رواية ليس زوجي المعاق الجزء الثاني
(مالك القلب)
الفصل الثالث
خرج سريعا من الغرفة بعد أن تذكر موعد هام فجأة!، صفقت
بيدي المتسخة مرة أخرى وأنا ارسم أكثر ابتسامتي جاذبية
"سعيدة جدا
بهذا اللقاء أراك على خير".
لم يبدوا عليه أي سعادة وهو يهز برأسه بهسترية، ولا أعلم
لمَ؟!!.
ودعه والداي بينما ذهبت لغسل يدي وخلع حجابي سريعا
واتجهت أمي نحوي فور خروجه.
"جميلة ما رأيك به ولا تخبريني عيب واحد أنه بلا
خطأ هل ارتاح معك؟".
وجدت أبي عائد يسير ببطيء واضع كل من يديه بجيبه يتحداني
بنظراته الثاقبة أن أذكر بهذا المثالي عيب واحد!.
"لمَ ذهب سريعا بهذا الشكل؟".
لم تخيفيني لهجته الباردة
"يبدو أن لديه موعد هام أتطلع حقا للقائنا القادم أنه رجل
ممتاز وصاحب مركز مرموق".
تلمست ذراع أمي برجاء وهمي
"دعواتك لي يا أمي العزيزة".
ومن ثم استأذنت ودلفت إلى غرفتي.
ثلاث دقائق ورن هاتفي وتحدث مهند وهو يزفر
"تأخرت بالاجتماع الغبي ولم استطع الحضور ما الذي
حدث؟".
"ما الذي حدث؟ .. تعرف مسبقا إذا، وإلا كنت سألت
إذا ما كان أعجبني أم لا؟!".
زفر مرة أخرى بملل وصوت تقليبه في الأوراق التي يوقعها
واضح، أكيدة من أن سماعه الهاتف بأذنه كي يستمع لي وتكون يديه حرة للتواقيع والعمل
خاصته الذي لا ينتهي.
أمتعض فكه وزم شفتيه بصوت أحفظه عن ظهر قلب
"تعلمين
المثل الشعبي الذي تردده والدتنا كلما أتت سيرة عماتي
(الحدايه مبتحدفش كتاكيت!) وكذلك آسر لن يهدينا زنبقة
سوداء!".
ونظر أمامه إلى الملف الذي وصله متأخر عن وضع الطبيب
المرموق
سألني
بنزق
"باختصار شديد جميلة ما الذي حدث لدي أطنان
من الورق الغبي المحتاج إلى التوقيع".
"حسنا باختصار شديد لنقل أن ما فعلته كفيل بجعل إنسان
طبيعي يذهب بلا عوده ما بالك بمصاب بوسواس قهري للنظافة!".
صوت ترك القلم على مكتبه الزجاجي أخترق أذني
"الوسواس القهري للنظافة؟ لهذا جمع آسر بينكم!".
أشرت له ألوح بحذر وكأنه يراني
"مهند أنا لست مصابه بوسواس قهري للنظافة، أنا فقط
أحب النظافة كثيرا، هناك فرق شاسع بيننا، حبا بالله لقد تعامل مع الذبابة وكأنها
تنين مجنح!".
صدر عنه صوت ضحكه مسليه
"اووو يبدو
هذا ممتع".
هززت رأسي بدرامية
"أجل أجل،
كما أن لدية هوس خاص بأولاده، لوجي لديها حساسية من اللاكتوز ويامن لدية حساسية من
الشمس وظل يمدني بمعلومات عن تاريخهم الطبي وكميه الأغراض التي يتحسسوا منها الغير
طبيعية بالمرة، يريد مربية لأبنائه خارقة الذكاء والبديهة كي تحفظ كميه التعليمات
الغير طبيعية التي ذكرها عن تاريخهم الطبي ولم يسعه الوقت لذكر شيء عن اهتماماتهم
تخيل فقط لو كان تحدث عن ذلك؟!".
عاد صوت القلم وخربشة الأوراق مرة أخرى
"هكذا إذا،
آسر يعلم بالتأكيد".
اتسعت حدقتاي
"صدقني كل من رأى هذا الرجل يوما ما بالتأكيد يعلم
وإلا لمَ لم يجد زوجه بمجتمعه المخملي؟!".
تنهدت واستلقيت
على السرير بظهري،
"أخبرك بالحقيقية مهند؟".
تبدلت نبرته إلى أخرى حنونة تخصني وحدي، تخص صغيرته
الأولى
"بالتأكيد".
"أنه رجل رائع، يحب أطفاله ويريد لهم أعلى المناصب
حتى وإن كانت طريقته خاطئة إلا أنه يهتم لهم على الأقل، وبالنسبة إلى نجاح مركزة الساحق
أن يولي أطفاله كل هذا الاهتمام لهو شيء رائع".
"لمَ الرفض إذا؟".
دخل الحزن إلى صوتي رغم محاولتي إخفائه بشدة
"لازال يحب زوجته".
"ماذا؟!".
"لازالت صورها بهاتفه، وعندما أعدت الهاتف له ظل
يراقب صورتها لدقيقة كاملة دون أن يعي، وكلما ذَكر أسمها يخصها بنبرة معينه، نبرة
أخبرتني بأنه لازال يكن لها المشاعر، وأعتقد أنها لا تزال تحبه هي الأخرى".
ولوحت بيدي
بجدية
"صدقني لا يوجد هناك امرأة على وجه الكرة الأرضية
تحتمل هذا الرجل عشر سنوات إن لم تكن تعشقه!".
ضرباته بطرف القلم على مكتبة الزجاجي وصوت تنهده، حزنت
بشدة لا أريد أن يشغل باله بشيء، مهند يحمل الكثير من الأشياء على ظهره لا أريد أن
أثقل عليه ولكن رغم عني انفلت لساني وندمت بشدة على ذلك.
"هل نال الترقية خاصته؟".
تأوه مهند مستنكر بشدة
"جميلة جميلة كفي عن هذا، لا داعي لإيلام نفسك بهذا
الشكل يوما ما سوف تجدين من تكملي حياتك معه بسعادة أنا أكيد من ذلك كفي عن
التفكير بالماضي".
"يصعب علي الشعور بمثل هذا الأمل، مر ست سنوات
مهند".
استغفر مهند بشدة وجلست أنا أمسح دموعي
"لا عليك أراك لاحقا أخي، أرسل تحياتي ل كارمن
والأولاد ودعا".
تنهد بإحباط "ودعا جميلة".
ارتميت بظهري على السرير بقوة مرة أخرى ولم تنجح مقاومتي
لعدة دقائق، فتحت الهاتف وبحثت عنه لقد حذفني هو وعائلته من جميع حسابات وسائل
التواصل لكن لدي حساب وهمي ادخل به كل مدة، بيد مرتعشة دلفت إلى حساب زوجته
الجميلة تحتضن صغيرة بارعة الجمال تحتفل بعيد ميلادها الأول وهو يحتضن صغير ذو شعر
بني لامع قطعه صغيرة منه لطالما تخيلت أبننا بهذا الشكل لكنه أجمل فهو أخذ عيون
والدته الخضراء، سوف يفطر الكثير من القلوب لاحقا أكيده من هذا.
تلمست الشاشة بحزن والدموع تنساب على كل من وجنتاي
"ها قد نلت كل ما تريد يا كامل".
***
"أشعر بشيء حاد يمزق صدري كلما رأيته سعيد معها، هل
هذا يجعل مني إنسانة سيئة؟".
كان الألم كبير على وجهها
"ليس بالضرورة سيدة جميلة".
هزت رأسها بعذاب بالغ
"لم أحب يوما أن أكون حقودة لكن لم أكن أتحكم بحزني
وقتها مطلقا، صدقني لقد حاولت ولكنني فشلت".
أعتدل بجلسته وأستند على مكتبة
"العلاقة بينك وبين مهند كيف هي؟".
التفتت له لمَ لم يجاوبها على سؤالها؟
هزت رأسها
"جيدة".
هز يده بلا
"جيدة .. أمم أشعر بأن بينكم شيء خاص .. شيء مميز،
هل يمكن أن تحدثيني عنه؟".
أغمضت عيونها تغوص إلي أعماقها وهمست تجاوبه
"الذنب".
هز رأسه مستفهم
"عفوا؟".
فهمست بتعب أكبر
"يشعر نحوي بالذنب".
"فسري أكثر رجاءا مدام جميلة".
دلكت جبينها بألم وهزت رأسها بلا
"هل تصدقني إذا ما أخبرتك بأنني لا أعلم، أتذكر تلك
الومضات لكن لا أعلم لمَ يعاملني مهند باختلاف عنهم ولا تفهمني بطريقة خاطئة رجاءا
فأنا ممتنة له، لكن لم أعلم أن كان يحبني أم يشعر بالشفقة علي".
"حدثيني عن تلك الومضات إن لم تمانعي".
هزت رأسها موافقة وألقت برأسها للخلف وأغمضت عيونها
تتذكر أول ومضة
***
ركضت إلى غرفتي أبكي بشدة لا أتذكر السبب تماما لكن
أعتقد بسبب رفض أطفال العائلة ذهابي معهم للخارج، لم يتعاون أي منهم مع جسدي السمين،
وشعرت بكفه العملاق يربت علي
"ما بك جميلة؟".
"الجميع سوف يخرج ولا أحد يريدني معه وأخبرتني رجاء
بأنني سوف التصق بكرسي قاعة السينما ولن أذهب معهم".
تنهد بشدة وهو
يمسح كل من وجنتاي ودموعي التي لا تنقطع
تتالت شهقاتي.
"وسمعتها تخبر سالي بأنني سمينه ولن يسمحوا لي
بركوب أي لعبة في مدينة الملاهي".
ضمني له وربت علي كثيرا
"هوني عليك أنها تقول ذلك لإغاظتك ليس إلا"،
فركت عيوني بشدة
"أريد الخروج خذني معك يا مهند أرجوك حتى إلينا لا تريد
أخذي معها".
تنهد بإحباط
"سوف أخرج مع شباب العائلة لن تستمتعي مطلقا كفي عن
البكاء أعدك بالخروج معك قريبا".
سألته بلهفة
"غدا".
هز رأسه بلا
"اليوم هو فرصتي الوحيدة للخروج، أن اختبارات
الثانوية العامة اقتربت، لكن أعدك بالذهاب بعد الامتحانات إلى مدينة الملاهي يوم
كامل أنا وأنت فقط".
تنهدت بإحباط بالغ لن اخرج بالعيد مثل كل الصغار
"لمَ لا يريدني أحد معه حتى أبي أخبرني بأنه لن
يسير معي وأنا بهذا الجسم".
رفع شفتاي المقوستان بإصبعية
"مشكلتك يا صغيرة أنك بالعائلة الخطأ، بمكان آخر
لكنت ورده متفتحة تلقي برحيقها على الجميع".
فرغت فمي بغباء
"ها!".
قبل جبيني وأخرج حلوى من جيبه وأعطاها لي وهمس
"هيا بسرعة
قبل أن يراكِ أبي".
عضضت شفتاي بحماسة والتهمتها بفرح فأبي يمنع عني الحلوى
كي لا يزداد وزني وأنا أعشقها كثيرا رفعت رأسي له "شكرا مهند" فرك رأسي
"علي الذهاب الآن كوني فتاة عاقلة وسوف أتي لكِ
بالكثير من الحلوى وأقلام التلوين اتفقنا؟".
هززت رأسي له موافقة.
***
كنت منهارة من البكاء كبرت وكبر جسدي وفهمت نظرات أبي
البائسة دائما نحوي، كانت أمي حنونة تربت علي وتضمني دائما لكنه لم يكن راضي عني
وبخني كثيرا بسبب درجاتي وما زاد الأمر سوء لدي رغبة أمي بارتدائي الحجاب رغم أنها
لم ترتدي الحجاب إلا من عدة أشهر لا لشيء إلا لتوفير نقود صالون التجميل وتريد فعل
نفس الشيء معي، كان انفجاري عظيم وذهبت إلى غرفة مهند كي أبكي لأن إلينا طردتني من
غرفتي لصوت بكائي الشنيع.
دلف مهند مرهق إلى الغرفة ليجدني أبكي بكاء حار على
سريرة
"ماذا الآن جميلة؟".
تتالت شهقاتي بقوة
"أمي
تريدني أن ارتدي الحجاب".
أستنكر بشدة "ماذا؟، لمَ".
"لا تريد أن تمشط لي شعري المجعد مرة أخرى، وتريد
توفير نقود صالون التجميل".
وغطيت وجهي أبكي
بحرقة
"حسنا حسنا اهدئي رجاءا".
خرج مهند ل أمي وأنا في ذيله هو الوحيد الذي سوف يأتي لي
بحقي في هذا المنزل!.
"أمي هل صحيح ما تقوله جميلة؟ تريدينها أن ترتدي
الحجاب؟".
تنهدت بشدة
"مهند لا جدال لدي في هذا الموضوع مصاريف جامعتك
أنت وإلينا تستهلك كل قرش بالمنزل لا يمكننا تحمل كلفه صالون التجميل بعد
الآن".
"حسنا رتبي أنتِ لها شعرها".
رفعت ذراعيها بألم
"أنه يستغرق ساعات يا مهند لم يعد بإمكاني فعل هذا مطلقا
لم يعد لدي الصحة أو الوقت لذلك".
ضربت الأرض بقدمي الضخمة
"لكن إلينا أكبر مني بسبع سنوات ولا ترتدي الحجاب
ولا أحد بالعائلة كلها يفعل!، ولا أحد بالفصل خاصتي، سوف أكون أنا الوحيدة التي
ترتدي الحجاب!".
أنهرت بالبكاء والصراخ وخرج أبي بغضب من غرفته
"ولا أحد بالعائلة كلها يأتي بدرجاتك الفاشلة لمَ
لم تقارني نفسك بهم؟!".
تذمرت ببكاء
"درجاتي ليست سيئة يا أبي ينقصني ست درجات فقط عن
الدرجة الكاملة!".
صفق بيديه بغضب بالغ
"من أي طينه أنت؟ لم ينقص أخوتك ست درجات بحياتهم
كلها، وفقدتهم أنت بفصل دراسي واحد ألا تشعرين بالخجل حتى!".
صفق مرة أخرى بعجب
"كيف تشعرين بشيء من الأساس بين طيات هذه الشحوم
كلها لو كان لديك أي إحساس أو إرادة لتوقفت عن التفكير بالطعام وقمت بالاجتهاد بمذاكرتك
أكثر".
ركضت نحو غرفتي أبكي بقوة وسمعت مهند يلومه بعتب
"أبي لقد
أخبرنا الطبيب أنها الهرمونات خاصتها الكميات التي تأكلها جملية لا تسبب كل هذه
السمنة الأمر خارج عن سيطرتها!".
صفقت الباب بقوة ما يفعله مهند عبث لن يستمع أحد لي زفرت
إلينا وأغلقت كتابها بعنف
"الم أخبرك بألا تبكي هنا؟!".
بكيت أكثر حتى كادت أنفاسي أن تذهب مني فركضت إلينا نحوي
تربت علي
"كفي عن البكاء سوف تمرضين".
بتقطع شديد رجوتها
"سا عدي ني
أرجو كي".
دلف مهند يغلق الباب خلفه وعلى وجهه علامة خسارته
للمعركة بكيت أكثر وأكثر أخذت تربت علي بشدة
"ماذا هناك يا مهند؟ لمَ تبكي بهذا الشكل؟".
تحدث بخيبة أمل
"أمك تريدها أن ترتدي الحجاب".
شهقت إلينا
"ما هذا التخلف أنها لم تتخطى الابتدائية؟!".
"لا تستطيع تحمل كلفة الصالون مرتين أسبوعيا".
نظر الاثنان إلى شعري المجعد الملبد بخيبة أمل، جاء مهند
وربت علي
"سوف أرتبه
أنا لا تحزني".
حاول مهند تحريك
المشط به لكنه لم يفلح لقد كان ملبد للغاية!.
"حسنا إلينا يمكنك أنت تصفيفه".
رفعت يدها وكأن الكهرباء صعقتها
"مستحيل
مهند أنه يستغرق ساعات وبعدها سوف تتكسر يداي ولن أستطيع المذاكرة من أين لي
بالطاقة أو الوقت لذلك؟!".
عقد مهند معها صفقة بشراء فستان كانت تريده هي بشدة
ورتبت لي شعري بالفعل مرتين كان الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لها فشعرها حريري ولم
تكن لديها أي خبرة في طرق التنعيم والتصفيف، كما وأن سنوات وسنوات من الحرارة
المباشرة على شعري أفقدته لمعته ورونقه الطبيعي الذي يتمتع به الشعر الأفريقي،
فأصبح باهت وضعيف ومتكسر منظرة كان سخيف للغاية واضطررت في النهاية إلى ارتداءه
وليس عن حب واقتناع مثل أقراني اللاتي ارتدين الحجاب عندما بلغوا الحلم بل لإخفاء
شعري الخشن أسفله ليس إلا.
***
"لا تذهب يا مهند أرجوك لا تسافر رجاءا".
رجوته بشدة وأنا
أتمسك به، إلينا تخفي عيونها الدامعة وأمي تخبئ وجهها بمنديل وتبكي بشدة أما أنا
تمسكت به بكل قوتي، سوف أموت إن ذهب وتركني وحدي بهذا المنزل!.
تنحنح والدي وأبعدني عنه ولكن مهند أنحنى نحوي وقبل رأسي
"سوف يكون
كل شيء علي ما يرام، راسليني كل يوم على الحاسوب بغرفتي مثلما علمتك، لقد.. لقد
زودت الحاسوب بآلة تصوير وسماعات لنتحدث يوميا وكأنني معك هنا لا تقلقي".
تمسكت به أكثر
"لا لا تذهب أرجوك".
"سوف أرسل لك مصروف كبير لشراء كل ما تشتهيه كوني
عاقله وأسمعي كلام وأبي وأمي اتفقنا؟".
"هيا يا بني سوف تتأخر على موعد الطائرة".
ذهب مع أبي وهو
يمسح وجهه بقوة وأنا بكائي وصل إلى النواح والعويل.
***
تمكنت أخيرا من الاتصال به الشاشة سيئة للغاية فالحاسوب
خاصتنا عتيق ولكن لا بأس أنا راضية المهم أن أطمأن عليه، جلست مثل كل يوم بنفس
الموعد أتلهف لرؤية لقد أصبح المنزل جحيم بدونه وأتحاشى أنا الجلوس مع والدي بغرفة
واحدة كي لا نتشاجر سويا.
أخيرا رأيت وجهه ذهب بياضه الناصع الذي ورثة عن والدتي
وأصبح شعرة فاتح أكثر لكثرة وقوفه بالشمس، كان يتصبب عرقا ووجهه أحمر وشاحب بشدة.
سألته بلهفة ممزوجة بألم
"مهند أنت بخير؟".
تكلم بتعب بالغ
"بخير صغيرتي كيف حالك؟".
اقتربت أكثر من الشاشة حتى التصقت بها
"لست بخير أبدا بدونك، هل أنت محموم؟! ما بك؟".
مسح العرق عن وجهه بذراعه
"الحرارة
هنا كالجحيم ومكيف الهواء هذا عتيق بالكاد يفعل شيء!".
"لقد فقدت الكثير من الوزن يا مهند، هل اشتريت
الطعام؟".
كان مرهق بشدة ويتحدث بتعب
"لا يا جميلة لم أقوى على الحراك حتى".
لم يكن هذا مهند
مطلقا لقد كان يائس بشدة.
"ما بك؟ هناك شيء ما بك .. أنت لست أخي أخبرني
أرجوك".
مسح العرق عن جبينه مرة أخرى
"أفكر بالرجوع إلى مصر".
شهقت بسرعة
"حقا!، لمَ؟ ما الذي حدث؟".
"وضعي بالموقع سيء جدا، أعتقد أن هذه أوامر عليا لا
أفهم لمَ يفعل معي هذا، لم أطلب منه هذه الترقية ولم أنظر إلى أبنته إلا عندما
لمحت مباركته بتلك العلاقة أعلم بالفروق بيننا جيدا ولست غبي، لكن وضعي السيئ هنا
يجعلني اشك بكل شيء".
هززت رأسي أخي يحب أبنه صاحب الشركة ولكنه يخشى على كرامته
أكثر من أي شيء حتى لو كلفته قلبه.
"لو كنت مكانه لاختبرتك".
رفع رأسه سريعا لي بعد أن كان محطم
"ماذا؟!".
"فكر بالمنطق مهند، رجل له مكانته وله فتاة وحيدة
سوف ترث كل شيء من بعده لابد وأن هناك الكثير من الوصوليين حاولوا التودد لها،
عليه بالتأكد من مدى جديتك للعمل وأنك لا تتخذ أبنته سلم لحياة أفضل".
أعتدل بجلسته بعد أن كان محبط ومحطم ومرر أصابعه بشعرة
"يا الهي لمَ لم أفكر بذلك من قبل؟".
ابتسم بشدة وابتسمت لي الدنيا كلها
"رجاء يا مهند أذهب لشراء الطعام لم تتناول شيء
البارحة شكلك أصبح مخيف لقد فقدت الكثير من الوزن".
"حسنا يا جميلة لأجل عيونك ولأجل هذا الأمل سوف
أذهب تدللي واطلبي أي شيء الآن وهو لك".
هززت رأسي نافية
"لا أريد سوى عودتك سالما لي مرة أخرى".
"ما الذي فعلته بالنقود التي أرسلتها لك؟"
ابتلعت الغصة
بداخلي وابتسمت له
"اشتريت كل الأشياء التي كنت أريدها لا حرمني الله
منك يا أخي".
أقترب مهند أكثر من الشاشة
"جميلة ما بك لمَ تغير صوتك؟".
دلفت أمي وهللت بحب عندما رأته
"يا فلذة كبدي كيف حالك لمَ لا تأكل جيدا يا عيون
أمك؟".
"أنا بخير أمي هل أعطي والدي كل من إلينا وجميلة
المصروف خاصتهم؟".
نظرت بآسي إلى الأسفل ولم تكذب أمي عليه
"حسنا لقد أعطى المال إلى إلينا تعلم أنها بالجامعة
وتحتاج إلى الكثير من الملابس والأغراض".
غضب كثيرا
"لقد أكدت عليه بإعطائها المال كي تشتري ما تشتهيه
أمي".
"لا ينقصها شيء يا حبيبي، لقد أحتفظ والدك بالمال
من أجلها لأجل مصاريف الدروس الخاصة التي تأخذها سوف تضيع النقود منها بأشياء
فارغة!".
رسمت بسمة باهته كي لا يغضب مهند أكثر
"لا بأس يا
مهند لا ينقصني شيء حقا".
تنهد بأسي من أمي ودلفت إلينا في تلك اللحظة محمله بالأغراض
الجديدة رفعت الأكياس تريها له وصاحت بمرح
"شكرا مهند".
هز رأسه لها، خرجت أمي وجاءت إلينا للجلوس إلى جواري
"متى سوف ترسل لي علبه أدوات الزينة".
"الشهر القادم ".
رد باقتضاب
"حسنا لا تنسى أسم العلامة التجارية التي أخبرتك
عنها وداعا".
ذهبت إلينا ونظر لي مطولا ثم أخبرني بأنه سوف يذهب لشراء
الطعام وأن أتفقد بريدي الالكتروني الآخر، ودعته وفعلت ما طلبه مني لأجد رسالته
"الشهر القادم سوف أرسل حقيبة زرقاء بها ملابس
وأغراض تخصك وحدك فتشي بها جيدا سوف تجدين المال بجيب خفي، اشتري ما تشتهيه نفسك،
أحبك".
أغمضت عيوني بشدة وأنا ضم يدي إلى صدري
"لا حرمني الله منك".
***
كانت تنحني على نفسها بشدة
"مدام جميلة هل أنتِ بخير؟".
بعد مدة رفعت رأسها بإنهاك
"هل يمكن أن نكتفي بهذا اليوم؟".
"لمَ؟".
"لأنه مؤلم".
"ما المؤلم مدام جميلة؟ فلديك علاقة مميزة للغاية
بأخيك".
"لا استطيع التحدث الآن لكن صدقني من المؤلم تذكر
كل هذا".
لابد وأنها صادقة فلازال هناك ربع ساعة كاملة بتلك
الجلسة لم تكن لتتركها!.
"حسنا مدام جميلة لكننا لم ننتهي من تذكر الومضات
الخاصة بك سوف نكمل الجلسة القادمة".
هزت رأسها بتعب له وخرجت وكالعادة اتجهت ناحية البحر الألم
هذه المرة كان كبير وكأن هناك نصل حاد يخترق صدرها فكان عليها أن تفكر بشيء أخر
شيء سعيد، شيء يخرجها من بؤسها وحزنها لا تريد العودة للمنزل، فأغلقت جفونها على
الذكرى التي ظنتها الأسعد دائما.
***
يوم مشمس ولدي الكثير من الطعام فقررت أعطائه لمالك
فالمسكين لا يتناول سوى الشطائر الجاهزة بكل مرة أذهب إلى هناك أجد بقاياها على
الطاولة، ناولته الطعام وشاهدت ظهر السرير الذي يعمل علية باستمتاع بالغ كان تحفه
فنيه بحق،
"حسنا سوف أذهب هل تريد أي شيء؟".
هز رأسه بلا ولكنه كان متردد كثيرا أكثر من كل مرة
"أخبرني رجاءا إن كنت تحتاج إلى شيء ما لا
تخجل".
نظر حوله بتوتر يمين ويسار ثم أخرج صندوق ملفوف بقماش
مخملي أزرق
وتلعثم أكثر من أي مرة رأيته فيها
"هل .أه هل من ال .."
وناولني الصندوق
وجبينه يتصبب عرقا وحرجا، أنزلت القماش عنه بهدوء لأجد صندوق رائع الحفر، فتحته
وإذا به جملة واحده اخترقتني بشدة وأصابت قلبي بسهم.
"هل تقبلين الزواج بي؟".
شهقت من الصدمة ونظرت إلى مالك غير مصدقة!، رجع إلى
الخلف عندما رأى اتساع عيناي وسألته بصوت شاحب
"هل تطلب الزواج مني مالك؟!".
هز رأسه بلا ورجع إلى الوراء وهو يشير بلا بيد مرتعشة
نظرت للصندوق الرائع مرة أخرى ودمعت عيناي بشدة وسمعته يعتذر بتلعثم بالغ
"أ سف أأ ٍسف ه ها ذا.. هذذا".
رحمته من ارتباكه البالغ وتمتمت والدموع تنهمر من كل
عيناي
"هذا أروع شيء حدث لي من قبل".
واقتربت منه أكثر أتلمس ذراعه الذي يشير بلا بهستيرية كي
يهدأ
"موافقة مالك.. موافقة علي الزواج منك".
تهدلت يده سريعا وتدلى فكه السفلي بشدة فهززت له رأسي
ليتأكد مما سمعه، فسقط أرضا من الصدمة!.
نهاية الفصل الثالث.