الحكاية الثانية
بيت الرحايمة
(1)
ابتسمت يا سمين تلعب بخصلة من شعرها أثناء نومها على السرير بعد أن أغلقت الهاتف.
"وغد لكنني أحبه"
وضحكت بشدة على ورد التي أحمر وجهها".
انتفضت بسرعة وأخرجت ملابس لها من الخزانة المملوءة بأغراضها، ثم فتحت الهاتف أثناء وقوفها إلى جوار نافذه غرفتها والتقطت صورة لها مع مشهد الغروب والأرض الزراعية خلفها تلوح من بعيد ثم نشرتها على إحدى مواقع التواصل.
"رسميا أصبحت بالمنزل".
طبعت الكلمات بسرعة تحت أنظار ورد وأخذت حمام سريعا وخرجت تعبث بمحتويات حقيبتها تخرج فرشاه شعر جديدة جلبتها معها جففت شعرها وصففته ومن ثم جمعت معظمه بكعكه علوية ورتبت من هندامها وزينه وجهها حينها غمغمت ورد
"هل أحضر لك صنيه الطعام؟".
"لا سوف نأكل مع توحة".
همت ورد بالرفض بأنها لا تشتهي الطعام لكن النظرة بعيون ياسمين أخرستها.
ذهبت الاثنتان وقد أصبح لورد حياة بوجود ياسمين في المنزل مرة أخرى فلا أحد يراها أو يلتفت إليها، أما ياسمين ولسبب لا تعلمه ورد تتخذ منها صديقة.. مقربه!
جلست إلى جوار توحه الغاضبة أرضا تقبلها قبلات متتالية تحاول تقليد طريقة تقبيل جدتها لها لكنها فشلت فشل زريع وضحك الكل عليها.
"لن أتناول طعامي إلا معك توحه".
همت ورد بالذهاب لكن الجدة أمسكتها من معصمها
"يا أم سعيد أحضري الطعام هنا".
وربتت على ظهر ياسمين تحدثها بود فلا شيء آخر ينفع معها ومع شخصيتها العنيدة.
"يا حبيبتي أنك عروس وتحتاجين لكل قرش من أجل الجهاز".
بدأت يا سمين بفتح إحدى الحقائب مدعية الاهتمام بحوار جدتها وأخرجت كيس من الكاندي وقذفت به لعوض الذي أشرق وجهه وفتحة بسعادة عارمة.
فزمجرت به توحة
"أنت يا قليل الحياء!".
التوت شفته بسخط وناولها الكيس على مضض فابتسمت الجدة بشدة ابتسامة تكورت لها وجنتيها الجعدتين وأخرجت الكاندي الحمراء كلها من الكيس وتناولتها بسعادة عارمة ومن ثم أعادت الكيس لعوض الساخط مرة أخرى
"يا جدة هذا ظلم، ليس من حقك الاستيلاء على كل نكهة الفراولة والكرز والله ظلم!".
مط شفتيه بغضب وسط ضحكات ياسمين وعبد الجبار وإبراهيم عليها، امتصتها بصعوبة بسبب فقدانها بعض الأسنان لكنها كانت سعيدة وجعدت حاجبيها.
"أضرب رأسك بالحائط يا عوض".
فلوح بنزق لها بأن هذا ظلم
أتت صنيه الطعام أثناء بحث ياسمين بالحقيبة ولمعت عيون أم سعيد بشدة
"أه وجدته ها هو الكيس خاصتك أم سعيد بلغي الأولاد تحيتي".
تناولته منها بخجل بالغ وابتسامة جميلة تشق ثغرها
كل عام تهديها ياسمين ملابس لصغارها جميلة جدا ويصبح أولادها أجمل أولاد بأهل البلدة لهذا كانت تنتظرها على أحر من الجمر وبداخل كيس الملابس كيس صغير من الحلوى يبهج قلبهم المسكين.
"سلمت وسلمت يداك حمد لله على سلامتك يا ست الكل".
وعادت للمطبخ سعيدة فرحه
"جبر الله بخاطرك يا أبنه الغالي".
ربتت الجدة عليها بمحبه
"أه جوجو ها هي أحذيتك".
أخرجت أحذية عملاقة الحجم وأكثر من خف لعبد الجبار الذي ابتسم بشدة فقدمة شديدة الضخامة ولا يجد ما يناسبه أبدا في البلدة وياسمين ومن قبلها والدها يرسلون له الأحذية من الخارج كل عام لأن مقاسة.. نادر!
ضحك بخشونة وهو يأخذهم من عوض الذي أطلق صفير عالي حينما رأي العلامة التجارية عليها.
"والله عال سوف ترتدي ... يا عبد الجبار ارتاحت معيشتك يا رجل!".
"غاليه يا ولد؟!".
سأله بخشونة وإن كان مبهور بجمال الحذاء فتح عوض هاتفه وبحث عن سعر الحذاء فجحظت عيناه للخارج وناول عبد الجبار الهاتف الذي زمجر بخشونة في ياسمين.
"يا ويلك يا أبنه عبد السميع كل هذا المبلغ دفعتيه في حذاء؟!، أنه مصروف بيتي لثلاثة أشهر!".
لم تكترث لصرخات عبد الجبار فهي لا تخيفها البتة، بينما قلب الجدة هوى وورد قفز قلبها بداخلها ككرة مطاط من الرعب والزمجرة التي صدرت عن هذا الدب.
زمجرت ياسمين بعوض
"أنت سخيف ألن تكف عن أفعلاك هذه كل عام!".
نظرت للهاتف
"بالطبع لم أجلبه بهذا السعر الباهظ جوجو إن سعرة منخفض جدا بالمتاجر كما أنني حصلت عليه بأحد التخفيضات لم أدفع شيء يذكر!".
تحدثت بإهمال وهي تقلب بالحقيبة تبحث عن الكيس الآخر للمساعدة الأخرى بالمنزل
"أه ها هو".
أعطته لورد الذي خرجت لتوصله للمساعدة
أمسك عبد الجبار برقبة عوض يخنقه منها وعوض يسعل وجحظت عيناه بشدة
"ألن تكف عن أفعالك تلك يا ابن الكلب؟!".
زمجر ابراهيم والجدة بأن يتركه لكنه لم ينصت لهم وظل يخنقه ويوبخه إلى أن أنتهي الأمر بصفعة على مؤخرة رأسه فارتمي عوض أرضا.
ربتت الجدة على صدرها متألمة والتقطته تربت عليه
"اسم الله عليك يا ولدي".
بينما ياسمين كانت في قمة سعادتها لأنه نال جزاء فتنته فهو يفعل بها هذا المقلب كل مرة تقريبا!
"سلمت يداك جوجو لا تشفقي عليه توحه أنه ماكر".
ثم رفعت ياسمين يدها مرة واحدة
"أنظروا لمن هذا الفستان الجميل؟!".
أشرق وجه عبد الجبار وغمغم
"نسيمه".
"أجل وأنظر إلى ملابس الصغير".
أمسك عبد الجبار بالقطع بحب وترك الحذاء الذي بدا أغلى من حياته منذ لحظات وتأملهم
"رائعين يا ياسمين سلمت وسلمت يداك".
أخفضت ورد التي كانت عادت رأسها متجنبه النظر له لكن رغما عنها وأثناء سعادته بملابس صغاره القت نظرة متألمة عليه وأخفضتها في الحال.
"عمي ابراهيم تناول الطعام معي".
"هيا يا ولدي تعال".
استسلم ابراهيم لهم وتناول الطبق الذي أعدته له ياسمين بحبور أما عوض فتأمل ياسمين بتملق يرمش بجفونه عدة مرات
"ماذا تريد أيها الغليظ؟!".
أجاب بوداعه
"الصدر!".
أعدت له طبق ولورد هي الاخرى رغم رفضها إلا أن غضب الجدة كان كاف لجعلها تتناول لقيمات قليلة.
اشتعلت الحرب بعد ذلك الهدوء فما إن علم الصغار بفتح ياسمين للحقائب حتى هجموا على غرفة الجدة من أجل الحلوى ورغم أن ياسمين وضعت أغراض كل عائلة بحقيبة كي لا يحدث أي لغط!، إلا أنه ولسبب لم يعلموه إلى الآن طوال هذه السنوات تشتعل حرب بغرفة الجدة وشجارات غير مبرره لهذا السبب هذا هو الاسم المفضل لدى ياسمين والجدة
"معركة الهدايا!".
تنفسوا الصعداء بخروج الجميع من الغرفة مرة أخرى وسألت الجدة وهي تمسك برأسها من الصداع
"هل أتيت بشيء لحماتك أمم أنني لم أنتبه؟!".
قلبت ياسمين مقلتيها وأدعت السهو
"أوبس!، نسيت أحضار شيء من أجل تونت هميدة!، خسارة تعوض السفرة القادمة".
ضحك عبد الجبار ضحكه خشنة مجلجلة وضرب ذراع إبراهيم الجالس إلى جواره ضربة كادت أن تفقده ذراعه!
"والله أنك لست بسهلة يا ياسمين لا أخاف عليك يا بنت".
لعبت حاجبيها الانيقان
"بعض ما عندكم".
فضحك عبد الجبار مرة أخرى وهم بضرب إبراهيم إلا أنه توسل له
"أستحلفك بالله لم يعد بجسدي مكان سليم يا عبد الجبار!".
فصفع عوض الجالس أرضا على مؤخره رأسه بدلا من ذلك!
****
أستيقظ أبراهيم في اليوم التالي وكله أمل، عليه بالبحث عن مشترِ للبقرة فنتاج الأرض الخاص بياسمين هذه السنة أستثمره بعجل صغير، حاول أخذ رأي ياسمين بالبداية لكنها رفضت.
"عمي أبراهيم أفعل ما تشاء أنا أثق بك".
أبتسم على الذكرى، ولكنتها الاجنبية كل مرة تصيبه بالضحك أو حتى الابتسام صوتها رقيق جدا رغم أن مزاجها ناري ورأسها صلب!، تناقض رهيب آخر خاص بها.
تناول عكازة وأطفئ نور الغرفة وسار برتابة في منزله الميت الخال من الحياة وأغلقه خلفة ثم بدأ صوت عكازة يدب على الأرض.
الباب الذي يجاوره بالضبط يضج بالحياة والاطفال والصراخ والضحكات نظر له بحزن ثم قال بصوت واهن
"رضيت يا رب رضيت".
سار وإنما بهمه مكسورة وليس مثل البارحة وحينما نزل إلى غرفة الجدة كي يلقي عليها تحيه الصباح ويأخذ البركة منها فوجئ بياسمين تجلس إلى جوارها وورد معها.
"استيقظت باكرا يا ابنه الغالي؟".
هزت برأسها
"عمي أبراهيم هلا أخذتني لأبي أريد الذهاب معك".
هز رأسه لم تفوت يوما زيارة قبر والديها وأحيانا كانت تزوره بنفس اليوم لكن البارحة وصلوا قرب المغرب والجدة ترفض ذهابها هناك ليلا رفضا تام فكفت ياسمين عن المحاولة.
هز برأسه
"هيا معي إذا بالإذن منك يا بركة".
وقبل رأسها غمغمت ودموعها تغلبها
"ابلغيهم مني السلام يا ياسمين".
ابتسمت ياسمين والدموع بمقلتيها هي الأخرى وهزت رأسها وخرجت خلف إبراهيم تتبعهم ورد بخفوت.
ركبت ياسمين بالأول وورد إلى جوار النافذة التفتت ياسمين فجاءة إلى إبراهيم
"ألن تسمح لي بالقيادة أرجوك أنا أذكر الطريق جيدا".
حدجها بشر واستغفر من ربه
ربعت يديها بغضب
"أنت متحجر الفكر عمي ابراهيم وأنا تعبت منك!".
قضم شفتيه كي لا يضحك على حروفها المبعثرة
"أعلم بأنك تجيدين القيادة ربما أفضل مني حتى!".
نظرت له بسخافة ونظرت أمامها مرة أخرى بينما أنطلق هو بالسيارة
"لا أريد كلام بلا معني منك".
ثم غمغمت بسخرية وتحدثت مع نفسها بالإنجليزية
"يظنني طفله صغير سوف استمع إلى هذا الهراء!".
ارتفع حاجب ابراهيم
"ها؟ ماذا؟! تحدثي بالعربية يا ابنه عبد السميع!، أنا لا اتحدث بكلام فارغ ليرزقني الله وأشتري لك سيارة تليق بك لتقوديها لكن لا يجوز قيادة هذه السيارة من فتاة أبدا خاصه أنت.. لا يليق بك".
أحمر وجهه لكنها لم تصمت وعاندته
"أخبرتك مرارا بأنني قدت شاحنات كثيرا ب سيدني لا فارق لدي!".
"قلت لا يليق بك وهذا نهائي لن أجعل البلدة تتحدث عنك إما تقودين سيارة تليق بالنساء أو لا ثم أنني أمسك بالطارة بمعجز أنها تنجرف نحو اليمين طوال الوقت أنظري".
وما إن ترك المقود حتى سارت السيارة من تلقاء نفسها نحو الترعة فصرخت ياسمين وورد بذعر إلا أن أبراهيم أمسك بالمقود سريعا وهو يضحك بشدة عليهم.
وضعت ياسمين يديها على فمها غير مصدقة
"O. M.G".
ثم التفتت وسألته بذعر
"هل كنت تقودها طوال الطريق هكذا البارحة؟!".
فهز رأسه بنعم
"هذا منافي للقانون وللسلامة العامة كيف لم يكتشف أحد اهمالك بعد!".
غمغم ببرود عكس عصابيتها الزائدة
"قانون ماذا؟ لي سبعة أشهر أسير بها وهي على هذه الحال! مرحبا بك في أم الدنيا يا أبنه الغالي".
وسحب ناقل السرعة كي يصل سريعا إلى وجهته.
***
تقف منكسه الرأس بعد أن وضعت الوشاح الاسود فوقها بإهمال ومن ثم انحنت ووضعت الزهور التي قطفتها من الطريق فمحل الورد بعيد جدا عن مكانهم هذا ولم تشأ أن تعذب ابراهيم معها.
ضمت كفيها بطريقة غريبة وكأنها تعلمت الدعاء حديثا لكنها كانت تقلده هو وورد تقريبا، قرأت الفاتحة وتساقطت دموعها ونزلت على ركبتيها أمام قبر والدتها
وتحدثت معها بالإنجليزية
"أهلا أمي.. اشتقت لك.. لقد عدت".
مسحت دموعها بكمها ومسحت شاهد القبر المجاور له
"أبى أنا هنا مرة أخرى، سوف التصق بك أكثر هذه المرة".
حاولت الابتسام لكنها فشلت
جاء صوت ابراهيم من خلفها
"أدعي له يا ياسمين بدلا من البكاء".
هزت برأسها
"ثم تحدثت مع والدتها مرة أخرى
"جون يرسل لك قبلاته أمي يخبرك بأن اليزابيث توشك على الوصول أعتني بها".
"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
انحنى على ورد التي تقرأ بمصحف صغير بيدها
"اليست هذه ال اليزابيث زوجة خالها؟".
هزت رأسها وغمغمت بخفوت
"الأطباء قالوا إن لا أمل بعلاجها تعيش على المسكنات".
هز رأسه بشفقة على حالهم
"تلك العائلة مسكينه تتبعهم المصائب أمد الضهر".
وقفت ووضعت على القبر المجاور بضع ورود
"اشتقت لك مريم أتمنى أن تكوني بخير".
دلك ابراهيم عيونه أخبرها مرار بأن تدعو لهم وتطلب العفو والمغفرة لكنها كل مرة تأتي للتحدث معهم تخبرهم بما فاتهم من أحداث!
ثم وقفت وأعطته وردة
"هيا ضعها لها".
"يا بنت أخبرتك أنه هذه الأمور لا طائل منها فقط أدعي لها!".
تشبثت برأيها
"ماذا لو كانت تراك الآن ألن تسعد لأنك أتيت لها بالورود عمي ابراهيم".
رغما عنه رق قلبه وارتعشت شفته وذهب بخطى ميته ووضع الوردة أمام قبرها
"رزقك الله بالفردوس الأعلى يا غاليه، أراك يوم اللقاء".
ربتت ياسمين بشفقة على ذراعه ثم تحدثت مع قبرها مرة أخرى
"لا تقلقي على زوجك مريم سوف نتعتني به جيدا".
نظرت ورد بتردد إلى ابراهيم الذي يعلم طبيعتها الخجولة جيدا
"هيا إلى قبر عم الشحات يا ياسمين".
غمغمت ورد بهمس
"جزيت الجنة يا حاج أبراهيم".
حلما وصلت ورد رفعت يديها وقرأت الفاتحة لوالدها ولأموات المسلمين أجمعين ودعت لهم بالمغفرة والجنة.
ومن ثم أخرجت من كيس بلاستيكي معها كتيب صغير يحتوي على أدعية للمتوفى وبدأت في القراءة وما إن انتهت حتى وضعت عدة شطائر مغلفة كانت أعدتها مسبقا بمنزلها من أجله.
"ما هذا فلاور؟".
سألت ياسمين بعجب!
"أنها شطائر رحمة ونور لوالدي أعلم بأنني أتيت باكرا ولن يكون هناك مقرئين لكنني أكيدة أنه بعد الظهر سوف يأتي الناس ويأخذهم أحد".
"بارك الله فيكِ يا ورد أحسنت فخير ما يصل للميت هو الصدقة".
نظرت لها ياسمين بعجب
"ألن تتحدثي إليه؟!".
جحظت عيون ورد وغمغمت بخفوت غير مستوعبه
"أنه ميت!".
"هيا لا تكوني خجولة أنه والدك تحدثي معه أخبريه عما يزعجك".
نظرت ورد لإبراهيم تستنجد به فغمغم بدون صوت
"وكأنها كانت تتحدث معه عندما كان على قيد الحياة، الصبر من عندك يا رب!".
تنحنح بصوت أجش
"هيا يا ياسمين لدي أشغال كثيرة اليوم".
رفضت بعند
"لا لن نذهب قبل أن نضع الورود على قبرة ونتحدث إلية".
وانحنت للقبر تضع أخر الورود معها
"لا بأس عمو وهدان سوف تأتي ورد الآن وتخبرك بكل شيء حسنا أنها كتومه جدا عليها أن تكون منفتحة معك أنت والدها، هيا شجعها".
كانت ورد جاحظة العينين كيف لها أنت تتحدث مع ميت بهذه السلاسة نظرت غير مصدقة لما تفعله للإبراهيم فتحدث بلغة الشفاه دون صوت
"لا تؤاخذيها أنها مهبولة!".
فوضعت ورد يدها على صدرها وغمغمت غير مصدقة
"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!".
التفتت ياسمين إليها في هذه اللحظة وأخذت بيدها وسارت خلف أبراهيم الذي غادرهم وهي تربت عليها
"لا بأس يا ورد سوف تتجاوزين هذه المحنه وتتعلمين التعبير عن مشاعرك أنا أثق بك".
ركبت السيارة الي جوار ابراهيم ومن ثم ورد فالتفتت لها تمسك بيدها
"المرة القادمة سوف أتي لأمي بزهور الليلك وأبي كان يحب الياسمين، ما النوع الذي يفضله عمو الشهات (الشحات)؟!".
غمغمت ورد بغباء فارغة الفاه
"هاه".
تأوه ابراهيم يستغفر ربه منها
"أيه زهور يا بنت عبد السميع؟، لو رأي والدها الليلك خاصتك هذا لقطفة وبرمه برغيف عيش مع فحلين من البصل!".
نظرت له غير مصدقة همجيته
"أنت (متوهش) متوحش لا تراعي شعور الاخرين".
والتفتت إلى ورد فارغة الفاه
"لا بأس فلاور لا تغضبي رجاء أنه لا يراعي شعور الأخرين".
فزمجر أبراهيم بحدة يلوح بيده أثناء قيادته
"أخبريها يا ابنه وهدان الشحات ماذا كان ليفعل أبوك بهذه الليلك؟!".
رغم عصبية أبراهيم البالغة إلا أن ورد انفجرت ضاحكة تخفي وجهها بذراعها غير مصدقة ما تقوله يا سمين.
فزمجر أبراهيم بصوت أعلى بها
"أخبريها يا ورد الآن!".
تحدثت بصعوبة من بين ضحكاتها
"كان ليضعها برغيف عيش بلدي وفوقها ملعقتين من المش ويأكلهم مع كوب من الشاي".
فزعت عيون يا سمين
"يا اللهي هذه الورود لا تأكل كفي عن السهافة (السخافة) فلاور!"، ثم ضمت كفيها ورفعت رأسها عاليا للسماء
"لا بأس مستر شهات (شحات) سوف أبحث بداخلي إلى أن أعلم ما هو نوع الورود المفضل لديك وسوف أتيك به المرة القادمة".
لم يتمالك أبراهيم نفسه من الغضب وصفق بيديه بشدة يحوقل فانجرفت التارة الي اليمين فامسكها سريعا.
نظرت نحوه شزرا وغمغمت بغضب
"متهجر (متحجر) القلب".
فازداد غضبة وحنقه وترك عجلة القيادة تماما صائحا بغضب
"طب هااااه".
فانجرفت الشاحنة نحو الترعة سريعة، وسط صرخات، ورد وياسمين!
***
وقفت تفرك كفيها بتوتر وأساورها تصدر رنة خفيفة أنهي المكالمة بيده وخرج لها، كبرت وصلت على النبي له هيبة وطله تجعله محط الأنظار.
"أمي تعالي معي".
خرج من عمله واصطحابها إلى مقهى وطلب لها كوب من الليمون وتحدث بحذر
"ياسمين أتت البارحة".
هزت رأسها بنعم
"أذكر موعد وصولها يا بني وأعلم حمد لله على سلامتها".
أطرق بإصبعه
"أرى أن نخبر رقية انها أتت هي تعلم بأن الزفاف أقترب لا داعي لتأجيل ما تعلمة مسبقا".
تنهدت أمها بحزن بالغ على حال أبنتها وهزت رأسها بنعم، ولكن بتردد بالغ
"سوف تنزل للبلدة قريبا؟".
"أجل أخذت الاجازة خاصتي بضع أيام وأعود".
قضمت شفتيها
"متى موعد الزفاف بالضبط؟!".
"لم نحدد موعد فياسمين لا تريد الفرح بقاعة حينما تنتهي الشقة سوف نقيم العرس".
"هل تحتاج إلى أي مال يا بني أعلم بأن مصاريف الزواج كثيرة".
"سلمت لي يا غالية كل شيء بخير لا تقلقي".
توترت مرة أخرى
"هل أخبرها أنا بعد ذهابك؟".
تردد هو الأخر
"لا سوف أخبرها أنا أمي".
هزت رأسها بنعم
"ليرزقك الله الذرية الصالحة يا بني".
....
ترتدي ملابسها الرياضية وتضع طبقة من واقِ الشمس على ذراعيها ووجهها وورد تشاهدها بانبهار، كل ما تفعله ياسمين تقريبا يبهرها!، لكنها تنبهر في صمت وسريه أيضا ككل شيء بها وبطبيعتها الخجول لم تكن كذلك لم تكن خجول أبدا لكن الزمن فرض عليها هذا الخجل أو يمكننا القول الانكسار!
بينما شفة عوض تجيء ناحية اليسار يشاهد استعدادات ياسمين تارة وينظر الناحية الأخرى ويستغفر تارة أخرى.
"هيا فلاور ضعي القليل على وجهك وكفيك الشمس ضارة جدا سوف تصيبك بالعجز مبكرا أخبرتك بهذا مرارا".
وضعت ورد نقطه صغيرة للغاية كي تهرب من تذمر ياسمين ليس إلا وأعادت العبوة لها فعرضتها ياسمين بتلقائية على عوض الذي أخذها بحبور ووضع على وجهه بعناية ودقه متناهيه ثم نظر لهم سريعا وابتسامه كبيرة تشق وجهه
"ازدادت وسامتي الآن هيا لا تخجلن من أخباري؟".
ثانية
والأخرى
وبالثانية الثالثة لم تصمد كل من يا سمين وورد وانفجروا ضاحكين بشدة عليه فزم شفتيه بيأس منهن
"سامحكن الله، بالمناسبة جبر الخواطر على الله".
ومن ثم صعد السلم وهو يضرب كل كف بالآخر والفتاتان غارقتان بالضحك خلفه.
***