حكايات بيت الرحايمة
الحكاية الخامسة
(1)
البسمة شقت وجه حميدة
دون عناء ومن ثم تداركت سريعا نفسها وحاولت تحجيم فرحتها، نظرت لها علياء ابنتها
بمكر تشم رائحة شيء لا تستطيع تحديد هوية بالضبط!.
ياسمين على حالها تقف
بعيد ونشرت صورة لها كانت أخذتها مع رحمة حينما انتهت من تزيينها
(طبيبتنا عروس)
طبعت الكلمات بسعادة ثم
شعرت بشيء خاطئ يحدث خلفها وما إن خرجت لساحة المنزل حتى علمت على الفور الأمر!.
بعد رش بضع من ذرات العطر أخيرا استعادت وعيها وسط قلق الحاضرين وبكاء وصراخ أمها عليها، فقدانها للوعي
حتما ليست إشارة جيدة من عدة نواح لن يراعي أحد أبدا كونها منهكه جدا، أو أن صدمتها بأن الحياة أخيرا بدأت تتفتح
لها قد انتهت من قبل أن تبدأ حتى!.
حكايت بيت الرحايمة "الحكاية الخامسة ج1" |
أمرت الجدة والدة رحمه
بأخذها سريعا لمنزلها كي ترتاح فذهبت تخبئ وجهها بين طيات حنان أمها وأختها تسندها
من الناحية الأخرى، التفت الجدة على الفور لعبد الجبار بشراسة ما إن دلفوا
لمنزلهم.
"ما الذي
حدث؟".
كان خفيض الرأس وكأنه
يخشى الكلام فضربته توحه على صدره بغضب
"أنطق يا
ولد؟!".
نظر أرضا دون أن ينظر
ناحية أخيه المفجوع من الصدمة
"والده تراجع..
كان يظن.. يظن أن أخي تاجر كبير، وأن ال النسب هذا لا يناسب وضعة".
تجعدت يد عبد العزيز بقهر
يعصر جلبابه
"وما ذنب
أبنتي؟".
غمغم غير مصدق
طرقات على باب المنزل مترددة
ليلتفت الجميع ناحية شاب غريب عليهم يرتدي ملابس أنيقة ونظارة خفيفة سأل بتردد
وتلعثم واضح
"ه هل هذا منزل ال
الرحايمة!".
أجاب عبد الجبار وقد
خمن هويته فأجاب بتلعثم بالغ
"و وأ أنا أمير..
العريس".
"!!!".
*
دلفت غرفتها غير مصدقة
ما حدث معها أبدا
لمَ.. لمَ الحلم بشيء
جميل مثل هذا وأخذه منها قبل أن يبدأ حتى!
لمَ؟.
نظرت لنفسها بالمرآه
غير مصدقة لم تكن يوما أجمل.. ولم تكن يوما أكثر خزيا وعارا وملامة من اليوم!.
كرهت صورتها المنعكسة
بالمرآه فحطمتها بكل شيء وجدته على طولتها البسيطة، دلفت والدتها على صوت التكسير
تضمها وتنهاها عما تفعله لكنها لم تتوقف، دلفت اختها الصغرى وهي تلهث
"العريس بالأسفل..
أمير بالأسفل".
...
لم يكن وضعة جيد أبدا
لم ينظر له أحد نظرة جيدة، لدية عدة مشاكل بحياته أحدها التلعثم بالكلام، وأخرها
منصب والده الهام، لكنه كره الأولى الآن أكثر من أي شيء كونه يتلعثم بشدة أمام
عائلة حبيبته، حبيبته الفتاة الوحيدة التي قابلها ولم تسخر أو تستخف به أو
تستغله... .
نزلت تسير كالأموات إلى
أن وقفت أمامه ملطخة بالدموع والسواد، شهقت ياسمين للدمار الذي حدث بزينة رحمة
التفت لها يستنجد وسط جموع رجال المنزل
"ر رحمة أ أن رحمة
هناك س سوء تفاهم كبير".
نظراتها جامدة غاضبه لم
يرها هكذا من قبل قط!.
التفت إلى والدها
"شخص ما ح حادث أ
أبي وأخ أخبره بأشياء عنكم فتراجع.. ع الفور وأتخذ قرار العودة".
زمجر عبد الجبار بحدة
"هل تخبرني بأن
والدك ترك العاصمة وأتي إلى هنا دون أن يسأل عن العائلة التي سوف يناسبها
أبنه؟!".
رفع أمير كفيه يهدئه
"ب بلي ب بالفعل س
سأل ولم يس يسمع سوى ال الطيب لهذا أ أتى معي".
تلون وجه حميدة وانسحبت
بعيدا وحاولت رسم الشفقة على وجهها لو كشفت لن ترحمها فتحية، سوف تدفنها حية!.
بصوت جامد لم يسمعه أحد
ما من قبل
"أذهب من
هنا".
التفت الجميع نحو رحمة
"أذهب من هنا ولا
تعد مرة أخرى مطلقا، من لم يحترم أبي وأسرتي لا احترام له عندي".
جزع أمير وهز برأسه
رافض
" ف فقط أعطني ف فرصة
أوضح له الأمر".
"أذهب من هنا ولا
تعد مرة أخرى هل هذا مفهوم؟!".
صراخ رحمة العال أفزعه،
تراجع خطوات قليلة ثم ولى خارجا، والتفتت رحمة بانكسار لوالدها تعتذر منه ربت
عليها والألم يعصر قلبه لكن ضيق الحال أمر لم يجد منه مهربا مهما حاول وجاهد وسهر وضحى..
مهما تعب كان ضيق الحال والشقاء هو مصيرة وقد تقبله بنهاية العمر لكنه لن يستطيع
تقبل إهانة أبناءه أبدا!،
خاصة طبيبته الغالية
رحمة....
***
يومان وعادت رحمة
لعملها بمشفى بأس يقرب مدينتهم الصغيرة بقرية مجاورة تدعي أن لا شيء حدث، لكن
العيون كل العيون كانت تنهشها بلا هوادة.
تصدر الأحكام، وتنثر
الملح فوق الجرح دون رحمة، لكنها أبت الانصياع أكملت صحيح دون هدف بعد أن فقدت
الأمل بأن يتم تعيينها بمشفى والد أمير، ورغم درجاتها العالية التي تؤهلها لأن
تصبح معيدة بالجامعة إلا أنها لم تكن تأمل بالمنصب دون ظهر أو واسطة، وكذلك أرادت
العمل ومساعدة والدها ومنصبها في الجامعة لن يكون مرتبه جيد على أي حال.
الاستسلام للواقع
المرير هو كل ما فعلته.
*
أنهت الجدة التسبيح
خاصتها ومن ثم نقرت ياسمين التي تجلس إلى جوارها أرضا، تضع سماعات عملاقة تبتلع
أذنها وتضع حاسوبها على طاولة صغيرة أرضية
(طبلية) وتعمل على
قناتها الخاصة.
التفتت لها فأشارت
الجدة على أذنها فأطفأت ياسمين الموسيقى والتفتت لها.
"نعم توحة".
"عوض تعب كثيرا
بتحضير شقتك يا ياسمين".
تنهدت ياسمين عوض يجيد
النقاشة والمحارة ويساعد كثيرا بتوضيب كل شقة، وهو من تكفل ببناء شقة ياسمين وتصر
ياسمين على أن يأخذ أجر لأنه بذل مجهود غير عادي فالشقة لا ينقصها سوى طبقة أخيرة
من الطلاء بعد أن كانت مجرد حجارة حمراء متكسرة.
"لقد تحدثت مع
حميد لن أقبل بأن يكون كل هذا المجهود هدية زفاف هذا سخيف، لكنه أخبرني بأن حميدة
لا تريد الدفع له".
امتعض فك الجدة بشدة
"لا تقلقي أنا
سأدفع له".
رفعت الجدة أصبعها
تحذرها
"إذا ما اعتاد
الرجل أن تدفع المرأة له سوف يخيب أمله ويصبح حمل فوق ظهرك".
تأوهت ياسمين
"أه توحة لا
تبالغي لا فرق بيني وبين حميد نحن واحد".
زمجرت الجدة
"لا اثنان، الشقة
تكلفتها على الرجل هذه عادتنا، لن أتنازل عنها ولو حدث العكس لن أرضي عن هذه
الزيجة يا ياسمين والله لن أحضرها حتى".
تنهدت ياسمين
"سوف أحل الأمر لا
تقلقي".
"متى
تسافرين؟".
"بعد غد".
"فقط أخبريهم بأنك
سوف ترين أصدقائك وتشترين بعض أغراض للجهاز ولا تذكري أمر الحفل هذا".
"توحة لا أحب
الكذب ما المشكلة؟!".
"أسمعي الكلام يا
ياسمين يكفيني ما سيحدث من مصائب قادمه، وسافري مع عوض فالرفاعي المسكين لدية
الكثير من الفحوصات بالعاصمة".
قبله مرحة مفرقعة على
وجنه جدتها
"أمرك توهة".
ضمت الجدة شفتيها
بطفولية
"توهة المائعة
خاصتك تلك تجعلني أنفذ كل شيء لك حتى لو أوقعني بالمصائب لاحقا!".
***
"لا حول ولا قوة
إلا بالله، يا رب أشف لي أبي ولا أريد شيء آخر ".
طرق عوض الباب الخاص
بشقة ياسمين التي أرسلت له تخبره بأن يأتي لها مع ورد التي عرضت عليه الهاتف التي
أعطته لها ياسمين لكنه رفض بشدة أن ترد هدية ياسمين.
أخذ نفس عميق يفكر في
أموره التي لا تستقر أبدا
"إن شاء الله سوف
يفرجها الله من عنده".
طرق الباب مرة أخرى
"أهلا عوض
تعال".
ترحب به وتشير للدخول
رمش عدة مرات ياسمين مهما علمها لا تفعل سوى ما برأسها
"أنا بخير هنا يا
بنت العم".
هزت أكتافها بأن لا يهم
"الصندوق خاصتي
وصل بالشحن أخيرا ولكن مع أحداث رحمة نسيت أخبارك".
وأخرجت عدة أكياس له
متناثرة بصالة شقتها الصغيرة وهي تتحدث مع نفسها
"تضايقت كثيرا من
كل هذا التأخير سوف أرفع شكوى".
غمغم عوض بسخرية
"أهلا بك بأم
الدنيا".
صرخت بغضب وتناثر شعرها
"لمَ يخبرني الكل
بذلك، ما علاقة أم الدنيا بالشحن؟!!!".
مط عوض شفتيه ولم يبد
أنه سوف يشرح لها
فلوحت بكفيها بالهواء
"على أي حال لا
يهم، الشقة عوض أنا لا أعلم كيف أشكرك حقا ما فعلته بها كان عبقري لم أصدق كيف
تحولت من تلك الشيء البشع إلى ذلك الابداع الخالص، أنا حقا فخورة بموهبتك لكن لن
أقبلها".
رفع رأسه
"ماذا؟!!".
"ما لم تتقاضي آجر
لقاء ما صنعت لن أسكن بها حتى أو أكملها لقد تحدثت مع حميد، سوف أسافر وأمكث معه ع
الفور".
"يا بنت العم والله
أنها هديه ومحبه مني لكم عسى الله أن يفرجها علي".
"آسفة عوض لقد
بذلت الكثير من الجهد والوقت بها لن أقبل مثل هذا الشيء الكبير".
بقرارة نفسه فرح، كان
يعلم أن ياسمين ترفض أن تستغله بعيدا عن همز وسخرية حميدة منه، وقت العمل بالشقة
فقط كان يصبح هو وحميد أخوة وأن حميد سوف يرد له هذا الجميل بفرحة يوما ما، لكن
النظرة بعيونها كانت تصرخ بأن هذا اليوم لن يأتي أبدا.
"شكرا يا
ياسمين".
تحمست بفرح
"حسنا إذا حالما
أعود سوف أختار الألوان النهائية كي تبدأ".
"بإذن الله".
ناولته عدة أكياس وعلبه
صغيرة
"ما هذا؟".
"هاتف جديد، كنت
صنعت دعاية ل تمي العجوز منذ أشهر وأعطاني إياه مقابل الإعلان علمت بأن أحدكم سوف
يستفيد منه".
نظر الي علامة التفاحة المقضومة
وابتلع لعابة
"لا لا هذا غال
جدا لا أستطيع أن أقبله!".
فتحت ياسمين هاتفها
تجيب كيارا صديقتها ثم تبدلت نبرتها إلى الذعر والصراخ بالإنجليزية
"أخبرتك بأن
تتركيه ايتها الغبية أنه ليس جدير بك".
ثم زاد صراخها
"كيارا كيار".
"يا ساتر يا رب
ماذا هناك يا بنت العم؟".
صرخت يا سمين على
الهاتف
"كيارا أنتِ
مخمورة جدا لا تذهبي الي أي مكان، ولا تبتلعين أيه حبوب هل هذا مفهوم؟".
أغلقت صديقتها الهاتف
فسبت ياسمين
"تبا لكِ يا
غبية".
بعيون جاحظة يراقب
الوضع هاتفت ياسمين صديقة أخرى
"سلفيا، من فضلك
كيارا مخمورة للغاية لقد ضبطت الغبي في شقتها مع فتاة أخرى أخشى أن تعيد محاوله
الانتحار، لقد سمعت صوت الموج خلف صراخها تعلمين بقعتها المفضلة".
مسحت ياسمين وجهها
بعصبية
"هل كل شيء على ما
يرام".
هزت رأسها بلا، أغمضت
عيونها تحاول التركيز
"أمم أين كنا؟،
أمم .. أجل المهم أنا لا اريد أن تظنها وقاحة مني، لكن لا أحمل عمله مصرية تكفي لا
بأس إذا أخذت أجنبية؟ أرجوك أعذرني عوض!".
مدت له الظرف
"يا بنت العم
والله لا...".
رن هاتفها مره أخرى
أجابت بلهفة
"سلفيا أخبريني هل
وجدتها؟".
أغلقت الباب بوجه عوض
الممسك بالظرف جاحظ الاعين وبيده الأخرى أكياس ملابسة سار هائم على وجهه غير
مستوعب ما يحدث معه دلف إلى منزلة وبأخر لحظة تذكر كذبته على والده فأخفي الظرف.
"ما هذا يا
ولدي؟".
"ياسمين تقول الشحنة
خاصتها وصلت وبها أغراضي".
أنتبه والده
"جبر الله بخاطرها
ابنه الغالي، ظننتها تكيد حميدة ذلك اليوم".
رفع عوض عيونه مبهور
"وأنا أيضا".
فتح الاكياس عدة أطقم
رائعة وأحذية جديدة أنيقة بشدة لم يحلم باقتنائهم يوما ما!.
ومن ثم فتح الهاتف
فشهقت والدته
"أنه جميل جدا
مشاء الله".
"وغال".
تمتم عوض بانبهار
"غال جدا أيضا لا أستطيع
أن أحمله سوف أبيعه".
نهره والده
"لقد قسم الله لك
به يا ولدي من فوق سبع سنوات، لا تبخل على نفسك يا عوض وأحمد الله على
هديته".
أضيء شيء بقلب عوض
وأمسك الهاتف بسعادة بالغة وقد سمح لنفسه بالتمتع به، لم يفكر حتى يوما بشراء شيء
غال هكذا لنفسه، لكنه عطية الله مثلما أخبره والده فأخذها بسعادة بالغة متمتم بشكر
"الحمد لله".
***
"ما الذي
تفعلينه؟".
جزعت ورد حتى أن الهاتف
أهتز من يدها
ونقرت الحروف بأيدي
مهتزة
"لا شيء والله لا
اتحدث مع أحد".
هز رأسه غير مصدق تلك
الفتاة غبية وسوف تظل هكذا.. هبلاء!
"لم أسألك مع من
تتحدثي يا ذكية".
تجلس بسريرها وحيدة ولا
يوجد إضاءة حولها سوى إضاءة الهاتف
ارتجف قلبها بداخل
صدرها حتى لهثت واعتدلت من مجلسها، ياسمين أصرت على امتلاكها الهاتف وسجلتها
بمواقع التواصل وأرسلت طلبات الصداقة لكل العائلة تقريبا، لكن لم يدخل أحد لها
ليحدثها سوى ياسمين وعبد الجبار.
"كنت أشاهد
التطريز".
نقرت الهاتف بتوتر
فابتسم عبد الجبار بشدة
بالطبع تفعلين، لا أتوقع منك شيء أخر يا ورد
"هل سوف تذهبين
للدورة؟".
ياسمين مرة أخرى تريدها
أن تذهب لدورة لتعلم التطريز كي تطور من مهارتها وأخبرت عبد الجبار هي والجدة لأن
ورد مبتورة اللسان معه!.
"لا أعلم، لا اريد
أن أتعبك أفعل ما تشاء".
تمنى لو سألته عن رأيه
لكن استسلامها المطلق والذي لا حول له ولا قوة ما يثير حنقه منها على الدوام
ويجعله غاضب منها دون إرادته.
"أنها أوامر
الحاجة لن نستطيع تكسيرها".
ابتسمت ورد بشدة بالطبع
تريد الذهاب، إنها لا تخرج من المنزل مطلقا والاعمال اليدوية شغفها الوحيد
ومتنفسها بالحياة.
"أمرك".
خيبه أمل أخرى فقط هذه
الصيغة التي تتحدث بها ورد الأوامر
النقاط تتحرك لمدة
طويلة فانتظر بلهفة ما سوف تكتبه
"شكرا لك".
ابتسم بشدة مليء شدقيه
سوف يشكر ياسمين بشدة على فكرة الهاتف هذه، لقد وجد أخيرا ثغرة يدلف لها منها.
"هيا نامي ولا
تسهري على هذا الزفت سوف تفسد ياسمين أخلاقك أنا أعلم".
"لا لا سوف أغلقه
في الحال".
وبالفعل انطفأت الإضاءة
الخضراء في الحال ليعلم أنها أغلقت الهاتف
ضحك بشدة على سذاجتها
المهلكة مليء شدقيه وغمغم
"قلنا بلهاء يا
عااالم!"
"عبد الجبار ما
الذي يضحكك؟!".
أنتبه على الفور أن
نعمات إلى جواره فأغلق الهاتف سريعا
"لا شيء".
والتفت يوليها ظهرة
ووضع كفيه الضخمين أسفل رأسه يستعد للنوم
ليجد يد نعمات تتسلل لظهره
تفركه
"جبورتي".
جحظت عيونه يعلم ما
تعنيه نبرة الدلال هذه، فسعل بشدة يتنحنح متعمد فاستيقظ الصغير يبكي في سريرة
الصغير المجاور له
"يا عبد الجبار
أيقظت محمد سامحك الله!".
أخذت تهدهد صغيرها
وترضعه عله ينام مرة أخرى سريعا، بينما ابتسم عبد الجبار لنفسه بمكر لا يريد أن
يقطع تفكيره بورد الآن.
بعد ثلث ساعة تمكنت
نعمات من وضع صغيرها أخيرا بالسرير ومن ثم تسللت يدها تدلك ظهر عبد الجبار مرة
أخرى
"جبورتي، هيا يا
رجل لقد نام محمد".
لم تجد استجابة فمالت
شفتها على اليمين بحسرة!.
***
أنزل كوب الشاي من على
فمه
"دوما عامر يا
حاجة فاطمة".
نظرت له امرأة كبيرة
بالسن وربتت على كتفه
"فيك الخير والله
يا إبراهيم يا ولدي فيك الخير كله، كنت خير السند والعون بهذه الحياة لم تحزن المرحومة
قط وكنت خير الزوج لها ونعم الابن لي".
أنحنى وقبل يدها
"ما هذا الكلام يا
بطوطة، هيا تعافي سريعا لقد تعبت من حِملك وأريد أن أزوجك وأرتاح من صداع
الخطاب".
ضحكت بتعب بالغ منه
ودمعت عيونها بشدة (بطوطة) وحدها مريم من كان يناديها بهذا الاسم ومن بعدها إبراهيم
تفتقدها، تفتقد ضحكها ومرحها وشقاوتها معها وحدها، ورزانتها مع الكل.
أخذت نفس عميق منهك
"ألن نفرح بك يا
أبراهيم؟ يكفي يا ولدي، أريد أن أحمل أولادك".
وانهارت دموعها رغم
روحها الأبية
"دعني أحمل أولادك
يا أبراهيم".
نكس رأسه أرضا رغما عنه
"كل شيء له أوان
يا أمي".
"سوف أتحدث مع
فتحية بهذا الأمر لتجد لك أبنه الحلال المناسبة، ياسمين ربيبتك سوف تتزوج وتنتهي
من حملها، يكفي يا ولدي التفت لنفسك قليلا العمر يجري يا براهيم عليك الحصول على
ولد الآن كي يشد عضدك".
وابتلعت مرارة خانقة
"كي لا تبقي وحيدا
في كبرك يا ولدي أنا أخشى عليك".
ربت على يدها بمحبة
الكل يرى ياسمين عبئ
وحمل ثقيل ويشجعه على تركة صحيح أن مصائبها كثيرة!، إلا أنه يشعر بأنه سوف يفقد
روحة لو فقدها، يشعر بألم بالغ بين طيات صدره ولا يستطيع تحديد سببه بالضبط ربما
هي الوحدة القاتلة التي يعايشها ولم يملئها أحد سوى ياسمين، ربما هو الخوف من أن
يبقي وحيدا مرة أخرى
ربما...
أخرج المال الخاص بها
"نقود المحصول يا
أمي وهذه أدويتك الخاصة بالشهر الجديد ويوم الخميس موعد زيارتك للطبيب أنا لا أنسي،
سوف أمر عليك لنذهب معا، أتركك في رعاية الله وحفظة".
مالت شفتيها، ذهب لأن
الكلام لم يعجبه أنه يمكث معها طويلا بالعادة
"أين ياسمين لمَ
لم تأتي معك؟".
"مسافرة، تعلمين
تشتري أغراض من العاصمة".
"سوف اسامحها فقط
لأنها عروس، أخبرها بأني مشتاقة لها".
ابتسم بشدة
"لقد سألت عنك فور
وصولها واطمئني، ما إن تنتهي من الأشياء التي تفعلها الآن حتى تسبب لك الصداع من
كثرة كلامها وزيارتها".
ابتسمت بمحبه
"لا تتدخل أنت
بيننا".
رفع كفيه عاليا مستسلم
بأن لا شأن له.
***
رفعت الهاتف خاصتها
تلتقط صورة ذاتيه لها ولعمها الذي ابتسم بطيبه ممزوجة بخجل، رتبت زوجه عمها طرحتها
سريعا والتصقت به فالتقطت ياسمين الصورة لثلاثتهم
وأنزلت الهاتف تنقر
بسرعة عليه
"سوف
أنشرها".
"لا تنشري صورة
أمي على الموقع خاصتك".
يتبع ....