حكايات بيت الرحايمة_الحكاية الرابعة ج1 _بقلم هالة الشاعر

 

 

الحكاية الرابعة
"صندوق ياسمين".
 (1)

 

"لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله،

يتركون الزجاج المكسور هكذا!، والأطفال يلعبون هنا, والسيارات تمر من هنا.. لا حول ولا قوة إلا بالله لطفك بينا يا رب".

كان عوض يتحدث مع نفسه وهو يلملم الزجاج يرتدي بيده كيس بلاستيكي ويحاول تجنب جرح يده.


حكايات بيت الرحايمة
حكايات بيت الرحايمة الحكاية الرابعة ج1


"أستغفر الله.. أذى أذى.. سيئات بلا هدف يا رب!".

(أممم لاااا أممممم)

وقف عوض الذي كان يجلس على عقبيه من أمام أحد الترع بمدخل مدينتهم الصغيرة وتنبهت حواسه بالكامل، قلبه ينبئه بأن هناك شيء خاطيء يحدث

"سترك يا رب.. سترك".

متأهب دون وعي منه تلفت بكل الاتجاهات حتى رأي من بعيد توكتوك (عربه صغيرة ذات ثلاث عجلات)،

يقف بعيداً أسفل شجرة صفصاف عملاقة بالكاد ظهر منه شيء.

ركض نحوه وبدأت شكوكه تشتعل كما النار بالهشيم، وكلما أقترب زاد صوت الاستغاثة وزادت سرعته هو الآخر بالركض، لم يعي ما يحدث تماما لكنه فور وصوله هجم على ملابس أول شخص وجده يجذبه بعنف من ملابسة حتى رمى به أرضا خلف بعنف.

ظهرت على الفور فتاة يكتم رجل أخر فمها بيده بقوة بالغة، هلعت نظرات الفتاة فجأة، فالتفت عوض خلفه بسرعة وأنقذ نفسه من الرجل الذي كان يهم بضربه على رأسه ولكمه بعنف في وجهه ثلاثل مرات حتى ترنح بشدة.

التفت خلفه بسرعة وجذب الفتاة من ذراعها حتى رماها خلفه وأمسك بتلابيب الرجل الثاني وجذبه إلى خارج التوكتوك

"ما الذي تفعلونه هنا يا أولاد الكلب؟!!، والله لأترككم قطع للكلاب".

ضرب عوض بقوة جبارة كل من الاثنين، قوة دبت في أوصاله بفوران مجرى الحق والشرف بعروقه قوة لم يختبرها من قبل.

القاهم أرضا وأخذ مفتاح المركبة ووضعه بجيبه الخلفي،

والتفت إلى الفتاة التي تجاهد الوقوف بأرجل مرتعشة ولا تستطيع، نظرت له والصدمة مليء وجهها وشهقاتها المتتالية العالية تنحر بقلبة، زمجر بها.

"لمَ تخونين ثقة أهلك يا بنت الناس وتغضبين ربك؟! لو أرادك حقا لقدرك وذهب لوالدك!".

هزت رأسها بلا بسرعة ولوحت بكل من يديها المرتعشتين بطريقة هستيرية

"لا ... لا ... أعرفهم.. أبدا"

بالكاد فهم الكلمات من فمها المرتعش!، ذهب نحوها أكثر مستفهم وأشار بيده نحوهم

"لا تعلمين من هم؟!".

هزت رأسها بنعم سريعا

ركل الرجل الأول الذي كان يحاول الوقوف

"كيف أتيت معهم إذا؟!".

جعد عوض حاجبيه وأقترب أكثر من الفتاة التي بدأت معالم وجهها المحمر تتضح له وهي تعدل من حجابها على وجهها.

"لقد.. لقد.. كنت أسير بشارع... وفجأة وجدت هذا التوكتوك أمامي و.. وصاحب القميص الأسود قذف بي للداخل وكمم فمي، أقسم لك لا أعلم عنهم شيء".

شهقاتها عالية ورعبها واضح، صعق عوض

هل وصلت بهم الجرأة إلى هذا الحد؟!، خطف! لكن كيف؟ هنا ببلدتهم الآمنة؟!!.

هدر بهم غير مصدق

"يا أولاد ال ...".

تكلم أحدهم

"تعلم من نحن وأتت معنا بإرادتها".

هاجت الفتاة

"كذب!، قسما بالله كاذب".

دقق عوض بملامحها جيدا وتأكد من شكوكه، أشار نحوها سريعا

"أنت من بيت النادي، أنا أعلم من أنت؟ خديجة بنت محسن النادي!".

وضعت يدها على فمها تكتم صراخها بقوة ثم لطمت كل من وجنتيها بقوة بالغة وبدأت بالصراخ.

"أستغفر الله كفي يا بنت الناس كفي".

نهرها عوض عما تفعله

"أنا أعلم أبن عمك جيدا سوف أهاتفه كي يأتي ويأخذك ويأخذ أولاد الحرام هؤلاء للقسم لا تقلقي".

اتسعت حدقتيها بهلع بالغ، وأزداد لطمها بينما عوض كبل الاثنين بحبل وجده بالعربة خاصتهم.

"سوف يقتلني أبي.. سوف يقتلني أبي".

صراخ وعويل ولطم لكل من وجنتيها والتمتمة بهذه الكلمات بطريقة هستيرية، ما إن أنتهي من تكبيل أيديهم إلى الخلف، حتى ذهب لها وأمسك بكفيها ونهرها بقوة عن حرمانيه ما تفعله فاضطرت على الصمت، لكن جسدها كان يرتعش بشدة بالغة، جعلت عوض يشفق عليها ويتراجع عن الصراخ بها.

هاتف عبد الجبار وسرد له ما حدث سريعا، لكن قبل ذكر اسمها كانت تحاملت على نفسها وذهبت تتوسل له وهي تربت على صدرها بألا يخبر أحد بهويتها.

عض شفتيه بغيظ يستغفر ربه حينما كذب على عبد الجبار.

"لا لا نعلم من هي، ولا عائلتها ترفض إخباري، أنها خائفة".

جاوبه عبد الجبار بغلاظة

"بالطبع خائفة!، أولاد الحرام هؤلاء قضوا على مستقبلها سوف تتدمر سمعتها، مدينتنا صغيرة وأنت تعلم كيف هي ألسنه الناس!".

أنتبه عوض لهذا الأمر الذي كان غافل عنه في فورة غضبة، بالطبع المسكينة إذا مس سمعتها شيء لن تتزوج هذا إن لم يدفنها أهلها حية أولا!!.

لانت ملامح عوض الذي أستمع إلى تعليمات عبد الجبار وقرر تنفيذها.

حدثها بحزم

"رتبي نفسك سريعا هيا سوف أعيدك لمنزلك".

"سوف يقتلني أبي أقسم سوف يقتلني".

محسن النادي والدها يعلمه جيدا، لسبب وجيه!.

النادي أكثر رجال مدينتهم غلظة وقسوة على الاطلاق

"إن الله حليم ستار يا أختي، هيا رتبي نفسك سوف أعيدك لمدخل البلدة لا تخشي شيء".

تتالت شهقاتها غير مصدقة أنها سوف تنجو من هذه الورطة، ذهبت نحوه تشهق بضعف وتسأله بترجي

"أتقسم على أنك لن تخبر أحد؟".

تبا!

 تبا!!

 تبا!!!

سوف يأتي عبد الجبار ويربطه إلى جوار هؤلاء الأوغاد لهذه الشجرة البائسة!.

كان هناك سبب واضح كونه استطاع التعرف عليها، فعائله النادي جميعهم رجال ونساء يمتلكون عيون عسلية، لكن خديجة النادي وحدها تملك عيون ذهبية، تلمع كالذهب طول الوقت دون مبالغة، الجميع يعلم من هي خديجة النادي ولمن تنتمي.

رمش عوض عدة مرات ينفض تأثيرها المهلك عليه وحك جبينه يتنحنح ويشير لها كي تسبقه.

"تقدمي يا أخت سوف أوصلك ولا داعي لأن يعلم أحد، لكن لا تسيري وحدك مجددا".

هزت رأسها بطاعة سريعاً

"أعدك ... أعدك".

التفت وضرب جبهته

"يا ويلك يا عوض يا ويلك.

ذهب للعربة وجلب حقيبتها من مؤخرتها وأعطاها لها وسار خلف خطواتها المتعرجة المتعثرة.

بمدخل البلدة وجد توكتوك لأحد تلاميذه بالمدرسة لوح له

"يا محمود خذني لمنتصف البلدة".

ابتسم الشاب له بحبور

"أمرك يا أستاذ عوض".

ركب عوض وجحظت عيون خديجة الذهبية لظنها أنه تركها، تحدث مع الشاب

"أعتقد من الأدب لو سألنا الآنسة، ما رأيك أن أركب معك بالمقدمة".

التفت الشاب له باستنكار

"لن توافق على الركوب مع رجلين أبدا".

أنتبه عوض وضحك يفرك رأسه

"أصبحت رجل يا ولد هيا لنجرب حظنا".

التف الشاب بعربته الصغيرة وعاد فسألها عوض دون أن ينظر لها

"أركبي يا أخت لنأخذك للبلدة لا يجوز سيرك هنا وحدك".

تنفست الصعداء وركبت بتوتر بالغ وما إن دلفوا إلى وسط البلده حتى استأذنت بأن ينزلوها، نقدت السائق وفرت للداخل، نقده عوض هو الآخر متعلل برؤية صديق له وتبعها من بعيد إلى أن دلفت إلى بوابة منزلها الحديدية العملاقة.

فمنزل فخم كمنزلها الذي يشبه القصور لا تليق به بوابة سوى هذه كي تحميها من المشردين أمثاله.

أبتلع مراراته الساخرة وعاد إلى شجرة الصفصاف العملاقة ليجد كل من عبد الجبار وإبراهيم يتشاجرون!.

"أخبرتك بأنني أتيت منذ لحظات قليلة"

قالها وهو يصفع صاحب القميص الأسود على مؤخرة رأسه صفعة مميته!.

"ولمَ لم يبلغني أنا الأول؟ ها؟!".

سأل إبراهيم باستنكار وهو يصفع الرجل الآخر.

ركل عبد الجبار الرجل أسفله بوحشية.

"هو الذي هاتفني؟ ها قد أتي أسأله ودعني أركز!".

صرخ عبد الجبار بإبراهيم

التفت بغضب لعوض

"لمَ هاتفته هو وليس أنا؟!".

سأل بغضب وهو يصفع الرجل أسفله.

أستمر الشجار بين أبراهيم وعبد الجبار وكذلك الضرب، أنضم لهم عوض وهو يدافع عن نفسه من هجوم إبراهيم كونه لم يهاتفه، لكنه مر صدفه بسيارته من هنا ولفت أنتباهه وجود عبد الجبار فتوقف ليجده يضرب هؤلاء الاوغاد فانضم له.

ألقى عوض بغيظ بالغ بالمفاتيح في الترعة الموجودة خلف الشجرة، وركل عبد الجبار العربة الصغيرة خاصتهم حتى سقط نصفها بالمياه وتركوهم مدمرين من الضرب وذهبوا إلى سيارتهم.

أنطلق إبراهيم بالسيارة وإلى جواره عبد الجبار وعوض، لقناهم درس قاسي ها؟ لن يعيدوها".

تمتم إبراهيم بفخر

رد عبد الجبار بمرارة خالصة

"فعله حقيرة مثل تلك وتتدمر حياة الفتاة المسكينة إلى الابد، كان يجب تسليمهم للشرطة لكن دون فتاة، لا قضية لدينا".

ثم التفت فجأة لعوض ونكزة عدة مرات بصدره بكوعه الضخم

"احسنت يا ولد لولا أن سمعتها لكانت انتهت المسكينة".

تألم عوض بشدة يفرك صدره وقد فقد القدرة على التنفس من شدة الألم فزمجر بلهاث

"ألم تشبع من الضرب؟!".

فتمتم عبد الجبار ببرود

"لا، لا أشبع أبدا"

 وسكت برهة ثم ضحك ثلاثتهم ضحكه رنانة عالية!!.

*

أفاق عوض من ذكرياته السيئة وهي سيئة لأنها لفتاة لن تكون له أبدا، شغلت باله دون أن يعي أو يدرك خطورة تعلق قلبه بالوهم والمستحيل.

غسل وجهه عدة مرات يستغفر ربه وتحدث لوجهه بالمرآه.

"أنت فقط قلق هل علم والدها بهذا اليوم أم لا؟، لا شيء آخر!".

طرقات على باب الحمام جعلته يلتفت سريعا

"هيا يا ولدي تأخرنا أسرع".

نزل عوض أمام والديه يحمل صينيه طعام، لا هو ولا والديه يريدون تناول شيء من حميدة، النظرة الساخطة على وجهها لم تخفى عليهم، خاصة لطعامهم البسيط وكذلك الجدة أمرت أم سعيد بإحضار طعامها من المطبخ، وعبد الجبار همس لزوجته بقرف

"أين الطعام خاصتك؟".

وضعت أمامه بحبور اثنان من الحمام، فهمس لها بعتاب

"منذ الصباح وأنت تعدين الطعام لحميدة يا نعمات".

قضمت شفتيها المحمرة

"تعلم أنها صديقتي وطلبت مني لأن طعامي شهي".

لاك الطعام ونظر لها بجمود

"أخبرتك ألف مرة أن هذه الصداقة لا تعجبني".

ناولت صغيرها الموجود بحضنها بضع حبات من الأرز ثم نظرت له بمرارة

"وأنا الأخرى لم يرحب بي الكثير بهذا المنزل كوني الزوجة الثانية خاطفة الرجال".

قالتها بعتاب بالغ فنظر لها عبد الجبار لوهلة ثم أعتدل بكرسيه وابتعد عنها يتناول طعامه دون شهية.

مباهاة وزهو حميدة وزوجها بالمائدة الفاخرة ضاعت هباء، بالكاد مسها أحد الحاضرين، الكل تقريبا حضر بطعامه، المائدة موضوع بها كل أصناف اللحوم بمبالغة وزهو لا داعي له.

كانت يا سمين تمرجح بعض من حبات الأرز بطبقها يمين ويسار دون هدف، فحميدة جرت حميد كي يجلس إلى جوارها كي لا يجلس معها، حقا تشعر بالإرهاق مما يفعلوه أهل حميد معها لكنها لا تهتم لهم بل تهتم له وتريد أن تعوضه عما فاته ومتحمسة لبدء حياة جديدة معه، لكن كل تلك الأمور السخيفة التي تتعرض لها من قبل حميدة وأخت حميد، لا تعلم ما هي أهميتها؟ وتشعر بيقين بداخلها بأنها سوف تضطر للهرب معه إلى استراليا والعيش بمنزل والدتها معه وهذا يزعجها حقا.

تخوض هذه الحرب لأن القرب من توحة يستحق، لقد شعرت بالحب بين جدران هذا المنزل أكثر من أي مكان بالعالم وهي قد ذهبت للكثير بالفعل!

أنحنى أبراهيم عليها يهمس

"لمَ لا تأكلين يا ابنه الغالي".

نظرت له ببؤس وشفتيها مضمومتين بامتعاض تنهد بحزن ثم نظر أمامه على الطاولة

"الله الله الكشري المصري خاصتك لا يعلى عليه يا أم عوض".

ابتسمت أم عوض على الفور ابتسامة طفولية جميلة نظر إبراهيم لياسمين التي ابتسمت لها بمحبه

"أحبه جدا".

أخذ إبراهيم طبقها وناوله لأم عوض التي كانت سعيدة جدا

"ضعي صلصله حارة تونت".

ضحك والد عوض عليها وتمتم بمحبه لأبنه أخيه

"نذكر جيدا صلصله كثيرة، وشطة حارة".

هزت رأسها بشقاوة بنعم

وقفت ياسمين كي تأخذ الطبق فرأت أمام أم رحمة صنيه ضخمة من المعمر

"أه اتذكره تونت ضعي لي القليل".

جلست يا سمين بأناقة ثم بدأت بتذوق الطعام باستمتاع وقد أشرق وجهها مرة أخرى

"أه يا اللهي أنه رائع سلمت يداكِ تونت".

 سعدت كل من أم رحمة وأم عوض كثيرا وبدأ عوض بوضع الطعام أمام الجدة وعبد الجبار وأولاد عمومته وتغير الجو المسموم الذي بخته حميدة وزجها في الجو.

كان إبراهيم يضع الطعام بطبق ياسمين وأنحني يحدثها

"هكذا تشرق الشمس بضحكتك يا ابنه الغالي".

نظرت له بمحبه خالصة والطعام يملئ فمها للاهتمام والرعاية التي يحيطها بها دائما منذ أن كانت صغيرة إلى اليوم

"شكرا لك كثيرا لقد أرهقتك معي يا عمي".

لكنتها المتغيرة يعشقها ويعلم ما تعنيه جيدا كونه أهتم بها منذ وفاه والديها، هم بالرد عليها لكن هناك عيون ثاقبة كانت تراقب كل شيء ولا يعجبها ما رأته أبدا.

"أتعبناك كثيرا يا حاج أبراهيم منذ وفاة والدي ياسمين وأنت تهتم بها وبشؤنها آن الأوان كي تترك ذلك الحمل لحميد".

بهت وجه إبراهيم لإشاراتها على أن ياسمين عبئ ثقيل عليه،

ولأن غيره سوف يتولى أمورها!.

تعالت أنفاسه بسرعة وهم بالرد، إلا أن عبد الرازق تتدخل

"ما أخبار البقرة؟ لمَ لم تبيعها للآن؟! لقد أقترب موعد العرس كثيرا وياسمين لم تنهي أغراضها بعد!، على أي حال لو كانت أملاكها معي لكانت تجهزت بأفضل جهاز في البلدة، سوف أهتم بكل هذه الأمور لاحقا".

ترك الجميع طعامهم وظهر الغضب على الجدة على الفور بينما ياسمين تمضغ الحمام الذي وضعه إبراهيم بطبقها بتأني واضح

"سلمت يداك نعمات الحمام رائع كالعادة".

"ما الذي سوف تهتم به يا ابن جلال؟!".

سألت الجدة باستنكار واضح

"أملاك زوجة أبني"

ونظر بسخط لحميد

"تعلمين حميد ليس موجود هنا ولا يفهم سوى بأمور الهندسة خاصته".

ذهبت أنفاس إبراهيم وهو يشعر بكل شيء يتسرب من بين أصابعه كالماء وقبل أن يهاجمه أحد تدخلت حميدة بدهاء

"هو لا يعني شيء يا ياسمين، لكن أن الأوان للحاج إبراهيم كي يلتف لحياته ويتزوج كفاكِ دلال عليه".

لكن عبد الرزاق لم يصمت

"أنه لا يجيد التصرف بالأمور لو كانت هذه الأملاك أسفل تصرفي لكانت ازدادت كثيرا لكن رأسك يابس ولا تسمعين الكلام أنظري لحالك لم تستطيعي تجهيز نفسك إلى الآن".

عصرت حميدة فخذه كي يصمت

وابتسمت ابتسامة سخيفة للجميع

"هذا سابق لأوانه أنها أملاكها هي وزوجها لا شأن لنا يا عبد الرازق".

"أنها أملاكي وحدي".

تحدثت ياسمين بثقة بالغة

"ولا يحق لأحد غيري بالتصرف بها حتى لو كان حميد".

فارت الدماء برأس عبد الرازق وزمجر بغضب بالغ وصوت عال

"ألا كبير لك يا بنت عبد السميع؟ ما قله الحياء هذه؟!!".

ردت بجرأة

"بلي لي".

وعادت بظهر ها للوراء وتأبطت ذراع إبراهيم الموضوع على السفرة

"إبراهيم".

تحرك عبد الرازق بغيظ بالغ وبدي أنه سوف يهجم على ياسمين فزمجر الجد لأول مرة بتحذير بالغ

"أصمت يا ولد".

نظر عبد الرازق لوالده ثم غادر السفرة بعصبية بالغة، فتحدثت ياسمين إلى حميدة

"عمي إبراهيم هو الوصي على، تزوجت أم لا هو الوصي وإن مل يوما ما مني، ف جوجو موجود من بعده".

فانتفض إبراهيم يزأر

"أبدا والله ما رأيتك يوما ما عبء ولن أمل يوما".

التفتت له وابتسامة واسعة تملئ فمها

"سوي الأمر إذا ولا داعي لفتحه مرة أخرى مطلقا".

السعادة والارتياح على وجه كل من الجدة والحاضرين واضحة

لأن ياسمين متمسكة ب إبراهيم، ولم ينطلي عليها خداع عبد الرازق.

 انسحبوا إلى غرفة الجدة لشرب الشاي وبقيت حميدة على السفرة مع ابنتيها تنظر للسفرة بغيظ بالغ، لقد فشلت مخططاتهم مبكرا قبل أن تبدأ حتى!، ومأدبة اللحوم التي أرسلها والدها لم يمسها أحد، فضربت السفرة بقبضتيها عدة مرات بحنق بالغ.

***

"صباح الخير توحة".

بعد عدة أيام من تلك العزيمة المروعة دلفت ياسمين غرفة الجدة صباحا

"هل وصل حميد لعمله يا ياسمين".

هزت رأسها بنعم

"حمد لله على سلامته، تعالِ أريدك بأمر هام".

نزلت ياسمين تجلس إلى جوار جدتها التي ظلت تهمس لها بعدة أشياء لعدة دقائق وسط استغراب إبراهيم وعبد الجبار

"تستطيعين فعلها اليس كذلك".

ابتسمت ياسمين بشدة وفركت كفيها بمرح

"وأخيرا بعض الحماسة بالمنزل".

وذهبت من أمامها راكضه، بينما أم سعيد كانت تنظف وترتب ساحة المنزل الكبرى وتهيئها على أفضل وجه، جمعت ياسمين ما أمرتها به توحه وذهبت لبيت عمها عبد العزيز حيث رحبت بها زوجه عمها ذات الوجه البشوش دائما والأبيض المملوء بالحمرة.

بعد الكثير من السلام والمحبة الخالصة لياسمين سألت وهي تقضم أحد قطع القرص

"أين العروس؟".

كانت رحمه تقف بتوتر بالغ أمام المرآه وحينما سمعت صوت ياسمين خلعت الملابس التي ترتديها على الفور وارتدت عباءتها المنزلية الخفيفة، تشعر بحرج بالغ ويأس من وضعها المفلس فالملابس التي كانت ترتديها وتنوي مقابله العريس الذي سوف يتقدم لها اليوم، ياسمين من أتى بها من الخارج.

حالما خرجت من غرفتها غمغمت أمها بعفوية

"لمَ بدلت ثيابك لم يعد هناك وقت، تأخرنا"

جحظت عيون رحمه تحذر والدتها فالتفتت ياسمين لزوجه عمها

"أممم أين المش الرائع خاصتك كي أتناوله مع القرص".

"حالا يا ابنه الغالي".

التفتت لرحمه

"مبارك رحمه، كيف حالك يا طبيبة العائلة؟".

هزت رأسها بابتسامة رسمية مهذبه على ثغرها، دائما ما تقوم ياسمين بعمل حدث جلل كونها طبيبة رغم أن رحمه موضع شك وسخرية من الجميع تقريبا!.

دلفت زوجه عمها وتذوقت ياسمين المش باستمتاع بالغ

"أه أنت رائعة، على أي حال لا أريد إزعاجكم لقد أتت الشحنة خاصتي أخيرا من استراليا لا أعلم لمَ تأخرت كل هذا وقت؟".

"أهلا بكِ في أم الدنيا".

غمغمت رحمه وأمها في نفس الوقت

جعدت ياسمين حاجبيها تهمس لنفسها

"لمَ الجميع يخبرني بهذه الجملة؟!".

لوحت بيدها في الهواء

"لا يهم وصلت أغراضك المتأخرة بها، أتمنى أن يكون المقاس مناسب لك".

شهقت والدتها بفرح

"والله يا ياسمين بوقتهم فرحمه كانت محتارة بشدة...".

أمي! لا داعي لذلك، أمورنا بخير يا بنت العم لا نح.."."

"هراء ما هذا؟! رحمه لا تردين ياسمين أنها أختك، سلمت وسلمت يداكِ يا أبنه الغالي".

وضعت ياسمين الأغراض بيدها ولوحت لهم بتردد بالغ تودعهم

"حسنا أمم.. من الأفضل أ.. أن أذهب كي تستعد العروس".

أمسكت زوجه عمها بيدها

"لا أريد أن أثقل عليك ولكن هلا رسمت لرحمة ذاك الخط الرائع الذي ترسميه فوق عيونك؟".

همت رحمه بالزمجرة على والدتها إلا أن ياسمين كانت قد صرخت من الفرحة بصوت عال وهي تقفز بشدة من الفرح

"اه يا اللهي ظننتكم لن تطلبوا أبدا!".

وركضت لباب الشقة وفتحته وجرت حقيبة عملاقة وضعت بها أغراضها

"لدي أفكار رائعة لزينة وجهك، لكن بالبداية علينا بوضع بعض أقنعه الترطيب على وجهك في الحال فبشرتك تبدو جافة للغاية".

دلفت ياسمين إلى غرفة ابنه عمها المتواضعة والتي تحوي على سريران يبتلعان معظم المساحة بالغرفة، ورحمة خلفها بتردد بالغ لا تدري ما هو شعورها بالضبط؟.

 أن تشعر بالامتنان كونها معدمه ولم تكن تملك أي شيء وعلى وشك البكاء قبل لحظات،

أم بالإحراج من والدتها التي وضعتها بمأزق محرج مع ياسمين.

دلفت والده رحمه بجسدها الممتلئ خلفهم تشعر بحماسة بالغة للغاية

"أريدك أن تقومي بفرد شعرها، ووجنتيها الباهتتين ضعي عليها الكثير من الأحمر، وأي كريم لديك أبيض ضعيه على ذراعيها ووجهها و أر...".

"أمي!!!".

صرخت رحمه بينما عيون ياسمين جحظت لأفكار زوجه عمها المريبة

التفتت بدلال ومكر ولكنه أجنبية مليئة بالميوعة

"أوه نعناعة، هل أجد لديك طبق آخر من المش والقرص اللذيذة مع كوب من الشاي؟".

رمشت بعيونها بمسكنة لنعناعة التي ضربت على صدرها بلهفة

"في الحال يا روح قلب نعناعة".

أغلقت ياسمين الباب خلفها سريعا واستندت عليه بظهرها تنظر لرحمة بمكر

"لننسى تماما ما قالته نعناعة ونهتم بك يا طبيبة".

ارتبكت رحمة بشدة للمكر الخالص بصوت ياسمين والتي لم تعرف كيف تتصرف به بعد!!.

*** 

يتبع ....

إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال