ليس زوجي المعاق الجزء الثاني_ الفصل الثامن ج1 بقلم هالة الشاعر

 

ليس زوجي المعاق الجزء الثاني

(مالك القلب)

الفصل الثامن

 

(1)

 

دلفت إلى المكتب دون أي تعبير على وجهها ووضعت الحقيبة الورقية التي تحوي الطعام الخاص بصفقتهم بعيدا، وليس أمامه مثلما اعتادت، ومن ثم اتجهت إلى الكرسي المريح الذي تحب الجلوس علية وأسندت رأسها إلى الخلف وكل من كفيها على مسند الكرسي.

ليس زوجي المعاق الجزء الثاني
ليس زوجي المعاق الجزء الثاني (مالك القلب)


شعر بالحرج ورغم الموقف السيئ الذي وضع به، إلا انه يكتم شبح ابتسامة غادرة كلما تذكر ما حدث لها بليلة زفافها.

حك أنفه حكه وهميه كي يهرب من نظراتها الجامدة التي تركزها عليه بشدة،

"الرائحة رائعة للغاية مدام جميلة، سلمت يداك".

لم تتغير النظر الباردة من على وجهها مقدار أنملة، فتنحنح بحرج

"أسف لمَ بدر مني الجلسة الماضية".

أرتفع حاجبها الأيمن عاليا بمعني ساخر

وكأنها تقول "حقا!!".

لكن فمها البائس المذموم لم يتحرك من مكانه، كل ما تحرك بها كان الحاجب المرفوع بغضب فقط ولا شيء آخر.

ذهب للطعام وحاول ملاطفتها عن مدى أن الرائحة الشهية لن تجعله يركز بالجلسة خاصتها ولن يستطيع صبرا لتناول الطعام بعدها، وبالفعل بدأ بتذوق الطعام طبق تلو الآخر، وما أن فتح الطبق الخاص بالحساء حتى أطلق صفير عالي بإعجاب واضح لمَ رآه.

"يا الهي لم أتذوق الملوخية منذ أن غادرت منزل الوالدة!".

ارتسم المكر في عيونها فور إمساكه بالطبق ومثلما توقعت تماما تخلى عن الآداب العامة للطعام ورفع الطبق إلى فمه دون استخدام الملعقة الملحقة.

ثوان بسيطة وسمعت صراخ حاد بعد أن تجرع جرعة كبيرة من الطبق، لقد أكتشف الحرارة الغير مبررة بالمرة للحساء!.

"هووف هوووف!، من يضع الفلفل الحار بالملوخية!، لما يفعل أحدهم ذلك؟!".

وقفت وذهبت أمامه

"أنهي الطبق".

تلوع ببؤس وهو يلوح على فمه

"لا أطيق الحرارة مطلقا!".

ضربت بكل من كفيها على المكتب بغضب بالغ وتوعدته

"تناوله كله الآن وإلا سوف أحيل حياتك إلى جحيم وأغلق عيادتك البائسة تلك، تألم من الفلفل الحار علك تحترم مشاعر الآخرين قليلا يا عديم الذوق!".

كان التهديد والوعيد بصوتها كبير أخافه

ثم زمجرت بصوت غاضب

"تجرعه الآن!".

فرفع الطبق وأنهاه تماما وهو يتلوى من الحرارة الحارقة للطبق.

هدأت وعادت إلى كرسيها بهدوء مرة أخرى ومن ثم أسندت رأسها وأغمضت عيونها وبدأت بالسرد غير عابئة بهذا الذي يتلوى من الألم أمامها!.

***

ارتديت القميص القصير ولكنني كنت خجله للغاية، لم أتجاوز الباب .. لم أستطع فعل ذلك أمسكت بالمقبض أعتصره بألم ثم تركته وتوجهت إلى السرير وارتميت عليه، ترى لمَ فعل مالك ذلك؟ ولمَ لا يريد النوم بالغرفة ويؤكد على أن الأريكة مكانه!.

نزلت الدموع على كل جانبي وجنتاي خطين بائسين لا ينتهيان

"لمَ يا مالك؟ لمَ.. حتى أنت لا تريديني!، حتى أنت تنفر مني؟!".

أغمضت عيوني بتعب أحاول نفض الذكريات السيئة التي هاجمتني بضراوة بالغة لم يكن هذا الرفض الأول الذي أتعرض له بحياتي ووجودي وحدي ليلة زفافي نكأ جراح الماضي بقسوة ولم أستطع منع نفسي من الغرق في بحر الذكريات المرير.

***

قبل خمس عشرة عاماَ

مهند وأمي يتهامسان بالمطبخ سويا وبدا مهند معترض لمَ تخبره به أمي بشدة وحالما دلفت ركضت نحوه أضمه

"حبيبي ما هذه المفاجأة السارة؟، هل كارمن معك؟".

ضمني بحب وربت على وجنتي

"لا حبيبتي أنا وحدي".

غمزت بمكر

 "الفتيات لا تنفك عن السؤال عنك، لقد تدللت كثيرا بالجامعة منذ أن أتيت واصطحبتني، يغرقنني بالمشروبات والشطائر والهدايا ويسألن عنك كل الأسئلة الموجودة بالسيرة الذاتية الخاصة بالعريس، ويصحن فرحا عندما يعلمن بوظيفتك الرائعة، لكنني لم أخبر أحد منهن بالطبع بأنك عريس جديد لم تتجاوز شهر العسل إلا من أسبوعين".

وغمزت له بمكر، قهقه مهند بتعب وقرص وجنتي

"ألن تكفي عن الشقاوة أبدا!".

"كل هذا الدلال والطعام هل تريد لي أن أرفضه؟!، لن أتجرأ حتى! لقد أصبحت ملكه الجامعة وكل الأضواء مسلطة علي".

ثم أمسكت بكفه وسألته برجاء

"تعال واصطحبني بالغد رجاءا".

زم شفتيه وهز رأسه بلا

"أتخيل الصحف من الآن عريس جديد يقتل بطعنات غادرة بسبب غيرة زوجته".

وهز رأسه بإهمال

"لا شكرا لدي حياة كبيرة أريد أن أحياها جيدا".

تنهدت بخيبة أمل واضحة منه ولكن أمي تدخلت على الفور

"مهند لدية أخبار رائعة لك".

"حقا! ما هي تحدث بسرعة".

تحدثت أمي وبدا أن مهند غير راضي تماما عن حديثها

"هناك عريس سوف يتقدم لك".

اتسعت حدقتاي بشدة وشهقت وعصرت يده وأنا أقفز من الحماسة

"حقا مَن؟ مَن مهند تحدث بسرعة لا يمكنني أخذ أنفاسي!!".

تطوعت أمي مرة أخرى وبدا صمت مهند مريب لكنني لم أفهم ذلك وقتها أبدا لشدة بلاهتي وسذاجتي

"زميل لمهند بالشركة التي يعمل بها، ويريد أن يصاهر أخوك".

هبطت بإحباط وتمتمت بحزن

"فقط يريد مصاهرة مهند!".

تحدثت أمي بسرعة

"كلا لقد رآك بالشركة وسأل مهند عنك، أنه مهندس بترول عين حديثا بالشركة".

تلاحقت أنفاسي

 رآني!،

 رآني!!

 حقا وسأل عني في هذا الجسد الضخم لا بد وأن هناك شيء خاطئ بالموضوع!.

هززت مهند بقوة من ذراعية

"هل هذا صحيح مهند هل رآني حقا؟!، ويريد الزواج بي!".

رمش بتوتر وأكدت أمي بحدة

"وهل سنكذب عليك جميلة؟".

تعبير أمي الجاد ألمني بشدة وأعادني من السحابة الوردية التي كنت قد طرت لها منذ ثوان قليلة، فالتجربة الوحيدة التي مررت بها سابقا كانت مريعة.

قريب لجارتي مطلق ولدية طفلان رآني وأخبرها بأنه يريد التقدم لي لأنه يحب الفتيات الممتلئات الجسد، كان رجل بشع بكل ما للكلمة من معني كان بشع من الخارج والداخل على حد السواء.

وتركتني تلك التجربة محطمه نفسيا صحيح أن لا أحد وافق عليه، لكن أن لا يريدني أحد مطلقا سوى هذا اللزج الذي يتحرش بعيونه بأي تاء تأنيث متحركة، كان شيء بشع علي.. دمر ثقتي بنفسي تماما، لأن الثقة خاصتي كانت مدمرة بالأساس لكنني كنت أقنع نفسي بأن هناك من سوف يحبني أنا لشخصي لا لجميلة الضخمة ذات البشرة المخربة بسبب البثور الكثيرة، كنت أصدق هراء الروايات الخرافية الغبية التي كنت أقرأها في تلك الأيام، أن هناك شاب مقدام همام سوف يشعر بالروح الجيدة بداخلي ويحبني لشخصي، يا الله كم كنت ساذجة وكم كنت حمقاء أكرة تلك القصص والروايات .. أكرهها بشدة.

تنهدت بإحباط لمهند

"هل يكبرني بعشرين عام هو الآخر؟!".

هز رأسه بلا وضربتني أمي بحدة على ذراعي وزمجرت

"وهل نفعل ذلك بك جميلة؟، أنه شاب أصغر من أخيك مهند بعدة سنوات".

ارتحت قليلا ثم سألت مهند ببؤس

"هل هو قبيح للغاية!".

مشط شعرة للخلف بقوة

"يا الله منك جميلة!، أنها شاب وسيم للغاية كفي عن هذا وثقي بنفسك قليلا!".

تمسكت بكفه بقوة

"هل تقول الصدق مهند؟، هل هو صغير ووسيم حقا وليس مثل برميل الخيار المخلل الذي تقدم سابقا؟!".

هز رأسه وهو يربت على وجنتي بحب

"أنه وسيم جدا ثم يمكنك الرفض على الفور إن لم يعجبك!".

ضممت قبضتاي بقوة إلى صدري ودلف والدي إلى المطبخ في هذه اللحظة

ربع ذراعية ونظر لي بغير رضا كانت تلك النظرة هي المصاحبة لأبي في كل وقت لذلك أعتدت أن أراها كل يوم تقريبا.

"أمي هل يوجد هنا بيض!".

هزت رأسها بنعم، وهز أبي رأسه بيأس مني

"ألا تفكرين في شيء غير الطعام؟!".

التفت له ونفيت بشدة

"لا أبي سوف أتبع نظام غذائي لفقدان الوزن يعتمد على البيض سوف أتناول في كل وجبه بيضتان فقط وأشرب الكثير من المياه، يقولون أنه سحري لخسارة الوزن .. سوف أبدأ النظام من اليوم وأمارس الرياضة بكل دقيقة، مهند أجعله يأتي بعد أسبوعين وليس أقرب من ذلك أرجوك".

لم يبدو مهند راضي عني أبدا

"هذا خطر على صحتك جميلة لا تفعلي هذا النظام الغبي!".

زمجر أبي

"دعها مهند وكأنها سوف تلتزم به لأكثر من يومين".

نفيت بشدة وأنا ألوح بالهواء لهم جميعا

"لا لا أقسم أنني لن أفسد هذا النظام، علي بالذهاب سريعا ودعا".

ركضت نحو غرفتي وفتحت الصندوق الذي أحتفظ به بالنقود التي يعطيني إياها مهند سوف أشتري ذلك المستحضر الذي يخفي العيوب، صحيح أنه غالي الثمن لكن يجب أن أكون مشرقة أمام العريس الحماسة كانت عالية بصدري.

وفي تلك الليلة بعد أن أنهكت نفسي بالرياضة والتمرين، أخذت حمام وارتميت على السرير منهكة أشعر بجوع بشع لا نهاية له، في العادي يقول المثل عصافير البطن تزقزق، بينما أنا كان لدي غيلان تنعر من الجوع في تلك اللحظة!.

أصمدي جميلة

 أصمدي جميلة

قلبي ألمني لشدة الجوع والإنهاك من التمرين، أغمضت عيوني وتذكرت ذلك الوسيم اللبق الذي قابلته في المصعد وتنحى لي بكل أدب ولياقة وسألني بأدب بالغ عن أي طابق أريد الصعود، توقف قلبي عن الخفقان ونظرت له كالبلهاء حينما قالي لي يا آنسة، كان لصوته رنه رائعة ولياقته بقول آنسة أذابت قدماي تماما فالكثير ينادوني ب مدام، كون جسدي ضخم علي أن أكون آنسة، هل يعقل أن يكون هو؟!.

لم أحلم يوما أن أتزوج من شاب وسيم مثله لطالما كانت أحلامي عن شاب عادي ليس جميل الشكل لكنه شهم كفاية ومقدام، لكن شاب وسيم هكذا؟، لا لم أحلم حتى!، كي لا أصطدم بالواقع الأليم الذي أعيشة كل يوم.

أغمضت عيوني بتعب مستحيل أن يكون هو.

***

كدت أن يغشى علي، أنه هو .. هو .. من بين كل العاملين بالشركة الوسيم هو من تقدم لي!، صُمت أذناي لكثرة ضربات قلبي ولم أستطع رفع عيني عن الأرض من بين كل البشر هذا الوسيم أرادني،

 لقد تحققت الأحلام التي كنت أخشى من الحلم بها، لقد تحققت الروايات التي لطالما أمنت بها بكل قوتي وتمسكت بها في كل وقت وكل حين بأن هذا الأمل موجود بالحياة.

 الحب الحقيقي موجود بالحياة أنا جميلة هناك من يحبني لشخصي، لكن لحظة واحدة... أنه لا يعرف شيء عن شخصي هل هو الحب من أول نظرة!!! .

هل يعقل أن يحدث هذا معي؟! حتى!!.

هل يتحقق معي المثل الشعبي الخاص بالقبيحات؟!

لا يهم

 حتى وإن تحقق المثل معي لا أهتم، الشاب الرائع الصغير بالسن جدا مقارنه ببرميل الخيار المخلل هنا أمامي يريد الزواج بي، أنا ولا أحد غيري لم أرفع رأسي واستمعت لهم وهم يتحدثون عني ويقرؤون الفاتحة دون أن أرفع رأسي ولو بالصدفة كنت فتاة خجولة جدا في ذلك الوقت قبل أن تصفعني الحياة بقوة على وجهي وتحولني للشخص الساخر البائس الذي أصبحت عليه.

بعد أن تمت قراءة الفاتحة تنحنح أبي بسلطة لوالدة العريس، بأنه تحدث مع مهند عن إرسال كامل "العريس" إلى الخارج في أقرب فرصة، هبط قلبي ألن يبقى لنتعرف على بعض جيدا؟!، أريد أن أحظى بفترة خطوبة!.

لكن كامل ووالدته شكروا أبي كثيرا على هذه الفكرة وأضافت الوالدة بأن هذا سوف يقلص فترة الخطوبة إلى النصف تقريباَ، وتنحنح أبي بأن الزيجة لن تتم قبل عام كي أتمكن من إنهاء دراستي ووافق الجميع على ذلك.

عام!

عام كامل؟!.

تحدثت بداخلي بسخرية بالغة جلسنا بمفردنا قليلا بعد أن أنفض الجمع

"ألن ترفعي رأسك؟".

يا الله من صوته؟،

 تراقص قلبي بعنف بين ضلوعي لا زلت لا أصدق ما يحدث معي إلى الآن!.

كان لدي بعض من الثقة، لقد فقدت سبعة كيلو جرامات وبعد أن تأكدت من أن هذا الوسيم هو زوجي سوف أقتل نفسي وأضرب عن الطعام كي أصبح أنحف وأنحف لقد بات لدي دافع قاتل الآن.

لم أتمكن من فعلها لم أتمكن من رفع رأسي مطلقا له كنت خجله وبشدة

مازحني إلى أن ابتسمت ورفعت رأسي له أخيرا لقد أخفيت الثقوب وأثار الحبوب بوجهي جيدا، كي أشعر بالثقة أمامه.

تنهد بمزاح

 "وأخيرا لقد ظننت أن رقبتك لا تصعد للأعلى، حتى بالمصعد لم تنظري لي".

رفعت رأسي سريعا له

"تذكرني؟!".

كان هذا أول حديث مني، أكد برأسه

"بالطبع".

زادت ثقتي بنفسي كثيرا وصعدت معنوياتي إلى السماء وقضمت شفتي السفلى بقوة أكتم بسمة واسعة تريد الظهور، حسنا يا أيتها الشجرة ها أنا قادمة لحفر أسمي، لم يعد هناك من فلان بعد الآن من اليوم القلب سوف يحوي أسم جميلة وكامل، يا الله لقد تحققت أحلامي، كثيرا علي هذا في يوم واحد!.

***

تمت الخطبة وأنا أشعر بأن قلبي سوف يخرج من حلقي كلما رأيته، بعد عدة لقاءات تمكنت أخير من سؤاله

"لمَ أردت الزواج بي؟".

"أنت محترمة ومن عائلة طيبة، يشرفني الانضمام لها جميلة، عندما يتزوج المرء يتزوج العائلة كلها، لقد كافحت كي أتمكن من الدخول إلى تلك الجامعة وحاربت من أجل تلك الوظيفة، لقد مات أبي وأنا صغيرا تاركا لي أخت صغرى وأمي، تحملت المسؤولية كثيرا وحدي وأتوق للحصول على عائلة فأبيك سوف يصبح والدي وأخيك سوف يصبح أخي سوف تكبر عائلتي بك".

بصقت القلوب من عيني إعجابا بشخصيته، أنه عاقل رزين النوع الذي أحب تماما.

"وأنت فتاة حييه أعتمد عليكِ لتربي أبنائي أتركك وأنا مغمض العينين عالما بأصلك الطيب، ما الذي يمكن أن أريده أكثر من ذلك؟!".

أصبت بالصمم من كثرة ضربات قلبي التي تركل بحدة بين ضلوعي

أنه هو البطل المغوار الوسيم الذي اختارني لشخصي، أنه شخص محترم وغير أناني هذا هو بالضبط ما أتمناه أنه يمثل حلم كل فتاة بالعالم، يا الله كم أنا محظوظة!!.

***

لم أسلم من النظرات السيئة الموجهة لي بالجامعة، بعد أن أتى واصطحبني أكثر من مرة، تعجب بشدة من الأمر

"هل أنت بخير أعطاني مهند مفاتيح السيارة وأمرني بإحضارك من الجامعة هل حدث شيء لك؟".

الهمسات حولي كانت كبيرة وخاتم الخطبة الرائع يزين أصبعي بكل فخر كنت أطير من السعادة، تلك الحركة الماكرة من مهند كنت ممتنة لها للغاية

همست برقة

"بخير فقط قليل من الدوار مهند يبالغ قليلا".

"أنت تتبعين حمية قاسية جدا جميلة، لابد وأن تصابي بالدوار هيا سوف أخذك لتناول شيء"

"لا أرجوك لا أريد أفساد الخطة!".

لقد خسرت حتى الآن عشرة كيلو جرامات وسعيدة جدا بذلك

لوح لي

"لا اعتراض على هذا الأمر، مهند وكارمن سوف يلحقون بنا هيا دعيني أهتم بك قليلا قبل السفر".

كنت أضم الكتب إلى صدري أحاول إخفاء ضربات قلبي الغبي الذي سوف يفضحني، ترى ما الذي فعلته بحياتي كلها كي أحصل على خطيب مثله رائع مهتم وحنون؟!، صحيح أنه لا يتحدث معي بالساعات ولا يبثني أي أشواق بل هو عملي للغاية يتصل كل يوم يطمئن علي وعلى صحتي ويسأل عن أحوال أبي وأمي ومن ثم يغلق كان اتصال يومي مهذب لا يتعدى الدقيقتين إلا أنه ثابت.

وعندما أخبرت مهند بأنه لا يحدثني كثيرا مثل أقراني المرتبطين

"ل كامل تربية صارمة لقد أعتاد على العمل منذ الصغر لتوفير نقود الدراسة يا جميلة حياته كانت صعبة ويحاول الحفاظ على ما وصل له بكل شيء، أعذرية فالعمل كثيرا علية هذه الأيام".

تلهفت إلى مهند متوسلة

"إذا خففه عنه أرجوك أخي".

"لا بالطبع!، عليه بأن يعمل بجد كي يكسب مكانته بالشركة، المنافسة شرسة جميلة، إذا ما رمش بعينه قد يفقد الفرصة القادمة".

احترامي زاد كثيرا لهذا الشخص المحترم المكافح وحبي له كان يكبر بشراسة كل يوم داخل ضلوعي دون حتى أن يتحدث، يكفي فقط أن ينظر لي ويسأل عن حالي وصحتي بكل أدب ولياقة كان هذا أكثر من كافِ.

***

 ساعة واحدة هي كل ما استطعت الحصول عليه، الذكريات الساخرة مني هاجمتني بقوة البارحة، تشق طريقها عبر إعادة الزمن لعبته معي مرة أخرى ألا يكفي خمسه عشر عاما من تعلمي للدرس!.

أفقت وبدلت ثيابي إلى بيجاما رقيقة قصيرة الأكمام، ورفعت شعري الذي بدأ في طريقة للتجعد على أي حال سوف أتوضأ الآن وبعد صلاة العشاء سوف يكون شعري فسد تماما من المياه وتجعد بشكل سيء!.

صليت وذهبت إلى الثلاجة كي أحضر الفطور، عندما فتحتها أنقبض قلبي، هل هذه ثلاجة عروس!!.

ثلاث حبات من الخيار وقطعه جبن صغيرة وثلاث بيضات هذا هو كل الطعام الموجود بالثلاجة الكبيرة الفارهة التي اشتريتها.

ارتفعت مرارة صفراء لحلقي، ليس هناك من قريبه أو صديقة إلا وكلفتني بتحضير الثلاجة لها بعرسها واثقة تمام الثقة بان الثلاجة سوف تكون معدة ومنظمه على أكمل وجه.

كنت أعد أصناف الطعام الشهية وأجمدها بالمبردة وكل ما على العروس فعله هو وضعها بالفرن كي لا تمضي أول الزواج بالمطبخ بين النار ورائحة البصل والعرق ، أعدتها لبنات خالي وخالاتي ولبنات عمي وعماتي حتى بعض الجيران طلبها مني لمعرفتهم بخبرتي وبمدى جودة طعامي.

كل مرة كنت أعدها كنت أشعر بالسعادة وأتمنى من الله أن يرزقني يوما ما تلك الفرحة مرة أخرى وهذه المرة بسعادة.

 ولا واحدة منهن حضرت أو عرضت المساعدة ولو بالصدفة حتى، منظر الثلاجة البائس كسرني وحطم ذرة التماسك التي كنت أحاول التمسك بها بكيت بحدة ولم أتوقف إلا بعد أن فزعت من لمسه على ظهري.

"أ أنت بخي بخير .. ج جميلة؟".

كان مالك قلق بشدة

هززت رأسي

"لمَ لمَ تبكي؟، هل حدث ش شيء؟!".

طمأنته

"أنا بخير فقط تذكرت شيء سيء".

تذكرت أن والدتي تركتني تماما متخلية عني هي وأبي حتى لم تعرض علي أي مساعدة لو كانت واهية

لم تفكر بثلاجة ابنتها العروس وطعامها مثل أي أم بالعالم.

واضح أن هذا الطعام من بقايا طعام مالك القليل كما فهمت منه، هو المسئول عن إطعام نفسه.

قليت البيض ووضعت قطعه الجبن بشكل أنيق مع تشريح الخيار بشكل جذاب وقطعت الخبز الأبيض إلى مثلثات وحضرت الشاي ووضعت أربع ملاعق من السكر مثلما يحب مالك، ووضعت الطعام على قطعه الرخام الفاصلة بين المجلس والمطبخ.

كنت أعشق هذا النوع من المطابخ ذلك الذي يطل على غرفة المعيشة فهو يعطي نوع من الدفء للمنزل رائع.

نظر مالك بانبهار للطعام رغم بساطته وآلمني قلبي تمنيت إعداد شيء شهي له لكن هذا هو كل الموجود حرفيا لم يكن بيدي شيء لفعله آخر!.

مفلسة تماما، كل ما كان بمحفظتي كان خمس جنيهات فقط، كيف لي أن أحضر طعام الغذاء؟!.

جلس مالك بحبور لتناول الطعام وتلذذ كثيرا بالبيض

"البيض لذيذ جدا.. يحترق .. مني .. أقوم بسلقه.. فقط".

ابتسمت بألم له

"ألن تتناولي الطعام؟!".

توقف يشاهدني بدهشة

لا أتناول هذا الطعام

أحتاج إلى قهوتي بشدة

لا أتناول هذا الجبن

لا أتناول البيض المقلي بالزيت

وبالتأكيد لو سقطت السماء على الأرض لن أتناول الخبز الأبيض!!.

 

 يتبع ...

 

 باقي الفصل الثامن

إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال