الحكاية الثامنة
(حلم ياسمين)
تحقيق الحلم!!!!!!
(1)
نظرت الجدة لجميع أحفادها الذين عادوا من السفر مثل فتحي
الذي وصل اليوم للتو من إيطاليا، الجميع تقريبا وصلوا عدى سميح الذي لن يعود
وأبنها زهير وعائلته، حزنت لبعده لكنها حمدت ربها على كل الحاضرين الذين وصلوا،
أيام قليلة ويزفون ياسمين لحميد.
رواية حكايات بيت الرحايمة بقلم هالة الشاعر |
دمعت عيونها بشدة لتردد الكلمات بأذنها
"ياسمين مختلفة أمي، الفتيات هنا يحلمون بأن يصبحوا
رواد فضاء ممرضات أو حتى أميرة من أميرات القصص لكن ياسمين تحلم بأن تصبح عروس
أنها مهووسة بهذا الأمر تريد عرس خيالي!".
وقتها ضحكت كثيرا
"وما الضرر؟ واعية تعلم بأن أخرتها لبيت
زوجها".
غضب وقتها عبد السميع كثيرا ليس منها، بل لمجرد الفكرة!
"لا أمي لا، أنها ذكيه للغاية وواسعة الحيلة أملي
بها بأنها سوف تغير ما حولها للأفضل ولا يهمني أن تتمحور تربيتها حول الزواج
والجلوس بالمنزل فلم نبذل أنا وجيسي كل هذا المجهود بتربيتها كي تنطفئ وتقوم بدور
واحد، ياسمين يا أمي بداخلها شرارة لا أريد لها أن تنطفئ أبدا، قلبي يخبرني بأنها
خير من ألف ولد وأنها سوف تحقق حلمي كلما وقع نظري عليها قلبي يخبرني بهذا".
مسحت دموعها بسرعة
"لم أمنع عنها شيء يا عبد السميع، يشهد الله أنها
فعلت ما أرادته دائما مثلما تمنيت أنت، مثلما أعطيتها القوة والقدرة بحياتك واليوم
تحقق حلمها لا تقلق عليها يا غالي لا تقلق عليها يا سندي".
صوت صراخ وغضب ياسمين أخرجها من شرودها ومن ذكرياتها
"لمَ تفعلوا هذا بي؟ ما الصعوبة بتنفيذ هذا الأمر
البسيط والسخيف؟!!".
ثم عادت تضرب الأرض بقدمها للجدة
"أتفعلون هذا بي لأنني يتميه الأب والأم يا توحة؟،
تكسرون بقلبي بيوم زفافي لو كان أبي موجود لما سمح لكم بإحزاني أبدا، لا أحد يريد
أن ينصت لي ويسخرون مني ما الضرر في أنني أريد عرس مثالي، هذا حقي!".
شكت ياسمين بقهر مبالغ به للجدة التي تألم قلبها بشدة
حينما ذكرت اليتم على لسانها.
غمغم عوض من بين أسنانه بغيظ بالغ
"تلك الماكرة تستغل توحة تخبرها بأنها يتيمة كي
تنفذ لها كل طلباتها السخيفة، ألا يكفي أنها تشركنا بأفعال الكفار هذه توب علينا
يا الله!".
هز فتحي رأسه غير مصدق وهمس لعوض الذي يقف إلى جواره
"تلك النصابة ظننتها كبرت على تلك الحيلة
السخيفة!".
فرت رحمة التي أوقفتها ياسمين بالقوة في صف الوصيفات
وكذلك ورد التي تشعر بوجنتيها تحترقان وتخشى النظر لعبد الجبار حتى تتمنى لو يخبر
ياسمين بأنه غير موافق على وقوفها بهذا الصف لكنه لم يعترض إلى الآن، بينما نعمات
عادت للوقوف إلى جوار عبد الجبار متجاهله ما أخبرتها ياسمين فلا يعقل ألا تظهر
بالصورة ومركز العرس بعد أن جهزت فستان زفاف لا يعلي عليه وأغلى شيء أشترته إلى
الآن، لن تجلس بالظل بينما خصمتها وضرتها تقف من ضمن المقربين!
ربتت الجدة على صدر ياسمين
"يا قلب ستك كل شيء سوف يسير مثلما تريدين وأكثر ما
عاش ولا كان من يحزن قلبك يا ياسمين".
وناولتها كوب من القهوة الثقيلة مضبوطة السكر، تناولت
ياسمين الفنجان الذهبي والاثري الخاص بتوحة والتي كانت تفتخر به ولا تخرجه إلا في
المناسبات الخاصة وأزاحت الصينية إلى جانب وتبدلت نظرة الحنية إلى نظرة أخرى مخيفة
تماما!
صوت جر صينية القهوة جعل كل من بالصالة كبير وصغير يلتفت
لتوحة على الفور، تلك الجرة البطيئة الحذرة وصوتها لم يخف عليهم!، نظرت توحه
لنعلها المنزلي وأمسكت به وتوجهت بنظراتها للكل على السواء!
وقف عبد الجبار على الفور بمكانه وعادت نعمات هي الأخرى
لمكانها، أما عن رحمة وورد اللتان تسللتا بعيد عن الصف الذي وضعتهن به ياسمين
عادوا إلية على الفور!
أما عن عوض وفتحي المتبرمين
"أتمنى فقط ألا يخسف الله بنا الأرض لتقليدنا
الأعمى لكل ما يفعله الغرب..."
التفت كل من عوض وفتحي للجدة أثناء سماعهن صوت حف
الصينية بالأرض الاسمنتية الصلبة، وعاد كل منهم على الفور إلى موقعة حك فتحي رقبته
بتوتر وهو ينظر لسيلفيا التي تنظر له بابتسامة محرجة بينما عوض تقهقر إلى الخلف
يدعى البحث في الأرض عن شيء ما ليس له وجود يغمغم من بين أسنانه
"ضاعت هيبتك أمام الأجانب يا عوض!".
غمغم جون وهو يستغرب الصمت الذي عم المكان فجأة وهو ينظر
للجميع الذين يتهربون من النظر إلى توحة التي تطرق الأرض الاسمنتية بنعلها المنزلي
برتابة مخيفة
وفرك ذراعيه
"أشعر بالبرودة لمَ أشعر بالبرودة فجأة في منتصف
شهر يوليو؟!".
تقهقرت كل من تارا وهاجر وحتى سلفيا وكيارا شعرتا
بكهرباء مخيفة بالجو، صمت الصغار والنسوة والصمت التام عام المكان.. صمت مخيف من
الفضائح والاحراج ف توحة لن تتوانى لثانية واحدة عن الركض خلفهم جميعا وضرب كل
منهم بالحذاء فوق رؤوسهم!، الفضيحة سوف تكون كبيرة ومدوية خاصة بوجود الكثير من
الاغراب بالمنزل وبالنهاية لن يحدث شيء سوى ما تريده توحة فلا يوجد أي داع لإهدار
الكرامة!
أنهت ياسمين فنجانها باستمتاع بالغ والتفتت للخلف حيث
يقف أبراهيم حيث أمرته بالضبط، غمز لها بأنها ماكرة لئيمة فغمزت له غمزة خفيه شقية
توحي بأن ما تريده هو ما سوف يحدث، التفتت أمامها مرة أخرى تضع الفنجان الانيق
والطبق الذهبي على الصينية الخاصة بتوحة وقبلت وجنتها بسعادة عامرة
"سلمت يداك توحة".
وقفت ياسمين تنظر للجميع بشر مطلق.
"أعتقد أنه منذ هذه اللحظة سوف تسير الأمور وفق طريقتي
ونعل توحة، أحببت أن أوضح الأمور فقط".
سبها جميع الأحفاد تقريبا بحقد بالغ من بين أسنانهم حتى
عوض بلغت همهمته وحنقه السماء أشارت للجميع بالعودة مرة أخرى إلى أماكنهم الأولية.
دلفت نسيمة ترمي الورد على الممر الوهمي الذي رسمته
ياسمين،
جميلة مبهجة تمنى عبد الجبار وقتها بسعادة ان يراها يوما
بفستان الزفاف الأبيض.
ابتسم لها بشدة وكانت نعمات تشعر بفخر وكل العيون على
ابنتها بينما نسيمة محمرة الوجنتين كانت سعيدة وتنظر لعبد الجبار بخجل.
دلف كل من عوض وكيارا يسيرون بخطى رتيبة إلى ان أنفصل كل
منهمـ ثم سلفيا وفتحي يتبعهم هاجر وأحد أبناء العمومة ثم تارا ووورد وأخيرا رحمة
ذهبت لإبراهيم ووضعت ذراعها بذراعة على عجل همست له بأنفاس مقطوعة وحماسة زائدة عن
الحد.
"ألن تغير رأيك وترتدي الجلباب وأنت تسلمني
لحميد؟!".
نظرت له ببراءة بعيون القطة الخضراء خاصتها
"يا بنت أخبرتك بأنني لا أرتدي هذا الجلباب إلا
أوقات العجلة من أمري لقد اشتريت البذلة وانتهى الأمر".
نظر أمامه لكنها لازالت على حالها متبرمة فانحنى عليها
هامسا
"سوف ارتديه يوم الحنة من أجلك فقط هل أنت
راضية؟!".
سعدت كثيرا وهزت رأسها بحماسة تمسكت بذراعة بقوة وضغطت
عليه
"شكرا لك عمي أبراهيم، شكرا لك على كل شيء".
نقرة قلبه بقوة وكأن هناك قبضة من حديد تعتصره هز رأسه
وفشل في رسم بسمة سخيفة حتى ونظر أمامه، أخذت نفس عميق وسارت بخطى ملكية تحاكي ما
سوف يحدث بيوم العرس خاصتها، اليوم الذي حلمت به مطولا منذ أن كانت طفله صغيرة.
وصلت أخيرا وتحدث عبد الجبار يسلمها لزوجها المزعوم إلا
أن حميد لم يكن حاضر فلعب جون بحبور دور حميد وسلمتهم نسيمة الخواتم وتلت ياسمين
عهودها وسط انبهار ومحبه من الصغار واستغراب واستنكار من الكبار!.
دمعت عيون عوض بشدة وياسمين تتلو عهودها بالمحبة
والإخلاص الابدي لحميد بدت صادقة جدا ومحبه، نظر له فتحي أبن عمه باستخفاف بالغ
وبنصف شفاه مرتفعة همس له بتكهن
"على أساس أمور
الكفر هذه سوف تخسف بنا الأرض!"
مسح عوض عيونه على
الفور
"من باب جبر
الخواطر فقط أنها يتيمة!"
ارتفع حاجب فتحي عاليا
"حقا!"
تنحنح عوض وهمس لفتحي
بأنه يريده أن يترجم ل كيارا وسلفيا ما سوف يقوله يريد أن يعرض عليهم الإسلام
مستنكر على ياسمين عدم فعلها لهذا الأمر طوال هذه السنوات.
نظر له فتحي من أعلى
لأسفل ثم همس لنفسه
"لولا امتلاء
القاعة بالفتيات لسببته كما يجب للسباب أن يكون لا بأس لاحقا.. لاحقا".
انتهت ياسمين أخيرا من
المراسم وصفق الجميع فرحين بانتهاء هذا التعذيب لكن ياسمين صفقت للجميع بأن يأخذوا
أماكنهم مرة أخرى تذمر الكل وعلى رأسهم عبد الجبار
"ياسمين لدينا
مشاغل لا يجوز هذا ها قد فعلنا ما تريدي وأنتهى الأمر!".
صفقت ياسمين مرة أخرى
وعادت لبداية الممر تسير بعلياء وتكبر سوف نعيدها لا داعي للتذمر".
زمجر عوض بغضب
"إلى متى؟!".
وقفت ياسمين إلى جوار
توحة التي امسكت بنعلها مرة أخرى وتمتمت بفخر وحاجب مرفوع
"إلى أن نصل إلى
الكمال"
"!!!!!!!".
****
"ألن تكفي عن
البكاء؟"
حدثها حميد بحنان كي
تهدأ
"لقد لق. سافرت
سريعا ولن أراك لأشهر، ماذا سوف أفعل يا حميد بدونك، أ أمي ما الذي سوف تفعله
بدونك لن لن يحترمنا أحد سوف يعود الكل للنهش بنا مرة أخرى".
بكائها حار ومؤلم
"هذا لن يحدث رقية
صديقي من المكتب أوصيته عليكم كما أنني سوف أهاتف الكل بتسليم الايجار لكن، لن
يعلم أحد بأنني خارج البلاد لا تقلقي".
ماذا عن لوعتها
واشتياقها ماذا عن حرقة قلبها ماذا عن غيرتها التي تقتلها لم يذكر عنهم شيء لم
يأتي بأي من الحلول لهذا.
همست بألم بالغ
"أنا أموت حميد لا
أستطيع تخيلك مع أحد غيري!".
أغمض عيونه بتعب
"رقية.. رقية لمَ
تفعلين هذا بي تعلمين كم أنت غالية علي، تعلمين جيدا مكانتك بقلبي لم أكذب عليك
أبدا أو أخدعك بشيء كنت صريح جدا معك منذ اليوم الأول اليس كذلك؟".
كتمت فمها هي الملامة
في هذه القضية هي من خطفت ما ليس لها، هي السبب! هي السبب!!.
بكائها الحار ونحيبها ازداد
بقوة وتحول إلى نشيج
"ما رأيك بتناول كوب
من النعناع والنوم قليلا سوف أحادثك ما إن تستيقظي هيا رقروقة لا تحزنيني".
همست بحرارة من بين
بكائها
"لا تذهب أبقى معي".
"جدي أرسل في طلبي
منذ مدة لا يجوز الـتأخر عليه أكثر من ذلك".
"أين أنت؟".
"ببيت جدي الكبير
حميد سوف أظل هنا إلى يوم العرس".
لقد طرده كل من عبد
الجبار وإبراهيم لأن ياسمين أصبحت تتعلق بذراعة وتلتصق به دون حياء وتبجح تخبرهم
بأنه أصبح زوجها!
هدأت قليلا وعلى مضض
تركت الهاتف وارتاحت قليلا، الخيالات كانت تنهش بها منذ أن عقدوا القران ثم بعد
وهله تذكرت يوم الزفاف فخدشت وجنتيها بقوة غير متحملة لمرارة وقوة هذا الألم!.
*
هم حميد بفتح الباب
وهناك الكثير من المشاكل والهموم العالقة برأسه ياسمين تريد الاستقرار هنا وقضاء
العطلة فقط بأستراليا، ووالده يريد سلب كل شيء من ياسمين، ورقية تريده لها وحدها
وياسمين ما الذي سوف تفعله لو علمت بأنه تزوج عليها؟ هل سوف تستوعب الظروف التي
اضطرته على هذه الزيجة؟ أم سوف تتركه على الفور ويترك حب حياته يضيع منه الشيء
المشرق الوحيد بحياته يتركه يذهب إلى الابد!.
اسند برأسه على الباب
الخشبي حيث خصص له جده غرفة كامله كي يمكث بها، مر أبناء خالة من أمام الباب
يتهامسون عليه
"مدلل أمه أخذ هذه
الغرفة لنذهب إلى الأخرى".
"يا أخي لا أعلم
لمَ يحبه جدك حميد ويفضله علينا ،كل هذا الدلال والتمييز لأنه على أسمه؟".
"لا يا ذكي لأنه
أبن حميدة اللئيمة".
"الوغد الابلة تلك
الفاتنة تختاره هو دون عن كل من تقدموا لها من البلدة جمال جسد مثل الصاروخ، مشهورة
وغنية وفوق هذا سوف يأخذ الجنسية ويستطع الخروج من تلك البلدة العقيمة للأبد، ابن
الكلب المحظوظ!"
الغل والحقد الصافي من
أصوتهم تلاشي أثناء سيرهم بالردهة وصولهم للغرفة، لكنه أبدا لم يتلاشى من عقل وقلب
حميد الذي فقد قوته فجأة وتساقط ببطء إلى أن جلس أرضا خائر القوى لا يقوى على
الحراك من الصدمة!.
***
صعدت السلم كاللصوص
سألتها كيارا عن أغنيتها المفضلة التي سوف تدلف بها للمدعوين لكن ياسمين لم تعلم
ما هي أغنيتها المفضلة لديها هي وحميد على السواء، وتساءلت منذ تلك اللحظة عن مدى
معرفتها بحميد.
أشياء كثيرة متوترة حدثت تربكها بقوة وتريد دحض
هذه الشكوك عندما هاتفها حميد وهو منهار يسألها لمَ اختارته هو دون عن أي أحد كي تتزوجه،
أجابته بأنها أحبته هو.. لكن تلك الإجابة لم تريحه أبدا لم تكن كافيه طلب لقائها
وأخبرته بأن المكان المثالي هو سطح المنزل تسلل منذ قليل وهي الأخرى صعدت أخيرا
كان حزين ومكسور همست بحزن بالغ تناديه
"هميد".
التفت لها وهو مكسور ما
إن راها حتى ركض نحوها وهي الأخرى تريد دفن نفسها بحضنه وغمر كل تلك الشكوك
والأوهام ضم كل منهم الأخر بشوق رهيب زاد نحيب حميد
"لماذا أنا يا
ياسمين؟ لماذا".
أمسكت بوجنتيه ومسحت دموعه
برقه
"أحبك".
همست بحرارة
"لا استحق هذا
الحب أبدا لا أستحقك لقد خذلتك كثيرا".
كان يهز برأسه رافض
"وتحملت الكثير من
أجلي أيضا لا تظنني غافله عما يفعله بك عمي حميد من أجل تلك الزيجة".
الصفعة على وجه حميد لم
تكن أصابه طائشة وسط الشجار لقد دلف حميد بها من منزله ولم تكن هذه المرة الأولى،
تعلم جيدا مدى قله الاحترام التي يعاني منها حميد من عائلته.
دمعت عيونه أكثر وهمس
بعذاب وأنت الأخرى تحملت منهم ما لا يطاق ما ذنبك؟"
هزت كتفها وهي على
حالها ممسكة بوجنتيه بمحبه خالصة وهمست بدلال
"أهبك".
"يا بنت ألم أخبرك
بألا تتدللي بلكنتك على أفقد أعصابي!"
"همــــــــيد"
لم يعد يحتمل سنوات
طوال تعذبه بدلالها والآن لم يعد هناك حاجز أو مانع التقط شفتيها يقبلها بعمق وقوة
ويشبع أي من جوع السنوات الطوال التي ظل ظمأن لها بها.
دارت الأرض من تحت
ياسمين ولولا تمسك حميد بها لكانت سقطت أرضا لطالما حلمت بقبلتها الأولى كونها
ببلد أجنبي تحدثت الفتيات بحرية أمامها طوال الوقت عن هذا الأمر لطالما اشتاقت له
وها هي الآن وأخيرا وبعد الكثير من العذاب والفروق بين ذراعه وبحضنه تمسكت به بشدة
وتنهد الاثنان بحرارة يلتقطون أنفاسهم.
وقفت ياسمين تستند برأسها على صدره وتتنهد بحب
أخيرا حصلت عليه، طفلها الصغير الوليد منذ أن كانت بالثالثة عشر وهو الأخر مسد
ظهرها صعودا وهبوطا ببطيء بالغ يخبرها بأن تطمأن بأنه هنا من أجلها ولا شيء سوف
يفرق بينهم أبدا.
"أريد وعد منك يا
ياسمين لا شيء سوف يفرق بيننا أبدا لا شيء لن نسمح لهم أوعديني".
نظرت له وهمست بالإنجليزية
"أعدك".
قبل جبينها مطولا ثم ظل
الاثنان يراقبن خفوت الشمس وكل منهم متمسك بالآخر بقوة وحب.
****
"مشغول وحياتك
مشغول
ولأخر الأسبوع
مشغول"
تدندن تارا بمرح بالغ
مع الاغنية التي اشعلتها بصوت عال جدا وكل من كيارا وسلفيا لا يعلمون معناها إلا
أنهم يتمايلون بحركة منظمه سويا وقد اندمجا بالجو، تصحبهم رحمة من أجل فستانها
وهاجر تقف بمنتصف غرفة ياسمين و ورد منحنية عليها أرضا تحدد طول الفستان الخاص
بها.
تذمرت هاجر منها
"هذه ليست أغاني
أفراح ما بك؟"
هزت تارا رأسها بمعني
أنها لا تعلم
"لا أعلم حقيقة ما
هي علاقة عبد الحليم حافظ بالأفراح عندي شيء مبهم لكنه يصيبني بالسعادة".
وظلت ترقص وكأنها تمارس
الرقص النقري مع الالحان الكلاسيكية للعندليب والفتيات يضحكن عليها بشدة
"انتهيت".
وقفت ورد بوجه متورد
بعد أن عدلت الفستان على هاجر وأصبح جاهز تماما
صفقت كيارا تشجعها
"والآن علمنا من
تعدل لياسمين الملابس وتجعلها رائعة، أنت السبب".
نظرت لها ورد نظرة
مبهمة فترجمت لها رحمة فتوردت ورد من الخجل وسألت رحمة إذا ما كانوا يريدون أي شيء
خاص بالفساتين سوف تعدله من أجلهم.
دلفت ياسمين هائمة متضاربة
المشاعر والقت بنفسها على السرير للخلف وبيدها زهرة صفراء وضعتها على أنفها رغم
أنها بدون رائحة إلا أنها الزهرة الوحيدة التي أستطاع حميد إهدائها إياها من
مزروعات عوض بالأعلى
"مهلا مهلا مهلا
أليست هذه زهرة الكوسا؟!، ما الذي تفعله بيدك بالضبط أين كنت؟!!".
قفزت كل من هاجر وتارا
على السرير وخلفهم كيارا وسلفيا وكل من رحمة وورد يتابعوهم باستغراب!.
"أخذتها".
غمغمت بالإنجليزية.
"جحظت عيون تارا
وهجمت عليها
"ما هي
بالضبط؟!".
"قبلتي
الأولى".
صراااااااخ
صراخ عال ومتحمس من كل
من هاجر وتارا وكذلك من سلفيا وكيارا
"كيف كانت؟ هل
كانت طويلة؟ رطبه؟ هل أقحم لس...".
تقززت كل من هاجر وتارا
من كيارا واسئلتها المقرفة وصرخت ياسمين بوجهها بأن تصمت بينما رحمة اشتعلت
وجنتيها من الخجل!
"كيارا أيتها
اللعينة لقد أفسدت الأمر!".
هزتها كيارا بعنف بالغ
وهي تصرخ
"التفاصيل إلا سوف
أقتلك!".
تنهدت ياسمين وارتمت
على السرير مرة أخرى
"لم تكن قبله
منحرفة بل قبله عشق خالصه حلقت فوق السحب لثواني أو دقائق لا أعلم تماما، كل ما
أعرفه أنها استحقت كل ذلك الصبر والانتظار، استحقت كل ثانيه منه بلا أدنى
شك".
هطلت دموع سلفيا كالأمطار
متأثرة بالحالة الهائمة التي تحلق بها ياسمين فوق السحب على حسب قولها ليست جرئيه
أبدا مثل كيارا وليست متفتحة العقل لبقة مثل ياسمين لها أسرة متدينة ووالدها لا
يعترف بالعلاقات قبل الزواج ولم تلفت انتباه الشبان بعد بسبب شخصيتها البسيطة تعلم
تمام العلم أن زواجها سوف يكون زواج مدبر ما إن يحصل والدها على هذا الزوج
المناسب.
أما عن كيارا ورغم
العلاقات الكثيرة التي مرت بحياتها لم تشعر أبدا ولو لمرة بما تحلق به ياسمين،
الجميع تقريبا استغلوها.
تمنت بشدة أن تناله
لكنها لم تعلم كيف بعد؟!.
توردت رحمة وورد بشدة
من جرأه ياسمين للحديث بشيء خاص كهذا أمام الجميع وصرخت تارا بهاجر بأنها تريد
الزواج على الفور قبل أن يتوقف تنفسها، كل واحده منهن اتجهت إلى ركن خاص بالغرفة
تفكر بهيام بإمكانيه حدوث شيء رائع مثل هذا لهن، لكن كل ورد ورحمة انسحبوا خارجا.
نظرت رحمة لورد وهي
تغلق باب الشقة
"حسنا أنا لم
أتزوج بعد ف لي كل الحق بالشعور بالحرج ماذا عنك أنت يا ست ورد لك خمسه عشرة عام
متزوجة!".
أنسحب اللون والدماء من
وجه ورد على الفور لسماع تلك الملاحظة من رحمة واستأذنت للذهاب للجدة، وتركت رحمة
في حيرتها من امرها.
***
دلفت الغرفة على
استحياء محرجة بشدة من الجدة، كانت الجدة تملي على أم سعيد عدة طلبات من أجل
تحضيرات الطعام الخاصة بالعرس، انتهت وذهبت أم سعيد وهي ترحب بها.
ظلت الجدة تحرك بسبحتها
وتستغفر وتذكر الله ثم رفعت رأسها أخيرا لتواجهها
"أدخلي يا هاجر".
دلفت بحرج وجلست أرضا
إلى جوارها على فرشتها الأرضية وظلت تنظر بالغرفة التي لم تتغير بسيطة جميلة شديدة
النظافة!، وبركن بعيد من الغرفة بالزاوية يوجد مربع من الأرض لم يتم تبليطه بل ظل
ارض طينية مزروع به ورد بلدي أحمر تقسم انها رأته أكثر من مرة مزهر بأوقات لا تزهر
بها الورود لا يعلم سر تلك البقعة سوى توحة وتأبى ذكرة لأي كان ولا يسمح لأحد
غيرها حتى بريها!.
ارتفع رأسها للجدار
المقابل لتجد الجدارية خاصتها معلقة ابتسمت رغما عنها
"كل تلك السنوات
ولم تملي منها يا توحة".
ابتسمت الجدة بحنو لها
وأخبرتها بأنها سوف تظل معلقه هنا طالما بها نفس
"ألن تهديني أخرى
يا قليلة الحياء؟"
"فعلت أقسم وأعطيتهم
لعوض كي يؤطرهم"
دمعت عيون هاجر بقوة
ورمت رأسها على حجر توحة وبكت بشدة تمسح دموعها التي انهمرت بقوة رغما عنها، سألت
الجدة عن خطبها، فأخبرتها بأنها تشعر بالخجل منها لعدم زيارتها كل تلك المدة، لكن
توحه ضربتها ضربه واهيه على فخذها بأن تكف عن هذا الهراء.
"كل شيء يعاد مرة
أخرى، يتركونني وحدي طوال الوقت كل منهم ملتهى بعمله الوحدة تقتلني وتارا مشغولة
بمشروعها وياسمين لم تكن موجودة".
قاطعتها توحه بمرارة
"وأنا يا هاجر
وأنا أين كنت؟!".
انهمرت دموعها بشدة
"أثقلت عليك كثيرا
لقد عشت هنا أكثر مما عشت بمنزلي يكفي يا جدة لقد كنت أم وجدة حقيقة أكثر مما
لدي".
"سوف أضربك على
رأسك اليابس هذا".
أزاحت هاجر شعرها الغجري
اللامع للخلف ومسحت أنفها
"اريد السفر
للخارج بشدة لإنهاء دراستي وأخذ الماجستير، أنها فرصة رائعة يرفضون حتى دون إعطائي
أي أسباب، تخيلي يخبرونني بأنني لا يجوز أن أبقى وحيدة بالخارج، أنا وحيدة بالأصل
بالداخل سوف أموت أقسم لك سوف أموت مما يفعلونه بي يا جدة".
بكت مرة أخرى بشدة بحضن
توحة التي ضمتها لصدرها بقوة
"سوف أحل هذا
الأمر لا تقلقلي هذا مستقبلك ولن نفرط به بالسهل مهما حدث".
دلفت تارا تنظر خلفها
بتوتر لكنها فوجئت بهاجر على قدم توحة
"صدقي أن الثعلب
المكار بريء من لؤمك هيا اذهبي من هنا هذا دوري"
جرتها بعنف من فوق ساق الجدة وارتمت عليها سريعا
وزمجرت بهاجر بأن تخرج وتتركهم وحدهم.
نفخت الجدة بحنق
"مفترية مثل أمك
ما بك أنتِ الأخرى".
غمغمت تارا بهلع
"سوف أفضح ويخرب
بيتي يا توحة المشروع ينهار".
"لا تأخذيني بترهاتك
يا تارا أين أمك كيف لها ان تتركني هكذا وقت زفاف ياسمين؟".
حرجت تارا
"أتيه بيوم الحنة"
"حقا مثل الاغراب
لا بأس لا بأس"
توعدتها الجدة بشدة ثم
التفتت لها
"أخبريني يا
موكوسة ما هي مشكلتك؟".
***
يتبع ....