ليس زوجي المعاق الجزء الثاني_ الفصل الحادي عشر ج1بقلم هالة الشاعر

ليس زوجي المعاق الجزء الثاني
(ماللك القلب)
الفصل الحادي عشر 
(1)




 يعبث بأصابعه بتوتر بالغ يراقب تلك التي أبتلي بها على هيئة مريضة في عيادته، لكن الحقيقة المطلقة من وراء هذه السيدة أنها ابتلاء عظيم، إما اختبار من الله كي يمتحن قوته!،أو عقاب شديد على ما أقترفه من ذنوب وخطايا بشبابه!!.

تعبث وترتب أغراض بحقيبتها ومن ثم أخرجت دفتر وسجلت به عدة أشياء ثم سألته

"ما هو وزنك قبل الطعام الصحي؟".

جحظت عيناه قليلا ثم أجابها

"وما هو وزنك الحالي؟".

ليس زوجي المعاق الجزء الثاني
رواية ليس زوجي المعاق الجزء الثاني


أجابها بنزق وحاول بدأ الجلسة إلا إنها قاطعته

"هل تمارس الرياضة؟".

ارتسم فمه في خط مستقيم مذموم وتمتم بنزق

"لا".

تمتمت لنفسها وهي تدون شيء ما بدفترها

"بالطبع لا تمارس شيء".

"عفوا!".

لوحت بيديها في وجهه بسخافة

"شـــــــــــــــوش".

"حسنا منذ اليوم لا سيارة أو مصعد كهربي وكل يوم سوف تقفز أربعمائة قفزة بالحبل".

قالتها بسيطرة كبيرة ثم خلعت نظارتها وطوتها بالحافظة خاصتها ثم أغلقت الدفتر ووضعته بالحقيبة ونظرت له وكأنها هي الطبيب لا هو

"سوف تفقد عدة كيلوجرامات الجلسة القادمة إذا ما أتبعت خطتي تلك بالحرف الواحد ولا تتناول شيء غير الطعام الذي أرسله لك هل هذا مفهوم؟".

هز رأسه بطاعة وهو مسلوب الإرادة ثم نفضها سريعا وزمجر بها وهو يضرب الطاولة بقبضة يده بغضب بالغ

"ما الذي تفعلينه؟، ها! ما شأنك وما شأن وزني؟".

ردت بتلقائية ممزوجة بلا مبالاة

"أقترب زفافك هل تريد أن تكون صور الحفل بهذا البطن المتدلي؟!"،

ثم هزت كتفها وغمغمت بلا مبالاة

"هذا شأنك الخاص".

ضرب الطاولة بيده مرة أخرى بقوة

"أجل بالطبع هذا شأني وحدي، ثم هل تظنين نفسك شهرزاد؟!، ها ... لمَ انصرفت الجلسة الماضية قبل أن تخبريني عن الخالة زكية ومن تكون؟!، هل تريدين إكساب الجلسة عنصر التشويق.. هل تظنين نفسك مهمة هكذا؟".

ردت ببساطة وبرود على زمجرته

"كل ما هناك أن وقتي كان انتهى ولم أكن أريد دفع ثمن ساعة أخرى، هل من سخافات أخرى لديك كي تضيعها من وقت جلستي؟!".

عاد للخلف بكرسيه يتنفس بصوت عال من الغضب ثم قوس شفتيه بغضب بالغ وتمتم ببرود

"تستطيعين بدأ الجلسة مدام جميلة".

أرتفع ذقنها بإباء لانتصاراتها الساحقة التي تتوالى مع هذا الطبيب وربعت يديها وبدأت بالسرد....

***

ساعدها كل من سمير ومالك بالدخول إلى الشقة ورحبت بها بدبلوماسية ومن ثم استأذنت لتحضير عصير ما وضيافة بالمطبخ وأخذت كامل وقتي

هربا منها ولأن الذكريات داهمتني بقوة ....

***

كان يحضر حقيبته للسفر إلى البحر الأحمر، كانت رحلة عمل عاجلة له لعدة أيام بسيطة ثم سوف يعود لخطبة أخته، وضعت ملابسة الداخلية البيضاء وحقيبة صغيرة بها أدوات النظافة الشخصية خاصته، ووضع هو ثياب الخروج خاصته لأنه لا يثق بي البتة في اختيار ملابسة الخارجية.

"كامل رجاء اسمح لي بالذهاب سوف أظل هنا وحدي على أي حال، دعني أذهب لهم".

أغلق السحاب ومن ثم وقف ووضع يده بخاصرته

"جميلة لا داعي لذلك سوف تمرضين".

بعد العملية الجراحية الأخيرة أصبحت أصاب بإغماءات متكررة وأمر الطبيب بوقف أي علاجات أخذها ربما تسببت كثرة المنشطات بنوع من الحساسية لي، وبالفعل منذ وقف المنشطات وأنا أفضل حال وقلت حالات الإغماء لدي كثيرا هي وألام البطن المبرحة.

"أنا أشعر بتحسن كبير لن أرهق نفسي أقسم!".

توسلت له بدلال كبير لكن دلالي هذا ورقتي لم يشفعوا لجسدي الضخم الذي يقف أمامه، ربت على رأسي ووافق بقله حيله

"حسنا أفعلي ما تريدين لكن لا ترهقي نفسك".

قبلته وضممته لي بقوة أشكره، ووضعت رأسي قليلا على صدره كي يضمني هو الآخر ولو لمرة واحدة بحياته لكنه ربت بخفه على ظهري ينبهني للوقت

"جميلة سوف أتأخر على الطائرة!".

حاولت رسم بسمة

"صاحبتك السلامة، سوف أجهز نفسي وأذهب أنا رجاء أبلغ عمتي كي لا أشعر بالحرج".

هز رأسه وأخذ الحقيبة وأنصرف، وأنا أخرجت حقيبتي التي كنت حضرتها، وبدلت ثيابي وراقبت شعري الذي بدأت جذوره المجعدة تظهر، أمسكتها بإحباط.. كامل يكرهها كثيرا، جيد تبقى بعض المال من النقود التي أعطاني إياها مهند بعد قيامي من عمليتي الجراحية الفاشلة الأخيرة سوف أفرد شعري بها.

***

استقبلتني والدة زوجي بالترحاب وبعد السلام والتحية والدعاء بالعوض القريب لي، استأذنتها سريعا للذهاب لغرفة كامل كي أبدل ثيابي.

وجدتها حائرة بالمطبخ لا تعلم ما الذي يجب عليها فعله بالطعام والعزيمة التي سوف تقام لعائلة عريس مليكة بعد الحفل.

أخرجت دفتر صغير وضحكت عمتي كثيرا علي

"وهل يحتاج الطعام إلى دفتر أيضا جميلة!، كامل يخبرني أنه لا يفارقك، تعلمين أنه منظم مثلك تماما لطالما كان هكذا منذ صغره مرتب ويحب النظام بكل شيء".

ابتسمت لها كثيرا وفرح قلبي المتلهف له على الدوام بأن هناك شيء مشترك بيننا وأخيرا، أفعل كل شيء كي أنال رضا قلبه ولكنني لم أناله مطلقا.. أنتظر كلمه واحدة منه كي تروي ظمأ قلبي لكنها لم تخرج من فمه بعد، ابتعاده عني يقتلني ببطيء، أنه يبتعد عني في كل شيء.. كل شيء يمكن أن يتخيله المرء.. حتى العلاقة الخاصة بنا يقيمها فقط من أجل الإنجاب بالمواعيد التي يذكرها الأطباء ولا شيء غير ذلك.

أحاول الابتسام دائما له والقبول بكل شيء حتى لو كنت أكرهه فقط كي أنال رضاه لكنني لم أناله يوما، فقط لو أعلم لمَ هو بارد معي هكذا؟!.

"أخبريني بالأصناف التي تريدين إعدادها ولا تحملي هم شيء".

أخبرتني بما تريد إعداده وعدلت معها بعض الأطباق واقترحت أصناف إعدادها سهل وشهية وعندما بحثت عن المكونات وجدنا أنها قليلة ونحتاج لأشياء كثيرة

من السوق بعد، واقتنعت أخيرا بالدفتر الخاص بالتنظيم خاصتي بدأت بإعداد المكونات الموجودة وأرسلت هي لجلب باقي الأغراض.

"ارتاحي خالتي لدينا الكثير من الوقت لا داعي لتعبك هذا".

بعد عناء أقنعتها بالجلوس والمساعدة بأشياء بسيطة وحضرت الطعام وأنا سعيدة، حضرت مليكه وسلمت علي وباركت لها أنا الأخرى بفرح، إعداد الطعام أستغرق يومان وتبقي يوم قبل الحفل المفترض أن يكون كامل هنا كي يشتري معي ثياب الحفل.

لكنه أضطر للمكوث يوم آخر بعد

اتصلت به وأنا متوترة

"كامل غدا الحفل ولا يوجد شيء أرتدي إياه بعد، لو كنت تركتني أشتري الثياب باكرا مثلما أخبرتك".

عاتبته قليلا فهو رفض ذهابي بشدة

"لا تذهبي بمفردك خذي مليكه معك دعيها تختار هي شيء ما يناسبك وخذي مال من أمي، لا يهم المال أريدك أن تشرفيني بالحفل مفهوم جميلة؟".

غمغمت بصوت ميت

"مفهوم".

ابتلعت الاهانة التي يوجهها لي مرة بعد الأخرى وذهبت بحرج لطلب المال والذهاب مع مليكه لشراء شيء مناسب لي، تأففت مليكه بأن لا وقت لديها مطلقا لذلك لكن قرصه بفخذها من والدتها جعلتها تذهب سريعا إلى غرفتها وابتسمت لي وأخبرتني بأن أستعد أنا الأخرى.

لم تكن المشكلة يوما ما بذوقي، ف لي ذوق راق جدا خاصة فيما يخص الثياب فهي تمثل عشق خاص لي، لكن لجسدي و اختياراته المحدودة جدا.. شأن آخر!.

عدنا بخيبة أمل لم نجد ذلك الشيء المبهر الذي يجعل مني أجمل واحدة بالحفل وتنحنحت مليكه التي تعلم أخيها جيدا،

"لا تقلقي أعدك بأن أخبرة بأن هذا هو المتاح الآن وبأننا بذلنا كل جهدنا، سوف يمررها لا تقلقي".

ابتسمت لها

"لا عليك، خذي هذه مليكه".

اتسعت حدقتها وهي تراقب السلسال الذهبي ودلفت والدتها في تلك اللحظة

"أنها تليق بالفستان أكثر من السلسال الفضي أرتدي إياها أثناء الحفل إلى أن ترتدي شبكتك".

نظرت لوالدتها بتردد فربتت عليها

"خذيها أنها أختك".

ابتسمنا جميعا لبعض وصنعت لهم بعض الأقنعة الخاصة بالبشرة، فمع بشرة مليئة بالبثور والعيوب كخاصتي كنت أجمع الكثير والكثير من المعلومات عن طرق تنظيف البشرة كي أهتم بها على الدوام وأخفف من حدة بشاعة البثور بها.

نمت سعيدة كثيرا تلك الليلة مع مليكه متجاورين إلى بعضنا البعض تقرأ لي رسائل الغزل التي يرسلها لها حبيبها ونصدر تلك التأوهات التي تصدر عنا لانفطار القلب من الحب، لكن تأوهاتي أنا.. لم تكن إلا لعدم عثوري على الحب!.

***

الطائرة سوف تحط بكامل قبل الحفل بساعتين أعددت الحمام له وأعددت له ثيابه كي يتحضر فور قدومه وتجهزت وأنهيت إعداد الطعام كله للحفل وبعد انتهاء الحفل سوف أذهب لتسخين الطعام للعريس وعائلته، كل شيء يسير على ما يرام تماما، وأعلنت والدة كامل احترامها التام للدفتر خاصتي بل وأسمته الدفتر السحري.

ارتديت ملابسي وبدأت بتزين وجهي وحينما أوشكت على الانتهاء أنكسر قلم الكحل خاصتي، حاولت إصلاحه أكثر من مرة لكن الأمر فشل تماما فذهبت كارهة إلى مليكه كي أستخدم القلم خاصتها.

ابنه خالتها دارين تزين وجهها بغرفتها وهي حسنا.. لنقل إنني لم أرق لها يوما وحتى تلك اللحظة لم أعلم شيء عن السبب!.

قبل أن أطرق الباب الذي شككت في أن تسمعني أي منهن طرقتي له لأصوات الموسيقى العالية بالخارج، خرجت الأخت الصغرى لدارين ورسمت بسمه جامدة على وجهها أمسكت بالباب قبل أن يغلق وأخذت نفس عميق قبل أن أدلف لهم، الأشخاص مثل دارين سوف تعتقد أن مجرد استخدامي لقلم مليكه

هو حسد وحقد خالص مني

 أو تطفل على لوحتها الفنية التي لن تكرر عبر الزمن!

 أو لأنني زوجة الأخ الشريرة التي لا تريد أن ترى مليكه بأي سعادة أو خير.. هي فقط سوف تضخم الأمر كثيرا ولا أحب الدراما، خاصة بتلك الأوقات التي تجتمع بها كل العائلة، تنفست بعمق سوف أخذ القلم وأذهب سريعا.

"لا أعلم كيف ل كامل؟ .. الكامل من كل شيء، بأن يتزوج من تلك الدبة بعد؟!".

"دارين!".

صوت مليكه كان معاتب ولكن بضعف وليس بقوة الصداقة والأخوة التي ظننت أنها موجودة بيننا، تردد مليكه جمد جسدي على الباب وليس رغبه مني في التصنت على رأيها، بل لأنني شعرت بطعنه في صدري جمدتني مكاني على الفور!.

"أنها طيبه جدا.. وكريمة أنظري لهذا السلسال.. أعطته لي كي أظهر بمظهر لائق أمام هاني بحفل الخطبة".

أصدرت الأخرى صوت سخرية من أنفها أثناء انحنائها فوق مليكه ترسم حاجبها ببراعة.

"خخخ يا الله مليكة كم أنت ساذجة؟، تلك الفتاة تتلاعب بكم تماما، تظهر بمظهر جيد أمام كامل ووالدتك وبنفس الوقت لم تخسر جنيه واحد،

 لو كانت تحبك مثلما تظنين أيتها الساذجة لأعطتك السلسال، ما قيمه هذا السلسال في أموال أخيها الغني يمكنه شراء عشرة منه لها بالغد فقط لو أرادت، أنت ساذجة للغاية مليكة".

التفتت إلى طاولة الزينة وأحضرت علبه صغيرة بنيه اللون وبفرشاة الحواجب انحنت ببراعة على مليكه مرة أخرى تتحدث بصوت أهدى كي تركز أكثر، لكن صوتها لم يخلوا من الغل.

"تلك البقرة.. تتزوج من كامل؟، يا لها من محظوظة لعينه.. قبيحة.. بدينة.. عاقر.. وتتزوج من كامل.. زينه شباب عائلتنا كلها.. يقولون إن الأكثر قبحا أكثر حظا.. هذا ينطبق على تلك البقرة تماما".

الدموع تسيل من وجهي وعيني عين تلو الأخرى، مجمدة بمكاني لم أشأ أن اسمع المزيد تمنيت لو أركض من هنا سريعا لكن قدمي لم تتحرك من مكانها.. رفضت هذا تمام الرفض.

"أخبرك بسر ولا تخبري به أحد أرجوك!"

همست مليكه لها بتوسل

أوقفت دارين ما تفعله واتسعت عيونها المزينة بعناية بالغه وماهرة وتمتمت بنبره مشبعه بالفضول القاتل

"والله ل أجعل منك أجمل عروس يا مليكه، أخبريني ولا تهتمي".

"لم يتقدم كامل ل جميلة".

انحنت على مليكه واقتربت منها بقوة

"لما تزوجها إذا؟!".

"لقد تقدم لأختها إلينا عندما رآها بالشركة تزور مهند، ولكن علم من أخيها أنها متزوجة، ولكن أخيها أخبرة بأخته الصغرى.. ومنذ أن خطبها وكامل يترقى بعمله بسرعة البرق".

عضت دارين شفتها السفلى بقوة واتسعت عيونها بشدة وبسمة ماكرة شريرة ارتسمت على وجهها

"كل شيء بات واضح الآن كيف ل كامل أوسم شاب رأته عيني بأن يتزوج من تلك البقرة.. هذا منطقي!".

شيء ثقيل يضغط على صدري حتى كدت أن أفقد الوعي، لم أستمع لباقي السباب التي تسبني به دارين لأن صوت صفير مؤذي يضرب كل من أذناي بحدة، وتلمست طريقي بصعوبة بالغة للحمام، أغلقته بقوة وارتميت على الباب أشهق وأبكي كما لم أبكي من قبل قط، كامل أراد إلينا.. لم يريدني يوما.. لهذا السبب هو بعيد عني لهذا السبب لم يراني من قبل قط.. لهذا السبب لم يضمني لصدره ولو لمرة

لست أنا من يريدها

 لست أنا

لست أنا...

ضربات قوية للغاية على الباب وصوت كامل أخترق صوت الصفير وحالة الإغماء الدماغي التي تعرضت لها وأنا أستند على ظهر الباب، توجهت للحوض وتلطخ وجهي حتى أصبح كوجه هؤلاء المهرجين من أفلام الرعب، غسلته جيدا جدا من أي أثر للزينة ومن ثم فتحت الباب لكامل الذي تحدث بعصبية بالغة

"ما الذي تفعليه كل هذا الوقت يا جميلة؟ ألا تعلمين أنني على عجله من أمري، ما هذا ألم تضعي زينه وجهك بعد؟!".

أمسك بوجهي بين أصابعه

"ما كل هذا الاحمرار هل كنتِ تبكي؟ ما الذي حدث هل ضايقك أحد ما؟!".

الصداع يفتك برأسي بشدة ولم أستطع إجابته بأي شيء

كان يزمجر ولكن يحاول ضبط أعصابه إلى أقصى درجة

"أين هي ثيابك أريني إياها".

تمتمت بصوت ميت

"أرتدي إياها".

هلعت عيناه وأزاحني للداخل وأغلق الباب هزني من ذراعي بحدة

" هل هذا هو الزي الذي سوف ترتدي بالحفل جميلة؟، الم أخبرك بشراء الأفضل؟!، هل تريدين من عائلة هاني أن تراكِ بهذا الشكل، لمَ لم تجعلي مليكه تختار لك؟!".

الهلع كان باد على وجهه بشدة، كامل يريدني أن أكون بأفضل مظهر أمام عائلة خطيب أخته، لكنه لم يهتم ولو للحظة بالسهام الحارقة التي يلسعني بها دون أي ذرة من الشفقة أو الرحمة.

بنفس الصوت الميت الفاقد للحياة

"لم أجد ملابس جيدة تدخل بجسدي الضخم فكما تعلم أنا مثل البقرة والبقر لا يرتدي الثياب الأنيقة".

تركته مذهول من إجابتي وذهبت إلى المطبخ لكن عمتي رفضت

"جميلة ما هذا؟ هيا تزيني بسرعة العريس على وصول هيا هيا".

وقذفت بي للخارج.

***

يراقبها بهدوء لكن هي كانت أبعد شيء عن الهدوء، صدرها كان يعلو يهبط بقوة، لم يكن هذا تنفسها العادي

"متى كان هذا مدام جميلة؟".

عيناها متسعة عن آخرها مستغرقة بقوة في مرارة وألم تلك الذكرى الحارقة، بالكاد انتشلت نفسها وهي تكافح لأخذ أنفاسها المضطربة، رمشت عدة مرات وازدردت لعابها بصعوبة بالغة، وقف الطبيب وأحضر لها زجاجة مياه وجلس أمامها لا خلف مكتبه.

أخذت كميه قليلة للغاية تمكنها فقط من الحديث ونظرت له بضعف

"بعد زواجي من كامل بعامين ونصف تقريبا".

"أستمر زواجك منه لتسعه أعوام على ما أتذكر".

امتصت شفتيها وهزت رأسها

كيف صمدت؟

لم يسألها لكن عيونه كانت تصرخ بهذا السؤال

تجاهلت ندائه الصارخ وهو الآخر لم يضغط عليها

"كيف تعاملتِ مع الموقف مدام جميلة؟".

دلكت صدغها بقوة وألم، ومن ثم أعدت رأسها للخلف

"حاولت التماسك قدر استطاعتي لكن أصبح كل شيء واضح من حولي،

 لمَ تزدريني نظرات خاله كامل طوال الوقت؟

 ولمَ لم تحبني دارين يوما ما؟،

دارين الجميلة ذات العيون الواسعة والماهرة بتزين الوجه بمهارة عالية، لم يبدو هذا وقتها عادل بالنسبة لي فأنا فاشلة في جعل كل من عيناني متشابهتان بينما هي عيونها الساحرة تزيدها سحر بكل بساطة ومهارة".

ربعت يديها تدفئ جسدها ووجهت نظراتها للطبيب

"أنهار جسدي قبل انتهاء الحفل وأوضحت الخالة بسخرية بالغة بأنه لم يكن هناك داعي أبدا بإدعاء فقدان الوعي لمجرد أنني طهوت عدة أصناف، وأبي كان مستاء للغاية من كامل ومهند ظل إلى جواري يربت على بقوة، ولحسن الحظ لم تحضر إلينا يومها وإلا لكنت فقدت الوعي بلا عودة على ما أظن".

سألها بهدوء

"كيف تعاملوا معك؟".

هزت كتفها بلا مبالاة

"كل على طريقته المعتادة، أمي أشفقت علي، أبي وجه اللوم لكامل بأن صحتي لم تكن لتتحمل هذا المجهود ومهند يضمني لصدره".

أعطاها المساحة الكاملة كي تفصح عما بصدرها فنظرت له وهي تجذب شفتها العليا بأسنانها والدموع تتساقط واحدة تلو الأخرى

"نظرت له بعينه.. توسلت له بأن ينقذني وبأنني لم أعد أحتمل لكنه تجاهل هذا النداء وربت علي ونظر بعيدا، تجاهل ألمي بشدة وأوجعني هذا.. أوجعني كثيرا بالقدر الذي وجعني به تصريح مليكة".

"هل نويت وقتها فعل شيء حيال هذا الأمر؟".

هزت رأسها بلا

"كنت مشوشة بشدة كل ما أردته هو الذهاب من هذا المنزل في الحال لكن خجلت من طلب كامل للعودة لمنزلنا لذا توسلت لأمي بقوة كي تأخذني معها".

***

تدثرت بقوة لأن جسدي كان يرتجف بشدة رغم أننا كنا بالصيف لكنني كنت أشعر ببرودة رهيبة لدرجة عدم شعوري بأطرافي، ربتت على أمي وسب أبي عدة أشخاص غير مسئولين عن أي شيء المهم أن يلصق التهمة بأحد ما وخرج الاثنان بعد مدة.

عصرت ذاكرتي مرارا وتكرارا أول يوم رآني به كامل، كنت ذاهبة لمهند كي أبارك له على الترقية الجديدة وأهديه أصيص ورد لمكتبة الجديد، يومها ضحك مهند وأشار لي على باقة الورد التي أتت بها إلينا قبل قليل، وبأنني رقيقة القلب على الورود ولا أحب قطفها حتى عند إهدائها لشخص ما، لقد رأى كامل كل منا بنفس اليوم، والمقارنة بحقي أنا وإلينا لم تكن عادلة يوما ما.

***

"أريد الطلاق أمي".

ضربة قوية على صدرها أفزعتني بقوة حتى انتفضت إلى الخلف

"ما هذا الذي تقولينه جميلة؟ ما هذا المزاح السخيف؟!، لا تنطقي تلك الكلمة على فمك مرة أخرى أبدا هل هذا مفهوم؟".

"كامل لا يحبني وأنتِ تعلمين هذا جيدا أمي".

"ما هذا الذي تقولينه جميلة؟!".

كاذبة.. نبرتها المترددة ووجهها الذي أصفر فجأة وعيونها التي زاغت بغير هدى، كل شيء بوجه أمي يخبرني بأنها كاذبة.

"أمي أرجوك.. أنه لا يحبني أبدا، أشعر بالإذلال والإهانة كل يوم في هذه الزيجة!".

تساقطت دموعي ووضعت يدي على قلبي أتوسلها، وفي نفس الوقت أمسك به من شدة الوجع.

ارتعشت يد أمي وسألتني بتردد

"هل.. هل.. ي يتحدث كامل مع أحد ما؟".

الخيانة.. أمي تظن أن الخيانة هي سبب طلبي الطلاق من كامل

"لا أعلم أمي".

همست أجاوبها لكنها زمجرت بي بقوة

"لمَ إذا تنطقين بتلك الكلمة جميلة؟!، لا أريد سماعها منك مرة أخرى".

"ماذا لو كنت تعيسة أمي؟ أنا تعيسة للغاية، أتألم كل يوم، كامل لا يريدني بحياته".

ضربت فخذي بقوة

"الرجل يهتم بك وبصحتك، ويبحث لك عن الأطباء وأفضل المراكز لمَ يصرف كل تلك النقود لمعالجتك لو لم يكن يريدك، لديه الحل بمنتهى البساطة يطلقك ويتزوج وينجب في الحال بدلا من معالجتك، هل جننت جميلة؟!".

خفت بشدة من إخبارها السبب كي لا تصرخ صراخ عال، ويأتي أبي ويعلم وسوف ينقلب المنزل إلى جحيم لا ينتهي.

***

"لمَ لم تخبريها؟".

هزت رأسها بيأس من وضعها

"أمي شخصيتها هشة للغاية، ثم أنها تصرخ لأتفه الأسباب!، الشارع كله كان سوف يعلم بالوضع الشاذ لعائلتنا!".

ظل ينظر لها يستفهم عما فعلته بخصوص هذا الشأن

"وكأي أم مصرية أصيلة أخذت تذكر لي أمثله عن أسوء الزيجات التي عرفها الشارع وعائلتنا المصون، وكم أن برود كامل معي لا شيء مطلقا فيما يحدث للنساء هذه الأيام، وضغطت علي بأسوأ الأمثال.. الرجل الذي جعلني أكرة الرجال مذ كنت صغيرة!،

والد أميرة".

أستند على كفه وسأل بهيام

"غزال العمارة؟!".

"أجل..".

نظرت له وزمت شفتيها وزمجرت به بحنق حتى أنتفض من مكانه

"أصدقني القول.. هل مررت يوما من أمام كلية الطب؟، هل تتبع فضولك أم تعالج المريض الموجود أمامك؟، لقد تعبت من فشلك حقا!".

رجع للخلف سريعا وتمتم بغضب

"أنتِ فقط تحبين إحباطي!".

رفعت كفها للسماء بقله حيله

"أستغفرك ربي وأتوب إليك!".

فركت وجهها وتحدثت بنفاذ صبر

"المهم أن والدتي أشعرتني برعب بالغ من الفكرة حتى، جعلتني أشعر ببروده حادة في جسدي وأنني إذا ما طلقت لن أجد السعادة مرة أخرى أبدا وأن مصيري مع مطلق أو أرمل للخدمة وحتى المطلق أو الأرمل لن يريد زوجة لا تنجب.

 المستقبل بعيون والدتي كان قاتم للغاية أسود ولا يوجد به ذرة أمل، وأصرت علي بفقدان شديد للوزن والاهتمام أكثر ببشرتي وشعري وأمسكت شعري بيدها وزمجرت بي بقوة بأن كامل لا يحب الشعر المجعد علي بفرد الجذور على الفور.

بربع ساعة فقط أصبحت أنا السبب وكل ما يفعله كامل هو ما يفعله كل رجل

 على وجه الأرض بل وأن كامل لا مثيل له مطلقا ويحرص على صحتي وشكلي أمام الناس ويريد مني أن أكون الأفضل، انه رجل رائع ولن أجد مثله طالما حييت وأن المرأة التي تطلب الطلاق دون سبب ملعونة من الدخول إلى الجنة أو حتى شم رائحتها!، والله يعاقبها في الدنيا بزوج أسوء من ذلك الذي تركته وفي الآخرة لها عذاب أليم!.

وطالما أن كامل لا يشرب المخدرات ويطيح الضرب في ليلا؟!".

نظرت جميلة إلى الطبيب ورفعت يدها بسخرية وقله حيلة

“so what?!”

هز الطبيب رأسه متفهم ما تعرضت له جميلة من إرهاب نفسي جعلها تنفي أي فكرة من رأسها لطلب الطلاق.

*** 
يتبع..

1 تعليقات

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال