الحكاية الثالثة عشر
"عودة مؤلمة"
(1)
"هيا يا بنات لا
تتلكأن!".
أمرت الجدة فتيات
المنزل المتأففات من العمل الذي يقومون به على مدار الساعة، ورغم الازمه ومرارتها
إلا انها جمعت المنزل ببعضه البعض وربطته مرة أخرى.
حتى لو كان بشكل مؤلم
روايات روامنسية بقلم هالة الشاعر
"أين حميدة
وعلياء؟!".
"سامحك الله يا بركة
وهل سوف تنزل حميدة أو أبنتها للمشاركة بهذا العمل الشاق؟!".
استنكرت نعناعة والده
رحمه بأدب من الجدة فتعالي الهمس حول استحاله ذلك ضربت الجدة العكاز أرضا بغضب
وأمرت نهي بأن تخبر كل من حميدة وعلياء بالنزول في الحال وبدأ العمل في التو
اللحظة.
نزلت كل من الاثنتين
بوجه مقلوب وحانق حاقد.
فغمغمت الجدة من بين
أسنانها
"لولا سوء تربيتك
لمَ واجهنا كل تلك المتاعب بالأساس، عليك بالعمل أنت وعلياء مثلنا كلنا بل
وأكثر!".
فزمجرت حميدة بقهر
"لقد أخذتِ مني
ذهبي وأنتهي الأمر ما الذي تريدونه أكثر من ذلك؟!".
"لم أمس مالك بيدي
يوما ما بنت الحوامدية ولن أمسه يوما".
النظرة بعيون حميدة
كانت تخبرها بأن هذا ألمها أكثر حتى!
سمعت صوت البوق فخرجت
للساحة الخارجية للمنزل لتنزل ياسمين من سيارة شبابية حمراء اللون، ترتدي سروال
انيق للبذلة خاصتها وقميص ابيض حريري وشعرها معقوص في ذيل حصان أملس طويل، أطول من
أي شعر تعرفه الجدة مبهرة وأنيقة واثقة
"بسم الله مشاء
الله"
تمتمت الجدة وذهبت
ياسمين لها تتناول سترة بذلتها وحقيبة أوراقها ومخططتها
نزل إبراهيم سريعا على
عجله يعرج قليلا بساقة وينظر بساعته
"هيا يا ابنه
الغال علنا لم نتأخر!".
"O.M.G"
قميص قطني أبيض وسروال
من الجينز وحذاء رياضي أبيض حتى شعرة الأسود اللامع مشطة بشكل رائع للخلف
ذهبت ياسمين له بانبهار
ورفعت يديها باستسلام
"حسنا عادة ما
أرغمك على ارتداء الجلباب لكن هذا ظلم بالغ لوسامتك، تبدو أصغر بكثير من
عمرك!".
غمغمت الجدة بغضب مفتعل
"أنه صغير يا بنت
وبعز شبابه، المسكين فقط تحمل الكثير من المسؤولية منذ نعومه أظفاره".
توجهت ياسمين نحوه ولم
تنتبه لمقدار الانبهار والإعجاب بعيون إبراهيم بجمالها وهيئتها العملية التي لم
يرها بها من قبل قط.
تأبطت ذراعيه بمرح
"حسنا توحه على
الادعاء بأنه خطيبي هذا اليوم وإلا سوف تسرقه فتيات المدينة".
نظرت الجدة بعيون
إبراهيم وتحدثت بجمود لم تنتبه له ياسمين
"هيا بنتي كي لا
تتأخري على موعدك".
أحمر وجه إبراهيم ونزع
ذراعه من ياسمين بهدوء
"هيا يا ابنه
الغال قبل أن نتأخر".
ذهبت لحقيبة السيارة
وأخرجت حذاء أرضي ووضعت الكعب العال وأغراضها بداخله ومن ثم وضعت السترة خاصتها
خلف كرسيها.
"مشاء الله لا قوة
إلا بالله، لا بد وأنها غاليه ياسمين".
"أبدا إجارها ليوم
واحد أوفر من المواصلات ناهيك عن الزحام والتأخير".
"توكلي علي بركه
الله"
أدارت السيارة والتفتت
له بجديه زائدة
"أن لك الأوان أن
تدخل إلى عالم فرقتي المفضلة".
كانت تتحدث بغموض كبير
رغم تفاهة الموضوع تماسك بقوة كي لا يضحك
"اشك بأنني سوف
أفهم أي من الكلمات".
لعبت أصابعها على مقربه
منه وكأنها شيء سوف يتسرب إليه
"دع نفسك للموسيقي
هي سوف ترشدك على المعني الحقيقي للكلمات".
متحمس جدا لهذه الفرصة
يريد أن يعلم كيف هي؟ وكيف حالها وما تشعر به حقيقة؟ وليس هذا ما تدعيه طوال
الوقت، وهذه فرصة من ذهب.. ما إن تنطلق السيارة حتى يبدأ بفتح الموضوع معها.
"مستعد؟".
هز رأسه موافق وعلى بعد
ملي واحد من ضغط ياسمين الزر
"سُبْحانَ الَّذِي سخَّرَ لَنَا هَذَا
وَمَا كنَّا لَهُ مُقْرِنينَ،
وَإِنَّا إِلى ربِّنَا لمُنْقَلِبُونَ،
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا
البرَّ والتَّقوى،
ومِنَ العَمَلِ ما تَرْضى،
اللَّهُمَّ هَوِّنْ علَيْنا سفَرَنَا هَذَا،
وَاطْوِ عنَّا بُعْدَهُ،
اللَّهُمَّ أَنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ،
وَالخَلِيفَةُ في الأَهْلِ،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ
السَّفَرِ، وكآبةِ المَنْظَرِ، وسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ والأهلِ وَالوَلَدِ.
قفز عوض حرفيا إلى السيارة ودهش كل من ياسمين
وإبراهيم على الفور!
"عوض!".
"ما هذا الذي ترتديه يا زفت؟!".
نظر عوض لثيابه ثم رفع رأسه لإبراهيم بغرابه
"نرتدي نفس الطقم هذا ليس جيد يا إبراهيم
هيا توكل على الله وانزل أبدل ثيابك كما أنني أحب الجلوس بالمقدمة كي أشاهد
جيدا".
ابتسم عوض بسذاجة للاثنين بينما إبراهيم غمغم
بغيظ
"أنزل في الحال!".
"أريد
الذهاب معكم إلى قاهرة المعز لدين الله و الصلاة بمسجد الأزهر".
"عوض نحن لن نذهب إلى هناك هيا أنزل".
رجع عوض للخلف وخلع حقيبته التي كان يرتديها
واراح ظهرة وابتسم ملئ شدقيه
"سوف أتي معكم على أي حال وأخذ مواصلات من
هناك".
"أنا ذاهبه إلى مدينتي وهذا بعيد جدا عن
مرادك!".
"كلها مدننا يا بنت العم لمَ الانانية أنا
أعلم مدينك جيدا وأتيت لعمي رحمه الله عليه أكثر من مرة أم نسيت؟!".
نفخت الهواء بحنق ونظرت لإبراهيم كي ينزله
"أنت يا ولد هيا أنزل تأخرنا!".
زمجر أبراهيم به لكن عوض أخرج رأسه من النافذة
"يا جدة لا يريدون أخذي معهم!".
تدخلت والده عوض مدافعة
"سوف يجلس عاقل أعدك ولن يسبب لكم أي مشاكل
لقد أوصيته".
ضربت ياسمين جبهتها عدة مرات بالمقود فزمجر
إبراهيم بعوض
"أنزل وأبدل ثيابك على الأقل".
"لطيف تبدون كالتوأم!".
صاحت الجدة بهم كي لا تتأخر ياسمين فاضطرت
ياسمين على المغادرة
خرج عبد الجبار يفرك عيونه ويسأل الجدة عن سبب
وقوفها بهذا المكان فشرحت له سريعا ودلفت
"أوغـــــاد كنت لأذهب معهم، لدي قميص أبيض
جديد كان ليليق تماما بهذا المشوار خسارة!".
*
يقبض على شفته السفلى بغيظ بالغ حاولت ياسمين أن
تدير الأغنية خاصتها إلا أن عوض رفض تماما سماع الأغاني
"أتظنيني شخص جاف لا يفهم يا ياسمين حالا
سوف أسمعك قصيدة للمتنبي دون معازف ودون أن نغضب الله".
وقد أمتعهم طوال الطريق بقصائده اللامتناهية
ليتها فقط لم تفكر بسماع تلك الأغنية السخيفة الأمر حقا لا يستحق العناء!.
نظرت بساعتها الذكية بعد أن توقفت بالمدينة
الحديثة
"جيد لازال لدينا وقت يمكن أن نشرب كوب من
القهوة كي ينعشنا، أعلم مكان لطيف لذلك".
هز إبراهيم رأسه وقد كان متوتر قليلا رؤيتها
بهذا الزي تقود السيارة باحترافية تستخدم الهاتف لتحديد الموقع وتتحدث بالإنجليزية
مع مساعديها بالخارج كي تتفقد أعمالهم.
أنها فقط.. تبهره وتأثره على الدوام وبكل مرة
بحجم سعادته البالغة يكون الألم مر، كم هو بسيط قليل الحيلة أمامها!.
"لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا
قوة إلا بالله، وأنا الذي كنت أظنك سافرة ما هذا ؟، أين ملابس هؤلاء النسوة تسمرت
رقبتي ولم أستطع مشاهدة المدينة بسببهم!
استغفر الله العظيم
استغفر الله العظيم"
"عوض!، لا أريد مشاكل ولا تتدخل في شؤون
الاخرين مفهوم؟".
"هؤلاء الناس في غفوة ولابد لنا من
تنبيههم!".
رفعت يديها باستسلام
"حسنا عمي إبراهيم أي مشكله تخصه أنا خارج
الموضوع، أنا أعنى كلامي!".
نظر له إبراهيم بغيظ لقد أفشل مخططه بالكامل
فزمجر من بين أسنانه بشراسة
"لا أريد سماع صوتك حتى!".
تناول الثلاثة القهوة بينما ياسمين تراجع عدة
أوراق بالمخطط خاصتها حدثها عم تارا والتي عملت معه سابقا عن مشروع كبير ضخم قبل
عدة أسابيع وهي جهزت المخطوطة الأولية تأمل بأن تعجب العميل الجديد.
وصلت ياسمين إلى مقر الشركة وأطفأت السيارة وهمت
بالنزول ثم لعنت غبائها
"ماذا هناك؟".
نظرت لإبراهيم بخجل
"نسيت حذائي بحقيبة السيارة كان على
التبديل بالمقهى!".
ابتسم بطيبه
"لابأس".
فتح باب سيارتها وأعطاها الحذاء واحمرت وجنتيها من
الخجل
"أسفه حقا!".
ابتسم بشدة وهز كتفيه بأنه لا شيء وضع كل من
كفيه في جيوبه وارتدت ياسمين سترتها وتجهزت وسلمت مفاتيح السيارة وانطلقت بطريقها.
"ياسمين عبد السميع لدي موعد
بالثانية".
"أجل تفضلي بمكتب السيد شريف أولا قبل
الاجتماع".
اشارت ياسمين خلفها بأنه لا بأس بأن ينتظرها
أقاربها نظرت موظفه الاستقبال لهم وضحكت رغم عنها يرتدون بطريقة متماثله وكأنهم
توأم!.
اعتذرت واشارت على المكان المناسب لهم.
توجهت ياسمين للمكتب ورحب بها السيد شريف كثيرا
"أه ياسمين لا أصدق ما حدث أبدا أسف
جدا".
حاولت ابتلاع المرارة بحلقها ليس فقط فقدنها حب
عمرها وكل شيء لكن أيضا مواجه الناس وشفقتهم الحياة حرفيها تضربها دون رحمه!.
"لا بأس، سعيدة بأن المخطط الأولي الذي
ارسلته أعجبك".
"جدا لا تتخيلي مدى إعجابي لهذا دعوتك على
الفور، العميل الآن سوف يقابلنا بغرفه الاجتماعات لا أبالغ حينما أخبرك بأن هذا
أكبر مشروع للشركة الآن".
خرجت ياسمين مع السيد شريف صديق قديم لوالدها
تحت أنظار كل من إبراهيم وعوض ودلفت لغرفه بها شاشة عرض ولحسن أو لسوء الحظ لا أحد
يعلم الواجهة خاصتها كانت زجاجية وتابع عوض وإبراهيم كل شيء ياسمين تفعله.
"يبدوان كالتوائم".
"ظرفاء جدا!".
ضحكات مائعة وتعليقات تلاقها كل من عوض وإبراهيم
طوال جلستهم وكل مرة كان إبراهيم يتوعد عوض بضرب مبرح لم يأخذه بعمرة كله حالما
يعودون بلدتهم.
"لم أظن أن مكان هكذا موجود بالحقيقة ظننته
مبالغة من التلفاز!".
هز إبراهيم رأسه بإحباط فأردف عوض
"كيف يمكن أن يعيش البعض بهذا الثراء
الفاحش ولا ينظرون لإخوتهم في الإنسانية، جف حلقي أسبوع كامل أمر على كل من أعرفهم
أجمع المال لتصليح سقف أم مسعود المسكينة قبل أن يأتي الشتاء ويغرقوا بالمطر مثل
العام الماضي".
التفت له إبراهيم بجدية
"نصف كبار بلدتنا يملكون منازل واستثمارات
هنا".
"أعلم يا إبراهيم وهذا أكثر شيء يحزنني
لأنهم يروننا ويضنون علينا بأبسط حقوقنا لو أخرجوا ذكاتهم وصدقاتهم لأهل البلدة
لتغير بنا الحال إلى أفضل من هذا بكثير".
ابتلع إبراهيم المرارة المخلفة بحلقه، لا توجد
هناك وظيفة وجدت لم يعمل بها إبراهيم، يعمل منذ أن كان بالعاشرة من عمرة حمل كل
شيء يمكن أن يحمل، جرف مخلفات كل أنواع البهائم، حرث وبذر وروى وتعلم التجارة وباع
المحصول.
عمل بالنجارة والسباكة والسواقة فرمته الحياة
فرم، وجوده بمكان مثل هذا فقط يجعل الطعم المر يتدفق إلى حلقة ليس وكأنه يريد أن
يكون هنا بيوم ما، أبدا لو أصبح أغنى من كل هؤلاء لن يمكث هنا ولو ليوم واحد، لكن المرارة
ناتجه عن عجزة عن تقديم هذه الحياة لها.. الحياة التي تستحقها.
بعد ساعة والنصف من اجتماعهم الهام أقترح السيد
شريف استراحة لتناول القهوة،
اتجهت حينها ياسمين على الفور نحو ماكينة القهوة
الموجودة بركن من غرفه الاجتماعات وحضرت كوب لها وللسيد شريف وأثناء حملها الأكواب
والعودة تقابل معها المستثمر الهام خاصتهم السيد سامر
"أشعر بالإحراج لكنني لم أحضر كوب من قبل
قط".
أخذت الكوب الثاني من الماكينة وتحدثت بلكنتها الغربية
التي بدت له شيقة ومثيرة للاهتمام.
"ضع الكبسولة وأضغط الزر، لا يفوت الوقت
أبدا على التعلم".
ابتسمت وتركته
رائع وفخورة ومعتدة بنفسها أيضا!
لحق بهم بعد أن أعد الكوب الذي بدى سيء ولسبب لم
يعلمه مقارنه بأكوابهم
"يجب عليك المكوث هنا يا ياسمين يمكنني
توفير سكن لك على الفور".
"أخبرتك شرطي من البداية أنكل شريف الوضع
سيء للغاية هناك لا يمكنني ترك كل شيء والذهاب، بالفعل أقر أن بعد رؤية المجسمات
على الواقع أصبح على القيام بعده تعديلات لكن أعدك بأن أحضر عده مرات
بالشهر".
رن هاتفه وأعتذر منها ومن السيد سامر وخرج من
الغرفة وكل من إبراهيم وعوض يتابعونها من الخارج دون أن ينزلوا عيونهم ولو لوهله
"يلق بها المكان اليس كذلك؟".
هز أبراهيم رأسه بمرارة
"جدا".
...
"ياسمين عبد السميع أسم مصري ولكنه أجنبيه
مزيج غريب".
ارتشفت من قهوتها
"نصف مصرية نصف أسترالية".
غمغمت بأدب قاطعه عليه وصله الفضول التي اختبرتها
مرارا
"على الاعتراف بعد رؤية عدة تصاميم قررت الاستعانة
بخبير أجنبي لكن تصميمك فاجئني وأتضح أنني محق بالنهاية".
"ليس تماما فأنا أملك نصف مصري
نسيت؟!".
ابتسم برزانة ونظر لحذائها
"على الاعتراف بأن الأمر يستحق هذا أجمل من
الاخر بكثير"
عضت شفتها السفلى بحرج بالغ
"هل هو زوجك؟".
"بل عمي هل رأي أحد أخر ذلك المشهد؟".
مالت شفته على جنب
"أنا وكل من يقف بجوار النافذة
تقريبا".
هزت رأسها بحرج بالغ
"Oh God"
هذا مبني ضخم
الاحتمالات لا نهائية!".
ضحك الأثنان وتحدثوا
بشأن التصميم مرة أخرى فوضحت له ياسمين".
"على الاجتماع مع
المهندس المسؤول بأقرب فرصة أنا لست مختصة تماما بأمور التنسيق والبنايات عملي
الفعلي مع النباتات".
"لا تمزحين لكن
السيد شريف أخبرني بأن التصميم لك!".
"بالطبع لي أخذت دورات
مكثفة بالخارج لكن بالنهاية ليس اختصاصي تماما".
هز رأسه موافقا إياها
ثم تحدثوا بالتعديلات التي سوف تجريها.
أنتهي الاجتماع بعد نصف
ساعة أخرى وخرجت ياسمين أخيرا من القاعة بأسرع وقت.
"الوضع سيء جدا
عمي إبراهيم مواقع التواصل لاتزال تتحدث بالموضوع إلى الأن، خبيرة التجميل اللعينة
كلما أتت لها الفرصة تخرج وتسب ياسمين الغبية لم يحدثها أحد بالسوء حتى الشجار كله
كان مع حميدة!".
"أنها تتخذها فرصه
كي تكسب تعاطف من متابعي ياسمين".
تدخلت هاجر.
فرقع عوض أصابعه
"من الجيد أنها لا
تفتح هاتفها إذا أخبرتني بأنها ليست مستعدة تماما".
حزنت تارا
"لكن هذا عمل
لأكثر من ثمان سنوات يضيع بسبب الكذب والتضليل!، ومن أجل ماذا؟!، عليها الخروج
والتحدث لمتابعيها الكل يظنها متكبرة متعالية سيئة السمعة، هذا سيء جدا عليها
بالخروج الآن وبأسرع وقت!".
"أه يا
اللهي!".
غمغمت ياسمين غير مصدقة
ما إن اتجهت ناحية عوض
وإبراهيم حتى وجدت صديقتيها احتضنت كل منهن ياسمين واعتذروا منها لقد كانت واضحة
تماما بأنها لا تريد رؤيه أي منهم وليست مستعدة لذلك.
*
جلس الخمسة بمقهى خاص
بالمبنى
"ما الذي
حدث؟".
"تارا وعدتني بأن
لا تكوني فضوليه!".
"لابد وأن أعلم
رأسي سوف ينفجر!".
عضت ياسمين شفتيها بحنق
تربع يديها وتنظر إلى الأرض
"لا أذكر لا أذكر
أي شيء!، أذكر أنني صرخت كثيرا وبكيت كثيرا بسبب حميدة ثم سألني لمَ ناديت على عمي
إبراهيم وتشاجرنا.. ولا أذكر ما حدث بعد ذلك سوى أنني استيقظت ولم أجده".
اصفر وجه إبراهيم ونظر
له الثلاثة فتنحنح
"لا ترهقي نفسك
ولا تفكري بالأمر أنه كلب ولم يستحقك يوما".
أغمضت عيونها بتعب بالغ
ولم تتحدث
"علينا الذهاب
الآن فتيات لدينا سفر طويل".
خرجت ياسمين وأبدلت
حذائها مرة أخرى وابتسم لها إبراهيم بلطف فأنشق صغرها عن ابتسامة صغيرة بالكاد.
بعد ربع ساعة تحدث عوض
أخيرا بعد أن تقدم بكرسيه وأصبح خلفها مباشرة
"أتحبين العيش هنا
يا ياسمين؟".
نظرت له عبر المرآة
"لا ليس طول الوقت
أنه مبالغ به كثيرا بالنسبة لي".
سأل إبراهيم باهتمام
"كيف؟".
"لا أظن ذلك هذه الحياة رسمية جدا بالنسبة لي لا
أشعر وكأنني أجد روحي بها لكنها بيئة مثمرة جدا للعمل".
"الحياة هنا جميلة
مثل استراليا أنها أقرب من معيشتك هناك".
"أه عوض هي ليست
مثلها أبدا بأستراليا لسنا رسمين هكذا، أذهب للعمل بخف منزلي دون أن يحكم على أحد،
وأقود الشاحنات المهترئة دون أن يوبخني جون!، الحياة خفيفة هناك مليئة برائحة
البحر واليود لها سحر آخر مختلف تماما، لكن تعلم ما الذي ينقصها؟".
"ماذا؟".
نظرت له بلوم عبر
المرآه
"توحة
بالطبع!".
ابتسم كل من إبراهيم
وعوض بشدة وعادوا للخلف بكراسيهم بارتياح أن ياسمين تتفق معهم بوجهه نظرهم حول
الحياة بتلك المدينة.
راقبها إبراهيم تبتلع
مرارتها هي الأخرى ليست على ما يرام منذ أن تحدثت معها تارا وهاجر.
لاحظت نظراته الحزينة
وتنهدت تشعر مؤخرا بأنها تسبب الإحباط والكأبة لكل من هم حولها فقط تحدثت إلى
الهاتف
"هاي سيري أريد
مكان جيد لتناول طعام مصري حار".
أبتسم إبراهيم وصفق عوض
من الخلف بشدة.
***
دلف الثلاثة ومعهم حلوى
للجميع، وكشري حار لكل من الجدة وعبد الجبار نظفت توحة يديها من العجين واستقبلتهم
تسأل ياسمين بتوتر
"لقد أخذت المشروع
توحة".
"حمد لله وفقك
الله وسدد خطاك هيا أصعدي لتبديل ثيابك واستريحي".
"تشنجت عضلاتي من
القيادة سوف أستحم وأخلد للنوم وداعا".
انفلت لسان علياء
"تتهرب من العمل
الذي هي السبب به من الأثاث وترتدي أفخم الثياب وتصفف شعرها ومن ثم تأتي
للنوم!".
تذمرت بعض الفتيات نظرت
لها ياسمين بعلياء ومن ثم صعدت إلى منزلها بفخر وذيل الحصان خاصتها الطويل واللامع
يهتز جيئة وذهاب بشكل ملفت.
قبل أن يزمجر أحد بها
تحدثت رحمة التي أتت لتوها من المشفى الذي به التكليف خاصتها
"لمَ ترتدون مثل
بعض بهذا التطابق الغريب؟!".
دقق عبد الجبار النظر
"مهلا لدي قميص
أبيض مثل هذا تماما"
ثم نظر الثلاثة إلى الأعلى إلى الناحية التي
ذهبت بها ياسمين وغمغموا من بين اسنانهم بغيظ
"ياسمين!!".
***