرة كبيرة".
نظر إلى خواتم الزواج المعروضة أمامنا بحيرة كبيرة
وسألني وعيناه لم تنزاح عن المعروضات
"تفضلين شيء خاص بها؟".
"أمم، أن تكون عملية ولا تضايق يدي أثناء الطبخ، لا
أحب خلعها أثناء العمل".
ابتسم لي بشدة عندما أخبرته بذلك وأختار لي ثلاث دبل كل
منهن أحلى من الأخرى "جعلت الأمور أصعب!".
توتر
"ه هل هم سيئون؟!".
"لا على العكس، رائعون أختر أجمل واحدة".
أختار واحدة منهم والابتسامة تشق وجهه بسعادة بالغة،
حسنا لا أعلم.. كل ما هنالك هو أنه حينما يبتسم مالك تزداد ضربات قلبي ازدياد لذيذ
يبعث بدفعة لطيفه من الأدرنالين لدمي.
أختار الدبلة بحرج وأعطاها لي ونظراته كلها تساؤل
ولكنها كانت رائعة بحق، ارتديت الدبلة وكانت مناسبة
تماما لحجم إصبعي
"أحببتها أنها مناسبة تماما لي".
خلعتها بهدوء ووضعتها في كف مالك كان خشن وجاف لكنني لم
أمانع، لابد أنه جاف هكذا لكثرة عمله بالأخشاب وتخيلتني أفركها له بالمرطب كل يوم
بعد عمله الشاق.
أفقت من خيالاتي على صوت مالك المتحمس
بعدما أخذ الخاتم منى لفه بيده أكثر من مرة يتفحصه ومن
ثم وضعه على الزجاج أمام البائع وأشار بحماسه بالغة بإصبعه
"ن نريد هذا الخاتم".
هز البائع رأسه وأخرج لنا مجموعة أخرى من الخواتم
المزدوجة فرفعت رأسي لمالك
"حسنا أختار أنت ذوقك يعجبني كثيرا".
تحمس جدا وأخذ يدقق النظر بشدة بكل مجموعة على السواء كي
يختار لي أفضل شيء وهذا الأمر أسعدني كثيرا، أسعدني أنه يريد الأفضل لي وأسعدني لسعادته،
مجرد وثوقي بذوقه الخاص أشعرة بثقة بالغه يبدوا أنه محروم منها، مثلي تماما.
انتبهت لصوت تأنيب سمير لشخص ما لحضوره المتأخر ورد
الآخر عليه بلا مبالاة قاتله!، تعرفت عليه على الفور، أنه الأخ الثاني لمالك لم
أحبه يوما ولم أحبه الآن أيضا!، استغللت فرصة أن مالك يدفن رأسه بين المعروضات كي
يختار لي أفضل وأجمل خواتم مزدوجة، وانتبهت لهم ولحديثهم الخاص.
"ما هذا الغباء الذي تفعله يا سمير تلك الفتاة
تستغله بالتأكيد وأنت تعلم جيدا أن أخيك لا يصلح للزواج، ما الذي تفعله بالله
عليك؟ عدة أشهر وسوف تطلب الطلاق لقد أنقذنا الموقف المرة الماضية لأن الفتاة
فقيرة، تلك سوف تهد المنزل فوق رؤوسنا!".
اتسعت حدقتاي ونظرت إلى مالك المنحني بشدة يبحث عن ضالته
بتركيز مبالغ فيه!.
"مالك".
رفع رأسه لي
"فقط ..عدة
.. دقائق أ أخرى وأ أجده".
وانحنى مرة أخرى
بسرعة يبحث بهمه، أمسكت بذراعه وأوقفته عن البحث وسحبته بلطف بعيدا عن الصائغ
معتذرة بعيني منه
"مالك هل تزوجت من قبل؟".
طارت كل الحماسة من وجهه وسكن الحزن البالغ وجهه بسرعة
كبيرة وهز رأسه موافق ومن ثم أحنى رأسه للأسفل بخجل.
"مالك لا بأس بذلك لم تفعل شيء سيء لكل هذا الحزن!،
لمَ لم تخبرني فقط؟".
منذ أن تبادلت معه أرقام الهواتف ونحن نتحدث كل ليلة
وعلمت الكثير من الأشياء عنه، لكنه لم يأتي أبدا على ذكر أنه تزوج من قبل!.
توتر بشدة وأزداد تلعثمه وقد لاحظت ذلك بمالك كلما توتر
كلما زاد تلعثم كلامه
"ل لقد.. ظ ننتك.. ت تعلمين".
هززت رأسي بإحباط كنت أظنني أول فتاة بحياة مالك
"لا بأس لكن هل لي أن أعلم لمَ طلقتها؟".
التفت رأسه بعيدا عني وقد تبدل إلى شخص آخر مثقل بالهموم
غير ذلك المتحمس منذ قليل وندمت أنني نكأت جرحه
"لم أقصد أن أضايقك أبدا، فقط أردت أن أعرف
السبب".
تحركت تفاحة آدم خاصته بحركة عصبية
" إ إنها طلبت الطلاق.. لأنني .. بسيط .. العقل ..
وبليد".
ونظر بعيدا عني، تلك البلهاء ألم تكن تعلم بحالته
مسبقا؟!، كي تجرحه بهذا الشكل لابد وأنها استغلته، لهذا عائلته رافضة لي يظنوني
مستغله مثلها وضحت الأمور الآن بشدة لي.
ربت على ذراعه
"لا بأس بذلك يا مالك خسارتها مكسبي".
ابتسمت له لكنه لم يفهم كلامي من نظرته الحائرة اقتربت
منه أكثر وابتسمت بمكر له
"لو لم تتركك لما وقفنا أنا وأنت هنا الآن نختار
تلك الخواتم الجميلة".
ابتسم سريعا وبدا عليه الحرج، وضحكت أنا بشدة يفترض بي
أن أشعر ولو بذرّة حرج لكن مالك كان يشعر بالحرج والخجل نيابة عن كلينا!، وأضحكني
هذا بشدة وابتسم هو الآخر لضحكي وأشار بتردد بالغ نحو الخواتم
"هل هل لازلت ..ت تريدين ..الخاتم؟!".
"بالطبع لازلت أريد الخاتم، وليس أي خاتم؟ أريد
الأفضل".
هز رأسه بحماسة كبيرة وذهب سريعا يبحث بهمه أكبر من
سابقتها وأضحكني هذا كثيرا، يا له من شاب جميل، وقد كان متأنق اليوم بشدة وبدا
وسيم للغاية يرتدي سروال من الجينز ويدخل قميص لبني اللون به ويرتدي فوقه سترة من
الأزرق الغامق، وساعة يده كانت كبيرة ولا معه وعطرة هو الآخر كان أخاذ، لم أعتاد
على مالك في تلك الهيئة أبدا فدائما ما كنت أراه في قمصان قطنية عادية جدا بل
ومهلهلة أحيانا لكثرة العمل بها، وغالبا ما كانت تفوح منه رائحة العرق لإنهاكه
بالعمل.
وضعت يدي علي خدي أتأمله بهيام في حلته الجديدة
"تبدو رائع اليوم، ملابسك راقية جدا".
تحركت عيناه بتوتر في الاتجاهين ورفع رأسه عن المعروضات
ونظر لي بحيرة ومن ثم رفع سبابته ببراءة يشير نحو نفسه بشك، فهززت رأسي له بهيام
وأنا على حالي أستند على كفي
"وهل سوف أتزوج رجل آخر؟، بالطبع أنت".
أحمر وجهه بشدة وأخفى بسمته بالنظر إلى الناحية الأخرى
مني، حسنا لقد تحرشت بخطيبي للتو ما الذي يحدث هنا؟!، تنحنحت ووقفت معتدلة ونظرت
أمامي وتركت له مهمة البحث بعد أن تشوش تفكيره، لكن الخواتم التي آتى لي بها كانت
جميلة وتناسبني فقبلت بها على الفور، أخرج الصائغ مجموعة من الأساور الذهبية
اللامعة، فابتسمت له عندما نظر لي بحماسة شديدة ينتظر مني أن أجعله يختار.
"حسنا أختار لي ما يليق بما اختارته سابقا".
فرح كثيرا وأنحني يبحث في الأساور ويخرجها واحدة تلو
الأخرى يتلمس نقوشها بيده الخشنة ولكن استرعى انتباهي زمجرة سمير الهامسة بأخيه.
"جميلة ليست مثل الأولي لا تحتاج نقوده في شيء، دع
أخيك وشأنه!".
حسنا هل يظن أمير أنني أتزوج من مالك لأجل ماله، هذا اتهام
جديد من باب التغير على الأقل!!.
رفع مالك رأسه أخيرا فرح باختياره بشدة وقدمها لي
"ه هذه هي".
وضعتها حول معصمي وأغلقتها ومن ثم بعدت يدي في محيط نظري
ووجدتها تليق بي كثيرا فالتفت له بابتسامة عذبه
" أنها ممتازة مالك ذوقك ذوق فنان حقيقي".
أحمرت أذناه بشدة من الحرج ولكن بسمته الطفولية شقت
شفتيه بسرعة لكلماتي، وأخذت عهد بيني وبين نفسي أن أسعد مالك طوال عمري وأن أشعرة
بالثقة والسعادة التي حرمت منها فقط لأرى تلك البسمة الجميلة ترتسم على وجهه.
***
عندما كنا بالسيارة همس مالك بشيء لأخيه فهز سمير رأسه
له يوافقه وغير مسار طريقة، كنت جالسة بالخلف أحمل العلبة التي بها الذهب على قدمي
وأفكر بالحاجيات خاصتي التي علي شرائها، لا وقت مطلقا لدي فالاتفاق أن عقد القرآن
بعد أسبوعين ولا يوجد فرح مجرد عقد قران لن يحضره أحد بالطبع لكنني لا أهتم ولو
لذرة من ذلك كل ما أريده أن أكون مع مالك في أقرب فرصة.
أخذنا سمير إلى مطعم راق وتركنا بعد أن أخبرني بأنه سوف
يجري اتصالاته من اجل العمال لتجديد ألوان الشقة هززت رأسي وتركنا وحدنا ثم عاد
بعد عدة خطوات وهمس لي
"مالك يرتبك من الأماكن الجديدة ولا يجيد التعامل
مع النادل".
رمشت له بعيني أطمئنه بأن لا بأس وذهب سريعا
بالفعل مالك كان يجلس بتوتر بالغ، ويتلفت حوله بضيق في
المكان، أتي النادل وأعطى كل منا قائمة بالطعام وأنار الشمعة الموجودة على الطاولة
وحرج مالك يزداد، يتلفت حوله وكأنه يبحث عن أخيه الأكبر.
فابتسمت له أزيح عنه حرجة
"لقد اخترت لي الشبكة، ما رأيك بأن أختار لك
الطعام؟".
تنهد براحة وأغلق القائمة على الفور وهز رأسه بسرعة لي
موافق
قررت ألا أطلب أشياء معقدة كي لا يرتبك مع أدوات المائدة
سلطة وحساء والدجاج بدلا من السمك أو اللحم كي يسهل التعامل معهم ومن ثم تركت
الكرسي خاصتي وجلست إلى جواره أشاوره بما أختار وأعرف أي نوع حساء يفضل، أختار معي
وشعرت بسعادة بالغة رغم تفاهة هذا الشيء.
نظرت للأعلى أحدثه بجدية
"أتمنى أن تكون حياتنا هكذا دائما يا مالك أن
نتشاور بكل شيء ونختار سويا مهما كان هذا الشيء سخيف، كل منا يجيد أشياء لا يجيدها
الآخر".
أنطفأ شيء بعينة جعلني أوضح كلامي أكثر له فرقت نبرتي
وتحولت إلى الحنان الممزوج بالدلال
"يعني مثلا أنا أجيد الطهي والكي وتنظيف المنزل،
بينما أنت تجيد النجارة والحفر على الخشب ببراعة، وصناعة الأثاث والتحف الفنية
وبالتالي سوف تعيل المنزل الذي أنظفه أنا".
وأشرت على كل منا
"وهكذا يكمل كل منا الآخر فكل منا له عمله الخاص
الذي يجيده و معا نحن أفضل، ألا تفضل ذلك".
سألته هامسة
أزدرد لعابة على مهل ولم يشح بعينه ولو لوهلة عن عيني وأذابت
قلبي هذه الحركة كثيرا فهذا الشيء وهذا الاتصال لم يحدث لي من قبل قط.
"لا لا أ أحب أن أكون وحيدا، .. أ أحب أن نفعل
الأشياء سويا".
ابتسمت له بشدة وهو الآخر ابتسم لي، حضر النادل وأخبرته بالأطباق
التي سوف نطلبها ومن ثم التفت إلية مرة أخرى وهمست
"إذا كل منا يكمل الآخر".
همس هو الآخر بنبرة حنونة
"كل منا يكمل الآخر".
سرى دفء لذيذ بداخل جسدي، دفء لم أشعر به من قبل جعل
الحماسة تدب في من جديد وكأنني عدت إلى الفتاة الحالمة بالثامنة عشرة، أتيت
بالعلبة التي تحتوي على الشبكة من حقيبتي وعدت إلى جواره وفتحتها بفرح وابتسمت له.
"أريدك أن تلبسني إياها الآن لا معنى لانتظارنا إلى
عقد القران".
سعد كثيرا وأخرج الخواتم وبيد مرتعشة ألبسني إياها قطعة
تلو الأخرى، خجله هذا أذاب قلبي كثيرا وجعلني أشعر بشعور لذيذ تلك الفراشات
العابثة عادت لبطني مرة أخرى!.
تأملتها بيدي بإعجاب وأخرجت الخاتم الفضي خاصته، وألبسته
إياه ومن ثم مازحته
"لا تخلعها من يدك كي لا تعاكسك الفتيات هل هذا
مفهوم؟ ولا خروج من المنزل دون أخذ إذن مني".
وضع يده على فمه يكتم ضحكه كبيرة خرجت منه حالما تحدثت
معه بذلك الأسلوب العابث وضحكت أنا الأخرى لضحكته الرائعة، ما بين النظرات المتبادلة
بيننا والهمس عن مستقبلنا معا أتي الطعام أخيرا فاضطررت إلى الجلوس إلى مكاني.
وحالما عدت للكرسي وخرجت من تلك الهالة الحالمة التي لم
أدلف لها من قبل قط، ارتبكت الأمور كلها فوق رأسي، كيف لي أن أجهز نفسي بأسبوعين
فقط؟!، هناك الكثير من الأشياء التي علي شرائها وفعلها وحدي تماما، صحيح أنني انتصرت
بالحرب لكن تلك المعارك التي خضتها تركتني وحيدة تماما، أثناء تذوقي للحساء تذكرت
محل كنت أمر به دائما يعرض ملابس للنوم حريرية مذهله وراقية جدا، رأيت به قميصان
باللون الأحمر الناري وأعجبت بهم كثيرا لكنني رفضت صرف النقود على شيء لن أحتاجه
مطلقا، تنهدت بحيرة وأنا أشرب الحساء تحت أنظار مالك أي واحد علي الشراء.
القصير؟ أم الأقصر منه؟!، ارتفعت أنظاري عن الطعام لأجد
مالك يراقبني وابتسامة صغيرة على فمه فتفجرت الفراشات تركض ببطني
"ترى أي واحد سوف يعجب به مالك وهل يحب اللون
الأحمر؟".
نهاية الفصل.