حكايات بيت الرحايمة
الحكاية الرابعة
(2)
ارتبكت رحمة بشدة للمكر الخالص بصوت ياسمين والتي لم
تعرف كيف تتصرف به بعد!!.
***
"بسم الله مشاء الله".
شهقت والدة رحمة حينما رأت ابنتها رائعة الجمال بهذا الشكل المبهر، لم ترها قط بهذه الطلة الراقية الرائعة، فستان
ياسمين الأسود الذي يلتف حول جسد رحمة الهش النحيف قصير الأكمام ويصل إلى أسفل ركبتها بسنتيمترات قليلة،
ووضعت لها سلاسل ذهبية راقية وزينة وجه هادئة راقية تتناسب مع الحدث البسيط وشعرها الخفيف جعدته فأصبح
أكثف وأكثر حيوية ورموشها الخفيفة أصبحت كثيفة ولمعة بسيطة
من العسل برزت من زينة ياسمين لها.
أنعقد لسانها وسالت دموعها كالبحر على وجنتيها غير مصدقة
ودمعت عيون رحمه بشدة لرؤية والدتها بهذا الشكل فزمجرت ياسمين بحروفها المتكسرة
"لا ارجوكم الماسكرا ليست مقاومه للماء!!".
وبالخارج فتح عبد العزيز لعوض باب المنزل ليجد عوض يفرد
أمامه جلباب جديد مكوي حديثا حتى أنه لازال ساخن
"أبي أرسله لك يا عمي مبارك لرحمة طبيبتنا
الغالية".
دمعت عيون عبد العزيز بامتنان بالغ لأخيه وابن أخيه وأخذه
منه بمحبه أنه لوالد عوض يرتديه بالمناسبات الخاصة وارسله له كي يشرفه أمام أهل
العريس.
*
"اللهم صلي على حبيبك محمد"
تمتمت الجدة بمحبة بالغة لحفيدتها انحنت رحمة أرضا كي
تقبل يد توحه ورأسها
"لا تفسدي فستانك يا غالية".
همست رحمة بخجل
"أعلم بأنك من أرسلت ياسمين شكرا لك يا جدة".
عاتبتها بمكر
"لأني أعلم برأسك اليابس يا بنت عبد العزيز وبأن
نفسك الأبية لن تطلب من أحد حتى لو كان جدتك".
عضت شفتيها بخجل بالغ فربتت الجدة على وجنتها ترفع عنها
الحرج
"لا بأس، هذا ليس وقت العتاب هذا وقت الفرح
بطبيبتنا الغالية".
مدحها كل من إبراهيم وعبد الجبار بشدة على هذه الطلة
التي لم يروها بها من قبل أبدا، بالكاد تعرفوا عليها، حرجت هي منهم بشدة، لم توضع
بهذا الموقف من قبل لم تكن يوما محط للاهتمام، ترى هل سوف يحبها أمير بهذه الطلة
الغريبة عليها؟.
نظرت لأبنه عمها ياسمين وشقاوتها وسط الحضور تتباهى
بجمال رحمه التي أظهرته لقد حنقت منها كثيرا، كونها تحصل على كل شيء بسهولة وبساطة
فتجنبتها لكن اليوم ومساعدتها لها وفرحتها العارمة التي تظهرها جعلتها تشعر بالخزي
من نفسها ومن مشاعرها السابقة الحانقة عليها.
"ما هذه الجلبة؟!".
سألت حميدة التي تتهادى على السلم بسخط أبنتها علياء التي
تقلب في هاتفها وفجأة ظهر عليها الغضب!.
"اتركي هذا الزفت وأخبريني ماذا هناك".
توقفت علياء عن النزول وبدأ ساقها بالاهتزاز بعصبية
بالغة
"عريس الطبيبة الموقرة".
ارتفعت شفة حميدة بسخط
"أه هل هو أتي اليوم؟، لهذا المنزل مزدحم، حفنه من
البلهاء".
ضربت علياء فخذها بغيظ بالغ
"بل نحن البلهاء يا أمي فعريسها طبيب".
شهقة ساخرة صدرت عن حميدة
"طبيب مفلس أفلس أهله مثلها تماما ولن يستطيع
تجهيزها قبل خمسه أعوام".
"أنظري".
رفعت الهاتف بوجه والدتها لتجد شاب أنيق لا يوجد عليه أي
مظهر من مظاهر الإفلاس
وتحدثت علياء من بين أسنانها
"رضوى أخبرتني بأن والده صاحب مشفى خاص كبير
بالعاصمة انظري ما الذي وجدته حينما بحثت عنه هو وعائلته".
ضربت حميدة صدرها غير مصدقة
"م ماذا؟ ما الذي.. كيف عثرت عليه؟، وعائلته؟!! كيف
تقبل بالزواج من هذه العائلة المفلسة؟".
أمسكت بهاتفها بغيظ بالغ ثم تحدثت من بين أسنانها
"أعطيني أسم والده بالكامل وأذهبي من أمامي".
أخذت الاسم وطلبت الرقم وتبدلت نبرتها تماما وهي تتحدث
إلى صاحب الرقم!.
كان عوض يجهز الصالة بكل الحب والود ويدعوا لرحمه
بالزواج والذرية الصالحة، وحينما ظهرت علياء بالصالة التفت بظهره وغادرة لغرفة
الجدة فهو لم ينسي الإهانة التي وجهتها له حينما عرض عليها الطرح هي وبنات عمه ولم
يستطع بلعها مثل كل مرة، فعلياء وحميدة وعبد الرازق يتعاملون معه وكأنه دون مستوى
البشر وما ألم قلبه أن حميد هو الآخر تغير معه منذ فترة، ويخشي أخبار ياسمين كي لا
يحدث بينهم خلاف بسببه وكذلك بدأ يشعر بعدم أحقية حميد بأن يتزوج من ياسمين بعد أن
ظهر له وجه آخر هو أكيد مليون المائة بأن ياسمين لن تحبه ولن ترضي بالارتباط بشخص
يمثل هذا الوجه.
"أستغفر الله العظيم".
هز رأسه يستغفر يبعد الوساوس عنه
ذهب عبد العزيز إلى ابنته الغالية فرح، الله وحدة يعلم
كم المشاق التي أجتازها كي تصبح رحمة طبيبة، لقد باع الغالي والنفيس من أجل تحقيق
حلم أبنته فمعيشته البسيطة لم تكن لتتحمل كم مصروفات الجامعة خاصتها مطلقا، الكل
كان يلومه بأنه أفلس نفسه من أجل ابنته كونها فتاة ولن يستفيد من تعليمها شيء
فبالنهاية سوف تذهب لزوجها.
وقفت رحمة بخجل على الفور حينما رأت والدها وانحنت بسرعة
تقبل يده، لم تكن لتصل لأي شيء دون والدها وجهادة معها
"لا أصدق أن ابنتي الطبيبة الجميلة سوف
تتزوج".
فرح لكن الهم ينبثق من عيونه لا يملك قرش واحد من مصاريف
الزواج
لكن رحمة تفهمه جيدا وتشعر بألمه
"والد أمير يملك مشفي خاص كبير، ما إن تتم الخطبة
حتى أسأله عن وظيفة، المرتبات هناك كبيرة جدا وليس مثل راتب التكليف أبدا لا تحمل
هم شيء يا أبي أرجوك، ولن يتم الزواج قريبا أبدا لا تقلق".
ابتسم لها بتعب وربت على يدها، رحمة دون عن أولاده دائما
ما تحمل همة وهم تعبه، لطالما كانت مطيعة جعلته فخورا بها طوال الوقت.
*
"اغلقي الباب يا ورد".
طلبت الجدة بهمس نظر لها عبد الجبار بشراسة بعد خروج ورد
"والله لو وضعتِ لها الكحل مرة أخرى لن تري علبتك
الغالية يا توحة".
ابتسمت بمكر له فقد وضعت الكحل لورد مع ياسمين وقد تبدل
حاله ومغتاظ منها منذ هذا اليوم.
ارتفعت شفتها بسخط
"زوجتك الثانية تضع الأحمر والأخضر طوال الوقت لمَ
لا تضع ورد الكحل؟، انها ابنتي ولا شأن لك بها".
عض على يده بغيظ بالغ وضرب فخدته عدة مرات بغضب، ضحكت
بشدة عليه تتوعده بما يطير النوم من عينه.
أمسكت هاتفها بحرص وعضت شفتها السفلى تبحث عن الاسم ومن
ثم ضغطت على الاتصال.
بعد مرتين فتح حفيدها سريعا ودمعت عيونها بشدة
"هكذا يا سميح؟، تترك جدتك طوال هذه المدة.. هنت
عليك يا سميح؟ هنت عليك؟!".
سالت دموع الجدة بشدة
"والله يا جدة وأنا مشتاق لك جدا ".
صوت رجولي لكنه حزين ومكسور وهيئة ذات هيبة ووسامة لكنها
تعيسة ومشتاقة
"ألن تعود يا سميح ألم يكفي يا ولدي غربه؟!".
"أرسل لك يا جدة في الحال والله أني مشتاق لك
ومحتاج لكِ جدا".
"لا أستطيع قبل زفاف يا..".
قضمت الجدة فمها بشدة نادمة
"سامحني يا ولدي ولكنها يتيمة ولا أستطيع تركها في
أحوج أيامها، عد.. عد يا سميح وأنسى وأحضر الزفاف وأثبت للجميع أنك تخطيت عد يا
ولدي".
ترجته بصوت مبحوح ودموع جارية
أحمرت عيونه بشدة وأنزل الهاتف وحك أنفه يمسحها بكمه
وتمتم بصوت حزين شطر قلبها
"ولكنني لم أتخطي يا جدة ... ولا أريد ذلك، أسف لن
أستطيع أراها تزف لغيري والله لن أحتمل ارحميني ولا تثقلي على بما لا أطيق".
بكت الجدة بحدة ووعدها سميح بأن يرسل لها فور أن تنتهي
من عرس ياسمين
"فقط أخبريني حالما تنتهين وسوف أرسل لك التذكرة
بالحال، في رعاية الله يا بركة".
أغلق الهاتف وبكت الجدة بشدة تضم الهاتف إلى قلبها
"يا حسرة قلبي عليك يا ولدي.. يا حسرة قلبي عليك يا
سميح، خيرة شبابنا يا الله والله أنه الخيرة، السمح ابن السمح".
هدأت الجدة من قلبها الملتاع وشاهدها عبد الجبار من بعيد
صامت وكذلك أبراهيم الذي أسند رأسه على عكازة بتعب ولم يفتح فمه، مهما حدث لن يحدث
فمه!.
مسحت دموعها وتحدثت بصوت أجلته مسبقا
"لقد تأخروا يا عبد الجبار أذهب لمدخل البلدة
وأخبرني أن كان هناك خطب ما يعطلهم، قلبي غير مرتاح".
"أنهم من العاصمة يا بركة الطريق طويل، لا تقلقي
يصلون بإذن الله".
وضعت يدها على قلبها وتحدثت بجدية
"أخبرك بأن هذا ليس مرتاح".
فوقف عبد الجبار سريعا يعدل من هندام قميصه وسرواله كي
يذهب، فقلب البركة.. لا يخطئ!.
أمسكت بهاتفها مرة أخرى تبحث بين الأسماء فرأت أسم زهير
ولدها الأوسط من بين عشرة!.
هزت رأسها جيئة وذهاب
"نسيتنا يا ابن بطني نسيت أهلك وأرضك".
تجاوزت الرقم وبحثت أكثر إلى أن وجدت أسم فتحي فضغطت
الزر بحنق
رد صوت شاب مرح فرح
"بونجورنو توحا".
فردت بنزق
"أين أنت يا أبن الكلب؟!".
"!!".
***
"لا حول ولا قوة إلا بالله، حاول يا أخي بالله
عليك".
"لقد غيرنا الشاشة مرتان يا عوض وأنا حظرتك بأن يتعرض
للسقوط مرة أخرى، لقد فسد تماما يا أخي لن أستطيع أن أصلحه".
أمسك عوض بالشاشة المهشمة سقط الهاتف منه فجرا وهو يروي الزرع
فوق السطح ومنذ تلك اللحظة يرفض أن يعمل أو يعطي أي أناره حتى!.
"هذا الجهاز له معك أكثر من خمس سنوات يا عوض أشتري
واحد آخر بالتقسيط وحدد أنت المبلغ الذي تريد دفعة شهريا".
محبوب من شباب البلدة لسماحته وروحة الطيبة
"شكرا لك سوف أعود مرة أخرى".
أخذه وعاد منكس الرأس، قبل أن يأتي العريس الخاص برحمة
ليجد الأستاذة عنايات بساحة منزله تلهث ووجهها محمر كعادتها، تحدثت بسرعة
"أهاتفك منذ الصباح هاتفك مغلق".
مالت زاوية فمه بحسرة وسوف يظل مغلق!
"تفضلي يا أستاذة عنايات أدخلي لترتاحي".
"لا وقت لدي تركت البطة على الموقد، ما إن تجمع
مبلغ الجمعية حتى أتيت لك به لم أستطع الصبر للغد، خذ".
أعطته لفه ملفوفه بإحكام بورق الجرائد.
"الجمعية أثني عشر شهر أنت الأول، لن تقبض مرتبك
مرة أخرى هذا العام أبحث عن وظيفة جيدة".
ذهبت سريعا من أمامه ووقف هو مبهور باللفة
لم يسبق له ان أمتلك هذا القدر من المال من قبل قط!
(سبحان من رزقني هذا من غير حول لا قوة)
صعد منزله يسير بهدوء غير مستوعب أقدار الله
"هل أشترى هاتف أم أنهي تجهيز الشقة خاصتي؟،
اللهم لك الحمد على أي حال".
وقف أمام باب
منزله وفتح الباب وهو سارح ثم حسم أمره
"ما خاب من استشار"
سوف يستشير والديه وما يقترحوه عليه سوف يفعله
قبل أن يغلق الباب سمع صراخ والده وفزع بسرعة فوالده هادئ
بالعادة
"من كل عقلكِ يا امرأة حميدة لن تعطيه قرش واحد!،
لقد فعلها لله ومن أجل ياسمين ابنه عمه، لا تعيدي هذا الكلام مرة أخرى".
بكت والدته بشدة حتى أن صوت بكائها كان عال جدا لم
يسمعها عوض تبكي بهذا الصوت من قبل!، رجف قلبه بشدة وهم بالدخول عليهم ليرى ما
المشكلة؟!.
"والله لا أحتمل فراقك يا رفاعي سوف أموت دونك".
بكاء شديد مكسور من والدته المسكينة تنهت بصدرها التعب
من صراعات الحياة
"والله لا أخشى الموت ولكن المسكين سوف يظل وحيدا
بالحياة من بعدنا".
بكت أكثر وأكثر
"سوف أذهب لأخي دعني أذهب أرجوك، لا تدعني أتذلل لك
يا رفاعي ما فعلتها قط من قبل!".
أمه تتوسل وتترجي، وعقله يرسم أسوء الصور برأسه، لان رأس
والده أخيرا وتمتم بحنو
"هوني عليك والله أنها أقدار وأنفاس معدودة اتركي
هراء الأطباء هذا، المسكين لا نستطيع تزويجه إلى الآن كلما أقتصد شيء ضاع بالهراء
الخاص بالأطباء لقد اكتفيت، دعيه يلتفت إلى مستقبله وينهي شقته كي نفرح به".
بكاء أمه لم يهدأ لكن والده ظل يواسيها كي تهدأ، ضاعت
الفرحة الخاصة بالنقود سريعا وشل جسده لوهلة يحاول فتح هاتفه كي يهاتف الطبيب
الخاص بوالده لكنه أسود، ضربه عدة مرات بقهر ثم تلفت بالشقة ليجد الهاتف الصغير
الخاص بوالدته أخذه وخرج سريعا كي يطمئن على والده.
علم أن والده حالته سيئة وتتدهور ويحتاج الي الذهاب
للعاصمة في أقرب فرصة فالإمكانيات بالتأمين الصحي الخاص بمدينتهم عقيم ولم يعد
يجدي معهم شيء!.
المال الملفوف بورق الجرائد لازال بيده، نظر له لوهلة
(أنت المعين يا رب).
طرقات مرحة فرحة على منزل والده كي يتنبه كل من والديه،
فتح والده الباب ودخل عوض يقفز من السعادة
"أبشر يا أبو عوض".
ربت والده على صدره بمحبه وضع المال على الطاولة أمامهم
"أنظري يا أم عوض هذا المال لك أشتري به ما تشتهي
نفسك".
صعق كل من والديه
"م ما؟ من أين يا ولدي؟!!!".
وضع يديه بجيوبه وتمرجح يمين ويسار
"خمنوا!".
نظر الأب والأم لبعض ولم يستطيعوا أبدا!
"شقة ياسمين".
غمغم عوض يوضح لهم لكن كل من الأب والأم ضربوا على
صدورهم صارخين معا
"حميدة!!!!".
هدء من روعهم بيديه وأخفض صوته
"حميد أعطاني إياهم لكنه أوصاني بألا أخبر أحد فلا
تفضحوني رجاء".
هدأ الاثنان وجلست أمه تستريح ودب الفرح بها لكن الرفاعي
الجمها
"تصرفهم بالهناء يا ولدي هيا أحمل نقودك وتوكل على
الله وأنهي الشقة خاصتك".
جلس عوض بفرح مصطنع
"لا لا يا رفاعي، لا تضيع علي فرحتي!، أنها لأم عوض
تفعل بها ما تشاء فأنا لدي المزيد من الأخبار الحلوة، أستاذه عنايات أدخلتني
بجمعية سوف أقبضها بعد عدة أشهر من أجل الشقة خاصتي، تعلم لن نستطيع فعل أي شيء
خلال هذه المدة إلا بعد فرح ياسمين، كما وأن المزروعات خاصتي سوف تعود علي بمدخول
ممتاز لقد زفت لي ياسمين الأخبار".
انفجرت والدته تبكي رحمة الله، حذرها الرفاعي بعيونه
بشدة لكنه حكت لعوض بسرعة قبل أن يمنعها.
"لا فائدة منك مطلقا بماذا حذرتك أنا؟!!".
ركض عوض أسفل قدمي والده وفعل ما تمنى فعله منذ أن علم
وبكي بين يديه
"تخبئ عني أنا يا أبي الست أبنك حبيبك".
بكي بشدة وعاتبه بمحبة ومازحه بأن الله أرسل له رزقة ولا
دخل له بشيء ومن ثم بعد الكثير من القبل والعناق لكل من والديه لملموا شتات أنفسهم
كي يحضروا المناسبة الخاصة برحمة طبيبة العائلة.
***
ذهبت إلى مكان بعيد نسبيا وفتحت الخط ووضعته على أذنها
ولم تتحدث بشيء
"ياسمين".
...
"أنا أسف حقا، أعلم أنك تتحملين الكثير بالفعل لم
أعد حتى أملك أي عذر لقد استهلكوها كلها".
....
تنهد بألم
"كنت أعلم جيدا بأنك أفضل من أن تكوني لي، لم أكن
لأحلم حتى!".
ألمها قلبها فتنهدت بألم وأخيرا أخذ منها أشاره
فوالدته أحالت الاجازة الخاصة بهم إلى جحيم وأخته العزيزة
فتحت حقيبته وأخذت ملابس وأغراض كان أشتراها من أجلها كهدايا، والمزعج أن ياسمين
كانت تعلم بأمرهم!، تصرفاتهم الغبية لا تستطيع ياسمين فهمها وإذا ما أعترض بأبسط تلميح
حتى عن أفعالهم النافرة لن تتردد والدته بصفعه على وجهه، أما عن والده فصفعه
بالفعل!،
لا مهلا لحظة
لقد ضربه ضرب مبرح لأن ياسمين صرحت بأنها لن تصبح تحت وصايته أبدا، ناعتا إياه بأسوأ
الصفات التي لا يقبلها رجل أبدا خاصة في سنه هذا، أفرغ به شحنه غله وغضبه متوعدا
إياه بأنه إن لم يأتي له بكل قرش سوف يقتله دون أن يرمش له جفن!، كي يستعيد هيبته
أمام العائلة على حد قوله!.
"أحبك تعلمين، ذلك جيدا يا ياسمين منذ أن أنقذتني
من محاوله الانتحار تلك أخبرتك وقتها يا بنت العم أنني وحيد جدا وأنت وعدتني بأنني
لن أكون وحيدا بعد اليوم".
"انت شرير".
غمغمت بتعب فقلبها يؤلمها كل مرة حينما يذكرها بهذا
اليوم وتعلم جيدا بأن أسرته لا تطاق.
"ما رأيك هل نستطيع إيجاد تذكرتين للحفل بهذا الوقت؟".
وقفت ياسمين غير مصدقة
"لا تمزح معي"
"لا امزح أحاول أن أكسب عفوك ليس إلا".
تمتمت بلهجة مائعة ممطوطه
"هميـــــــــــد".
"عيون وقلب وعقل حميد".
"أحبك".
وأنا أيضا يا عمر حميد".
حالما أغلقت الهاتف راسلت صديقتيها بأستراليا سريعا
بأنها سوف تحضر الحفل، وكذلك أصدقائها بمصر ثم وضعت صورة على صفحات التواصل خاصتها
بالحفل
مع تعليق
"لا أستطيع الانتظار".
***
وصله إشعار على هاتفه برنة هادئة
فتحة على الفور طالما ازدادت ضربات قلبه هكذا إذا كان
الاشعار منها،
بالفعل وجدها تعلن عن ذهابها للحفل
كيف تصرف بمثل هذا الغباء؟، بالطبع فرقتها المفضلة سوف
تكون بمصر ألن تحضرها؟!.
لقد ترك الجونه وعاد سريعا حالما نشرت حضورها بمصر لكن حظه
لم يقوده إليها إلى الآن!، غبي كان عليه حجز تذكرة لم تكن لتفوت فرصة ذهابها
لفرقتها المفضلة مطلقا وذاك الغبي حميد بالطبع سوف يكون هناك!، أخذ نفس عميق من
سيجارته الغالية يفكر ثم هاتف صديق له.
"أريد تذكرة".
"مستحيل لقد بيعت كلها أنها
Imagine Dragons!
هل تمزح أخبرتك بأن تحجز قبل ذهابك لكنك لم تنصت!".
سحب نفس عميق وتحدث بسلطة موجودة بدمائه
"إذا سوف أخذ تذكرتك".
تنهد صديقة بملل
"لا لقد وعدت رفيقتي بالذهاب".
"سوف أدفع عشرة ألاف دولار يمكنك شراء هدية بها
لرفيقتك وصدقني سوف تحبك أكثر".
"أنت مجنون أقسم أنك مجنون، اشم رائحة حبيبة
القلب".
تحدث بتكبر ينهي المكالمة
"أحجز لي فندق لا اريد النزول بالشاليه".
حنق صديقة فؤاد منه وبحث بهاتفة عن حسابها الشخصي ليجد
المنشور الخاص ب الحفل نشر منذ خمس دقائق فقط!.
"أقسم أنك مهووس يا سامي وهذا الأمر لن ينتهي على
خير".
***
توكأت على عكازها وخرجت إلى ساحة المنزل
"تعالِ يا رحمة".
ذهبت لها رحمة سريعا
"أدخلي أجلسي بغرفتي وحينما تناديك أم سعيد تخرجي
حاملة الضيافة أتفقنا يا ابنتي؟".
هزت رحمة رأسها بخجل موافقة
"أحسنتِ يا صغيرتي أحسنت".
تحدثت ياسمين بحماسة
"لا أطيق صبرا كي أراه!".
جحظت عيون نساء المنزل وتلون وجه والدة رحمة
"ليت حميد كان هناك كنا خرجنا نحن الأربعة بموعد مزدوج
ما رأيك رحمة هل أعرض عليه الأمر؟!".
مالت شفة نعمات على جنب من جرأتها وتلجم فم رحمة لا تدري
ما الذي يمكن ان تخبرها به!،
"لا يجوز يا حبيبه جدتك".
تحدثت الجدة بحنيه
"لمَ توحه".
"العادات يا روح توحة ألا يخرج أحد سوى
العروس".
فتحدثت حميدة بلؤم تنظر لوالدة رحمة
"بالطبع لا نريد للطبيب أن يترك العروس ويخطبك أنتِ
بدلا عنها يا ياسمين، ربما لا يحب الفتيات شديدة النحافة بعد كل شيء".
نظر الجميع لحميدة غير مصدقين
بينما أرتفع تعبير الاشمئزاز على وجه ياسمين وكأنها سوف
تتقيأ
"أوو لااا يا اللهي هذا مقرف جدا!، انه يحبها هي ما
هذا الغباء؟!، أخبريها رحمة بأنه يحبك أنتِ ولا يستطيع النظر لوجه واحدة
أخرى".
تلون وجه رحمة وأحمر رغم زينه وجهها ونفت عن نفسها بصوت مشوش
"أن أنا لا .. أتحدث معه.. لا نقول هذا
الكلام".
تركت ياسمين حميدة والتفتت لها
"ماذا؟!!، كيف سوف تتزوجيه إذا ما هذا رحمة؟ لابد
وأنكم تصادقتم جيدا وتعلمون كل شيء عن بعضكم البعض أنها سبع سنوات لعينة".
ضربت نعمات على صدرها مصدرة صوت عال وتلون وجه ورد وتمنت
لو تركض لغرفتها نظرت الجدة ناحية رحمة التي أقسمت
"قسما بالله يا جدة لا يوجد معي رقما له حتى!،
وصديقة لنا هي من أخبرته بهاتف والدي، قسما بالله لم أصاحبة!".
ربتت الجدة على ظهرها بمحبة
"ياسمين أمور الزواج هنا مختلفة لا تتدخلي".
بفم ممتعض تحدثت بالإنجليزية
"هذا غريب جدا!".
دلف عبد الجبار أسود الوجه وسقط قلب الجدة بصدرها، ذهب لها
منكس الرأس ولم يدري بما يتحدث، نظرت الجدة بحسرة لرحمة التي تحدثت بخجل ووجه
أحمر.
"وجدتهم يا عمي؟ منذ نصف ساعة راسلتني صديقتي بأنهم
دلفوا إلى البلدة".
هز رأسه بنعم
نظرت خلفه سريعا لكنها لم تجد أي سيارات
فهزت رأسها بإشارة
"أين إذا؟!".
ذهب لها بخطي حزينة وربت على ظهرها يدعمها
"كل شيء قسمة ونصيب يا عمو فليرزقك الله بخير
منه".
"م ما ماذا؟!!".
"لقد رفض والدة الزيجة وعادوا إلى العاصمة".
دوائر كثيرة تداخلت بعيونها وفقدت وعيها على الفور!.
نهاية الفصل