ليس زوجي المعاق الجزء الثاني
(مالك القلب)
الفصل التاسع
أصبحت نظرة التحدي تعتلي وجه كل منهم على حد السواء، لقد
تضرر بشدة من الطعام الحار خاصتها، ويريد الانتقام لكنه حرفيا كان يشعر بالخوف،
لذلك فضل الصمت في الوقت الراهن إلى أن يجد حل!.
أما هي فجلست بسطوة اكتسبتها حديثا، لقد أذاقته طعم
الانتقام خاصتها وتشعر بالنشوة وبأن اليد العليا لها هنا، لن يستخف بها مرة أخرى
وإن فعل سوف تكون له بالمرصاد.
رواية ليس زوجي المعاق الجزء الثاني |
شبك أصابعه فوق المكتب خاصته وتحدث بجمود
"مساء الخير مدام جميلة، أين الطعام الشهي
خاصتك؟!".
لقد كلفته تلك
الشوربة الكثير والكثير لقد ذهب إلى طبيبان واحد خاص بالمعدة والثاني لادعي لتذكر
الذهاب له من الأساس!، لقد تم إلغاء الكثير من المواعيد وتكبد الكثير من المال
الذي هو بأمس الحاجة إليه، حسنا أصبحت الأمور شخصية هنا!.
زمت شفتيها بخط واحد
"لم أحضر أي طعام لليوم دفعت مسبقا لكل منا".
تمتمت بسخرية لابد وأنها شعرت بأنه لن يتناول طعامها
اليوم وخشيت إهداره.
ضيق نظرته لها وهو لازال على حاله يشبك كل من يديه
"إذا توقفنا عند زواجك أنت ومالك الذي تركك وحيدة
ليلة زفافك أليس كذلك؟!".
لم يكن هناك أي سخرية بصوته بل على العكس تحول لطبيب مرة
أخرى، واختفى وراء ذلك القناع الجليدي الذي يبقي أي أمور شخصية خارجا.
ربعت يديها وتمتمت
"أجل".
"كم أستمر ابتعاد مالك عنك؟".
امتلأت عيناها بالحزن وهمست
"كثير ..كثيرا جدا!".
***
تناول الطعام معه كان ممتع، لم أحظى بوقت طيب هكذا منذ
مدة، لم يكن مالك متحدث جيد الحقيقة، لكن تقديره لطعامي ولمَ فعلته من أجله جعلني
أشعر بشعور جيد، بل أفضل من جيد.
شعور أفتقده منذ زمن، صحيح أن مهند يخبرني بكل مرة
يتناول فيها طعامي بكم هو جيد، لكنني أشعر بأنه يفعل ذلك من باب اللياقة ليس إلا،
أما مالك فكان يثني عليه بكل رضا دون خداع أو مواربة لأنه لا يعرف أي منهم.
ساعدني برفع الأطباق وصمم على غسلها مرة أخرى، وأنبهر
تماما بالغسالة التي أحضرنا المنظف خاصتها أخيرا.
أخذت حمام ساخن كي يفرد عضلاتي المتيبسة لكثرة العمل
اليوم، وحرارة المطبخ كانت أفسدت شعري على أي حال لذلك قمت بغسله وظهرت على الفور
الخصل المجعدة من جديد.
كل مرة أقوم فيها بفرد شعري بالحرارة أظن أنه أصبح جيدا
للأبد، لكن حالما ينسكب عليه الماء يعود إلى طبيعته المموجة، حمد لله أنني تصالحت
معه كثيرا مثله مثل جسدي، لكن رغما عني شعرت بالإحباط لا أعرف رده فعل مالك عليه
بعد.
هل يهتم حتى؟!.
استخدمت الملطف الشفاف الخاص بالشعر المجعد ولويته خصلة
بعد خصلة كي أحصل على خصلات مموجة لامعه، وعندما انتهيت منه أصبحت الساعة الثامنة.
خرجت لمالك مرة أخرى أرتدي تنوره قصيرة وبلوزه رائعة
وارقب بحظر رده فعله على شعري الذي لم يجف تماما بعد ويتطاير في كل مكان.
ظل محدقا بي لفترة ليست بقليلة حتى شعرت بالحرج، ذهبت
للجلوس إلى جواره وأنا أرتب التنورة التي أصبحت فوق ركبتي بعد الجلوس، لم أتعمد
إغراء أحد من قبل، لم يكن لدي ذرة من الثقة لفعل هذا، لكن كل شيء حرفيا مختلف مع
مالك.
ظل ينظر لي ولم يشح بنظرة عن وجهي لثانية واحدة، وأنا
الأخرى لم أستطع أن أفعلها، منذ ساعتين تفجرت بداخلي مشاعر الأمومة ناحية مالك ولم
أهتم لشيء آخر سوى إطعامه جيدا وإشعاره كم هو متميز ومحبوب.
أما الآن فلا أريد قطع التواصل الذي يسري بين كل منا
ويجعل الفراشات الجائعة ترفرف بقوة بمعدتي مرة أخرى.
ضرب جرس الباب وأنتفض مالك سريعا يشير إلى الباب وتلعثم
"ا ال البا الباب يدق!".
تنهدت بإحباط وأخبرته بأنه يمكنه الذهاب للفتح، لم أتوقع
زوار الحقيقة، لكن أتضح أن قمر وسمير كانوا يتحلوا باللياقة الكافية للمباركة لنا
على "اللاشيء!".
خرجت لمقابلتهم بعد أن بدلت ملابسي باركوا لنا ولكن ليس
بحماسة البارحة وبدا أن قمر وجهها أصفر كثيرا، التفت للهدايا التي جلبوها لقد
أحضروا الحلوى وقطعه كريستال رائعة للزينة.
وضعت قمر يدها على فمها وهي تتمتم بإعياء
"الرائحة قوية لم يعد بإمكاني تجاهلها".
سألتها بعجب
"أي رائحة؟!".
انفجرت باشمئزاز وهي تركض وتبحث عن الحمام
"الطعــــــــام!!!".
حرج سمير وقادها وهي تركض بغير هدى داخل الشقة إلى أن
قذف بها إلى الحمام وصفق الباب خلفه!.
تملكني الفضول وحاولت البحث عن أي شيء لتعطير المنزل، بالفعل
كان معبأ برائحة الطعام خاصة أنني طهوت كميات كبيرة اليوم، لكن الرائحة ليست مؤذية
للدرجة! .. ما لم تكن؟!.
ذهبت للحمام أروي فضولي وشكوكي!، ولم أحتج للتصنت عليهم
فأصواتهم كانت واضحة للغاية!.
"أكرهك .. أريد الطلاق هل تفهم هذا ..عععععع أريد
الطلاق!".
فتح سمير الباب ونظرات القرف تملئ وجهه وهو يضع منديل
على فمه، وزمجرت قمر بإعياء
"فقط أنتهي من هذا الإعياء وسوف نذهب للمأذون في
الحال".
جاوبها بإعياء
هو الآخر
"جيد لأنني لن أحتم ... أعععععععع".
زاغت حدقتي سمير للداخل وهرع للحوض هو الآخر يفرغ معدته.
تراجعنا أنا ومالك إلى الوراء نشعر بالارتياب تقدمت بخوف
وسألتهم هامسة
"هل أصبتم بالتسمم؟ هل أتصل بالإسعاف؟!".
كانت قمر تلهث بشدة ولكنها هزت رأسها رافضة، ووقف سمير
الذي جلس على حافة حوض الاستحمام لبرهة ثم أمسك بخصلاتها الحريرية المتراقصة
وجمعها للخلف وفرك ظهرها بلطف
"هل انتهيتِ؟!".
لهثت بإنهاك بالغ
"تقريبا .. لم .. يتبقى شيء بمعدتي على أي
حال".
غسلت وجهها وأصر الاثنان على تنظيف الحمام ومن ثم خرجوا
منهكين بشدة وكأنهم خاضوا حرب شعواء للتو!.
جلست قمر على الأريكة تضم أحدى الوسائد لها بقوة وتمتمت
بهمس منهك
"لا زلت أريد الطلاق".
تمتم هو الأخر بإنهاك
"وأنا الآخر".
حسنا لقد شككت بكونها حامل، لكن لمَ يتقيأ زوجها هنا؟!.
جاوب سمير على نظراتي الفضولية
"قمر حامل علمنا اليوم صباحا".
ارتفعت الغرابة على وجهي
"فهمت هذا الجزء، لمَ تتقيأ أنت؟!".
"لا أستطيع منع نفسي عند سماعها تتقلص معدتي لا
إراديا، هل أجد لديك بعض من الليمون؟!".
جلبت بضع حبات من الليمون وبدلا من إعطائها لزوجته بدأ
بعصر القليل من القطرات بفمه وهو يصدر تأوهات لشعوره بالراحة.
وساعدت قمر نفسها ووضعت نصف ليمونه بفمها دون تقشير
وكأنه الشيء الأكثر طبيعية بالعالم، وبدأت بمضغها باستمتاع بالغ.
أقترب مالك مني وهو يشعر بالجزع لتناول الاثنان الليمون
دون أن ترف لهم عين ولكنني لم أتمالك نفسي من السخرية على حالي، منذ البارحة وهو
يفر مني تقريبا والآن ساقه تلتصق بخاصتي!.
"من كل عقلك مالك؟!".
زمجرت به دون أن أدرى
"ما ماذا؟!".
سأل بارتباك
هززت برأسي لا عليك وذهبت لجلب بعض التسالي المملحة لكل
منهم كي تساعدهم على تخطي هذا الغثيان المريع الذي مروا به.
بعد قليل أصبحوا أفضل حال وضرب الجرس مرة أخرى وتلوت
أحشائي هل يعقل أن يزورني أحد من عائلتي؟!.
كان والد مالك هو الطارق وضم أبنه له بقوة وحياه بحب
بالغ ومن ثم دلف وأغلق الباب، نظر نحوي ببرود ومن ثم القي التحية على كل من سمير
وقمر.
لم يبد عليهم أنهم سوف يخبرون والدهم بالحمل، وقررت ألا
أحشر أنفي بأمرهم الخاص، ربت على ساق مالك بقوة يدعمه
"كيف حالك بني؟".
هز مالك رأسه بسعادة بالغة له
"بخيير ج جدا".
يتلعثم مالك في حالتين عندما يشعر بالتوتر أو الخوف
وعندما يشعر بسعادة بالغة، وفي تلك اللحظة شعرت بسعادته البالغة، أيا كانت مشكلته
سوف نتجاوزها أنا أكيدة من هذا.
ذهبت لجلب ضيافة جديدة تحت نظرات والده الجامدة لي
وبشدة، فقط لو أعلم السبب؟ّ!.
"تفضل عمي".
تناول طبق الحلوى مني بنظرات جمدت الدم بعروقي فذهبت
وجلست إلى جوار مالك سريعا وأعددت له طبق حلوى هو الأخر، تناوله مني بحبور، ورغم
السعادة البادية على وجه مالك إلا أن ذلك لم يشفع لي عند والده.
تدخلت قمر لتلطيف الأجواء قليلا
"تبدو سعيد للغاية ومشرق يا مالك ألن تخبرنا بسرك
الصغير، هل أمضيت وقت جيد؟".
وغمزت له بشقاوة، هز رأسه بحماسة شديدة
"أ أجل جدا أ أنا سعي يد جدااا".
التفت والده له غير مصدق ولم أفهم لمَ؟ وسأله سريعا
"ما الذي فعلته يا مالك؟!".
لكنه بدا نادما فورا على هذا السؤال، حاول إصلاح جملته
لكن مالك قاطعه بحماسة شديدة.
"ل لقد طلبنا الأغرا ض على الهاتف وطهونا الطعام،
وجميلة أعدت لي صينيه المعكرونة .. ال التي أ أحبها والعصير.. والطاولة كانت جميلة
للغاية.. والأطباق جديدة .. وجميلة علمتني ع على الغسالة الجديدة ووعدتني كل يوم
سوف تعد لي العصير و و أنني لن أبقى وحيدا أبدا".
كان الكلام متقطع لكننا فهمنا وجميعنا بلا استثناء دمعت
عيوننا بشدة بالغة لسعادة مالك الذي كان يتحدث بحماسة شديدة، لم أرى أي أحد من
الموجودين، مالك فقط من رأيت وأمسكت بيده، أنظر له بحب فقط أريد أن امنحه كل الحب
والحنان الموجود بالعالم كله لأنه يستحق .. هو وحده من يستحق.
هدأت أسارير والده وتحدث بهدوء
"أهم شيء أنك سعيد بني، لا يهم شيء آخر".
هز مالك رأسه بحماسة ونظر لي وهو يضحك.
انتهت الأمسية بهدوء ولاحظت أن نظرات والده الحادة هدأت
نحوي قليلا، وأصبحت أقل شرا.
ذهب والد مالك أولا إلى شقته ومن ثم قرر قمر وسمير
الذهاب وقفت قمر سريعا بحماسة إلا إنها أصيبت بدوار حاد وكادت أن تسقط لولا إمساك
سمير بها.
"أكرهك أكرهك أنت السبب".
"أجل وأنا الأخر أكرهك".
قالها سمير وهو قليل الحيلة، ظلت متذمرة حتى أثناء
نزولها ورغم أنها كانت تهمس بغيظ له، إلا أن صوت همسهما كان عال!.
"لابد وأن هذا حدث في يوم الأربعاء الأسود ذاك، أنت
السبب لم تمهلني أي فرصه لأخذ الحبة!".
"لا لا يا مدام، هذا حدث يوم الأربعاء الأحمر
وأتذكر هذا جيدا لأنك ارتديت القميص الأحمر القصير وظللت تلوحي بوركيك يمينا
ويسارا، أي أن هذا الأمر حدث بموافقة كل منا وعلينا نحن الاثنان تحمل كامل المسؤولية..
لن أحملها وحدي مثل كل مرة أنا فقط تصرفت كرجل لديه أي نقطة من الدماء!".
صرخت به
"أكرهك".
تمتم بلا مبالاة
"وأنا أيضا".
فركت ذقني بعد هذه المحادثة الشيقة ربما علي ارتداء الأحمر
القصير الآن، لقد أتى بمفعوله مع قمر ربما أتي بمفعوله معي أنا الأخرى!!.
***
جلست على السرير أضرب وركي باليد اليمنى وأصفع خدي بيد
اليسرى!، لا شيء لا شيء يحدث ويمكنه أن يغير من قرار لوح الثلج الذي يبات على الأريكة
بالخارج!.
هل هذه جائزة صبري؟!
لي ست سنوات ونصف يا عالم دون زواج!!!
هل هذا هو الجزاء؟!
يا حظك السيئ يا جميلة
يا خيبة عليكِ يا جميلة
يا و ...
لا داعي لذكر ذلك!.
فور أن ذهب كل من قمر وسمير دلفت سريعا وارتديت الأحمر
القصير، لم أتجرأ البارحة على الخروج به أما اليوم فاكتسبت شجاعة أريد أن أكون
سعيدة مثل قمر وسمير، وأن أبدأ حياتي الزوجية وأنتهي من هذا التوتر!.
أخذت نفس عميق وتجرأت على الخروج أمامه بهذه الملابس،
كان سمير مشكور شغل لنا التلفاز لأن مالك وأنا فشلنا بهذه المهمة، كان الجهاز حديث
ورائع والشاشة كبيرة وكان مالك مبهور بها حرفيا.
أدعيت اللامبالاة وأنني أنظف الطاولة ببساطة!، اتسعت
حدقتاه كثيرا لي ولكنه دلف سريعا واختبأ بغرفته، اغتظت كثيرا منه وضغطت أسناني
بشدة تبا لك ألف مرة يا مالك!.
انتهيت من التنظيف وطرقت باب غرفته بعصبيه سوف أنفجر
بوجهه لا محالة، لقد بدل ملابسه للخروج!.
اتسعت حدقتاي أنا هذه المرة بشدة
"هل أنت ذاهب إلى الخارج؟!".
لم ينظر لي وشعرت بأنني أقبح امرأة على وجه الأرض
"أ أجل".
وخرج سريعا من أمامي قبل أن أعترض حتى!، عاد بعد ساعة
وتكور على الأريكة دافنا رأسه بها، ولم ينظر لي أبدا حتى بعد كل الضوضاء التي افتعلتها
بالمطبخ ظل ينكمش على نفسه أكثر وأكثر إلى أن ألقيت الأواني بيدي وصفعت باب الغرفة
خلفي بحدة.
وها أنا لي ساعة أصفع وركي مرة أندب حظي، ووجهي المرة الأخرى
لأنني فعلت هذا بنفسي!.
ما هذا الحظ؟.
ما هذا الحظ؟.
ألن يتم إنصافي بأي شيء في هذه الحياة؟!.
حتى لو كان الشيء الأكثر بديهية بالعالم كله!!!.
عضدت شفتاي بقوة وذهبت إلى المرآة أحدث نفسي وكأنني شخص
أخر علي أن أوبخه.
"والآن ماذا يا هانم؟ ها؟!!، لقد صنعتي أعداء لك
بكل مكان .. هل أنت راضية الآن؟.
ما هذه الورطة التي وضعتي نفسك بها؟، إلى من سوف تتحدثي؟
لقد تبرأت منك عائلتك تقريبا، لا أخت لا أخ لا أب لا أم، حتى أميرة إذا ما هاتفتها
الآن سوف تنفجر بوجهي تخبرني بأنها حذرتني كثيرا، إلى من سوف تتحدثي يا بليدة
العقل أنت؟!، لو استمعت إلى كلام عائلتك لمَ كنتِ
بهذا الوضع
الآن!، هل أنت راضية؟؟! ها ها
ألم يأمرك الله ببر الوالدين؟ يا عديمة الإحساس أنت!".
كان صوتي ساخر بشدة، هذا ما كان علي فعله على أي حال
السخرية من نفسي ومن وضعي البأس هذا كي لا أنفجر بكاء أو صراخا.
أخلدي للنوم جميلة .. وحيدة .. مثلما قضيتي الخمسة عشرة
سنه السابقة.
***
أصبح لي شهران الآن متزوجة من مالك استيقظت بصعوبة بالغة
فليلة البارحة بكيت بكاء حار على وضعي السخيف هذا، ارتديت القصير والأقصر منه،
وألوان الطيف كلها تقريبا، تمسكت به في كل لحظة وكل وقت حتى أنني كنت أنزل معه
للورشة يوميا وهو كان سعيد بذلك بشدة، وأنا الأخرى كنت أحب أن أمضي الوقت معه.
في الصباح كانت الأمور تبدو طبيعية للغاية وكأننا زوجان
جيدان ومتفاهمان لم يكن به أي مشكلة، ولكن عندما يحل المساء وخاصة بعد أن يصلي
مالك العشاء يبدأ بالتكور على نفسه والتهرب مني بشتى الطرق.
الصداع يفتك برأسي حقا، خرجت لصنع كوب القهوة خاصتي كي
أهدأ من هذا الألم قليلا، وجدت مالك بالمطبخ يرتدي مريول المطبخ الوردي خاصتي، صنع
الشاي وقطع الخيار وأعد الجبن والبيض المقلي مثلما علمته تماما، نظر لي بابتسامة
مشرقة
"ج جميلة .. ت تعال .. لم أحرق البيض أنظري".
كان سعيد بشدة لكن سعادته لم تتغلب على الحزن بداخلي مثل
كل يوم، المرارة بداخلي كانت كبيرة اليوم وكنت أعلم بأنني لن أصمت عن ما يفعله
أكثر من ذلك، لم أجد فقط طريقة لفتح الحوار معه بعد.
ذهبت لأجد البيض جيد نوعا ما، ويلف شيء بصندوق إلى جوار
الطعام
أزاح القماش
المخملي ونظر لي بفرح كي أفتح الصندوق ولكنه أعاده سريعا للخلف، وقدم فنجان من
الشاي لي مبتسم بسعادة بالغة
"أشربي أولا ".
أزحت الكوب ببرود من أمامي وفتحت الصندوق لأجد السلسال
الخشبي الذي كنت طلبته منه.
يوم ذهابنا لشراء الذهب خاصتي أصر مالك على شراء سلسال
ذهبي لي ولكنني لم أرد بأن أثقل علية فطلبت منه صنع واحد مميز من الخشب، وها هو
صنعه ويلحقه بسلسال من الفضة كان على شكل وردة رائعة، والتف مالك إلى جواري وقام
بليها لتتحول إلى شكل قلب ومن ثم فتحها.
" ي يمكن وضع صورة .. هنا، هل .. أعجبتك؟!".
فارت الدماء بجسدي بشكل غير عادي ونظرت له نظرة مميتة
"كف عن هذا".
تحدثت من بين أسناني حرفيا وكنت على وشك ارتكاب جريمة
قتل في الحال!.
توتر وانمحت السعادة من وجهه
"ما ماذا هناك؟!".
اقتربت منه أزأر وأكشر عن أسناني بغضب
"كف عن أفعالك اللطيفة تلك! .. كف عن كونك لطيف محب
صباحا، وكاره مشمئز مساءا.. لقد سئمت كل هذا.. لقد سئمتك كثيرا يا مالك سئمتك ولم
أعد أطيق أي من هذا".
كان صراخي عالي وتراجع هو للخلف بخوف بالغ
"م ما الذي فعلته ضايقك!!".
كان مرعوب ولكنني كنت فقدت كل شيء يمس المنطق، وفكرت في
تلك اللحظة بأن أتركة وأذهب بحقيبة ملابسي وأدوات التصوير وفقط أهرب بلا عوده
لأهلي أو له لقد سئمتهم جميعا بلا استثناء.
تقدم برعب مني وصدره يعلو ويهبط بسرعة رهيبة
" أ أشربي ال الشاي .. لتهدئي ق قليلا!".
أطحت بالكوب بعيدا وصعق مالك بشدة
"أكرة الشاي أنا أكرة الشاي بشدة ولا أضع السكر
بطعامي مطلقا، أنا فقط لم أرد أن أحزنك من قبل، كف عن فعل هذا، كف عن فعل الأشياء
اللطيفة صباحا ومن ثم تركي مساءا!".
أشرت بإصبعي للأسفل في إشارة مني لإصراري الشديد بالمعرفة
وظللت أتقدم في الخطوات وهو يتراجع بخوف
"لمَ تزوجت مني؟ لمَ تزوجت مني إن كنت لا تريدني؟،
لقد خسرت كل شيء بسببك هل تعي ذلك جيدا؟ خسرت كل شيء!".
ارتعشت يداه بشدة وظل ينظر حوله بتوتر بالغ وكأنه يبحث
عن أحد كي يخرجه من تلك الورطة، حاول الرجوع للخلف بخطوات أسرع، لكنني أحكمت
قبضتاي على ذراعيه بقوة.
"لن تذهب إلى أي مكان.. الآن وحالا سوف تخبرني لمَ
تقدمت لطلب يدي، أنطق يا مالك قبل أن أجن!".
كان صراخي عالي للغاية تمتم برعب بالغ
" لم لم أفعل!".
صحت بوجهه
"كــــــــــــــــــاذب!".
وركضت لغرفتي
وأحضرت الصندوق وعدت راكضة، كدت أن أكسر الصندوق أرضا لشدة غيظي منه ولكنني تحكمت
بغضبي في آخر لحظة.
"مَن حفر هذا الصندوق إذا ها؟!، لمَ فعلت هذا
بي؟".
هز رأسه بتوتر بالغ بأن لا
ألقيت الصندوق أرضا وتوسلت له هذه المرة بشدة ولم يخرج
صوتي من حنجرتي لشدة شعوري بالقهر
"أرجوك.. أتوسل إليك يا مالك.. لمَ فعلت هذا بي؟ لمَ
تقدمت لي إن كنت لا تريدني؟!، أقسم إن قلبي يؤلمني بشدة".
تتالت شهقاتي بقوة وشعرت بأن قلبي سوف ينشطر بأي لحظة
لشدة الألم
"فقط أخبرني لمَ، هل أسأت إليك في يوم ما؟ هل هذا انتقام
منك، لقد خسرت كل عائلتي لأجلك.. لمَ فعلت بي هذا؟!".
أصبح لهاثي حاد ومنهك وأوشكت على السقوط أرضا إلا أنه
أمسك بي سريعا ثنيت ركبتاي وبكيت بحدة بالغة أخفي وجهي المغمور بالدموع بشدة.
همست من بين شهقاتي
"أخبرني فقط لمَ طلبتني للزواج، لمَ حفرت لي
الصندوق؟".
أشفق علي كثيرا وتجمعت الدموع بعيونه وأمسكت كف يده ولم
أكف عن التوسل له بأن يخبرني الحقيقة.
تكلم بخزي بالغ
"ل لقد .. طلب زبون مني أ أن أحفر على الصندوق (هل
تقبلين ال الزواج مني؟)
ولكنني حفرتها بالعربية، والزبون لم يأخذه .. لأنه أراد
الحفر بالإنجليزية، لم يكن سمير موجود .. ك كي يكتب لي الكلمة ..بالحروف ا الانجليزية..
فكنت سوف أطلب منك أن تكتبي الكلمة لي .. كي أحفرها".
مع كل كلمه كانت عيناني تخرج من محاجرها غير مستوعبة
المصيبة التي وقعت بها، هذا مقلب .. مقلب .. هذا مقلب ظل عقلي يردد هذه الكلمة
بسرعة كبيرة، هززت رأسي بأن لا وبأن هذا مستحيل هذا لا يحدث لي .. هذا لا يحدث
معي.
بالكاد همست
"هل تقول الصدق؟!".
هز رأسه بحزن بالغ بأن نعم
كل شيء تداعى بعقلي تماما، لم أعد أعلم أي شيء، كل ما
فعلته هو أنني لطمت كل من وجنتاي، لطمت كل منهم بقوة حتى كدت أن أنزف الدماء وحاول
مالك تهدئتي
"ك كفي ه هذا حرام .. ك كفي!".
حينما تمكن أخيرا من القبض على ذراعاي
كتمت صراخ عالي للغاية وهمست بجنون
"يا لها من مصيبة.. يا لها من مصيبة!!".
"لمَ؟لمَ؟ لم تخبرني وقتها كل شيء!".
تقوست شفتيه للأسفل
"لم أشأ أن أحزنك أو أن أجلب لك الحرج".
"هل تكبدت عناء زيجة كاملة كي لا تحزنني أو تشعرني
بالحرج؟!".
سألته بدهشة
بالغة
فهز رأسه بنعم
ذهبت أنفاسي تماما، لقد أفلست تماما وخسرت كل شيء
وبالنهاية سوف أعود للمكان الذي فررت منه تارة تلو الأخرى!.
حاولت استيعاب أي شيء يحدث من حولي لكن لم أستطع أبدا،
كانت الدموع تسقط من عين تلو الأخرى وسألته بفم مرتعش بشدة
"هل هل تسمح لي بالجلوس هنا إلى أن أرتب
أموري؟".
تقوست شفتيه بحزن بالغ وهز رأسه بتوتر
همست بروح مسلوبة
"شكرا لك كثير، وأسفه لكل ما صدر مني".
حاولت الوقوف بصعوبة بالغة وزحفت تقريبا إلى غرفتي،
تكورت على السرير والدموع تسقط بهدوء من عيوني، دمرتني الصدمة لدرجة أنها أفقدتني
القدرة على البكاء بصوت أو النواح، كان هذا الأمر رفاهية لا أملك طاقة لها مطلقا.
***
سأل باهتمام بالغ بعد أن راقب صمتها الذي طال
ما الذي حدث بعد ذلك يا امرأة؟!.
كاد أن يصرخ عليها لكنه تمالك نفسه في آخر لحظة متذكرا
الألم الحارق الذي أصابه الأسبوع الماضي.
"مدام جميلة هل أنتِ بخير؟".
حاول أن يكون عاقل قدر الإمكان معها ولكنها لم ترفع
برأسها عن الأرض كانت تتألم بشدة ولم تجيبه بشيء.
"لن أكمل الجلسة اليوم".
وجذبت حقيبتها وهمت بالمغادرة ضرب المكتب وأوقفها سريعا
بيده
"مدام جميلة كل مرة تحكين بها شيء مؤلم تهربين
بعدها لن أتركك تهربين هذه المرة هل هذا مفهوم؟".
نظرت له نظرة جامدة وقد قرأت تعبير وجهه وتمتمت بفم
مذموم
"لا أنت فقط تشعر بالفضول لما حدث بعد ذلك، لا تمثل
دور الطبيب الآن!".
تنهد بقله حيلة
"فقط أخبريني بما حدث بعد ذلك الفضول يكاد
يقتلني!!".
أصدرت همهمة مزعجه من فمها وغادرته وهو تهمهم
"لن تفلح أبدا ما لم تخرج أنفك اللعين من حياة
مرضاك فضولك سيء للغاية!".
صفقت الباب وضرب هو المكتب بقوة وعض على شفته السفلى
"تبا لك ألف مرة الفضول يقتلني، ما الذي حدث بعد
ذلك؟!!!".
نهاية الفصل.
انا حابة اتواصل مع حضرتك
ردحذفهل في مجال لارسال وسيلة للتواصل
صفحه الفيس بوك اتشرف بحضرتك ان شاء الله 🌹
حذفاكيد طبعا ادخلي ع صفحه الفيس بوك اتشرف بيكي 😊
ردحذف