الحكاية العاشرة
عهود ياسمين!!!
(3)
وقفت
الجدة تودع الجمع الذي قرر الذهاب فجأة، ملئت سيارة مديحة بالخير رغم تذمر واعتراض
مديحة البالغ
رواية حكايات بيت الرحايمة بقلم هالة الشاعر |
"توحة
ترهقين نفسك كثيرا!".
"لا
شيء من واجبكم حبيبتي يكفي أنكم سوف تذهبون بهذه السرعة وأنا ظننت أننا سوف نجلس
ونرتاح سويا من صداع تحضيرات العرس!".
قررت
كل من هاجر وتارا عدم ترك سلفيا وكيارا وتفهموا موقف جون لذلك الكل حضر حقائبه
وعائد إلى القاهرة فلا سيارات بهذا الوقت المتأخر لهم ولن يستطيعوا تركهم بهذا
الوقت وحدهم، ودعت الجدة الجميع وكل من بالمنزل كذلك عدا إبراهيم وعوض وكذلك حميدة..
وأختها!.
***
لو
أن هناك وحش يفترس قلبه وهو لازال على قيد الحياة لمَ شعر بمثل هذا الألم البالغ
بقلبه، وكأن هناك شظايا زجاجية بصدره هو الأخر كل نفس يؤلم أكثر من ذلك الذي يسبقه!.
الألم
حار وموجع بشكل لم يتخيله، مسح عيونه التي تدمع بشدة دون سبب واضح وظل يحدث نفسه
بألم بالغ.
"لقد
فعلت الصواب يا أبراهيم.. هذا هو الصواب سلمتها لمن تحبه وانتهى الأمر، أثبت.. فقط
أثبت يا إبراهيم، كل شيء سوف يتحسن مع مرور الوقت المهم أنها سعيدة، حينما تراها
سعيدة سوف يختفي هذا الألم.. أو على الأقل.. يقل!".
رفع
رأسه بالهواء الطلق يأخذ أنفاس مؤلمه حارقة لكنها منعشة، الجو أكثر برودة وكأن به
ملطف ما حيث مزروعات عوض فوق سطح منزلهم الكبير.
أنتبه
إلى صوت صعود أحدهم فمسح وجهه سريعا بقوة، صعد عوض حزين ومحبط يفك بأزرار بذلته
يشعر باختناق بالغ من الطريقة التي عامله بها حميد، ولم يجد لها أي سبب!، فليشهد
الله على قلبه إنما لم يرد لهم إلا الخير!.
تنحنح
إبراهيم كي لا يفزعه واستغرب عوض من وجوده بالسطح في هذه الساعة
"حاج
إبراهيم!".
هز
إبراهيم رأسه وذهب بعرجة خفيفة إلى صندوق خشبي موضوع أرضا وجلس عليه
"هل
لديك شاي أو شيء يشرب هنا؟".
ذهب
عوض وأخرج براد صغير وقد تفهم حالة إبراهيم
"أنا
مثلك لا أشعر بالراحة وأخشى على ياسمين من هذه الزيجة".
رفع
إبراهيم رأسه وسأل سريعا
"لمَ؟!!!"
"حميد
ليس الشخص الذي تظنه ياسمين، باطنة ليس كظاهرة".
غمغم
عوض بإحباط وجلس الاثنان يشربان الشاي الثقيل لعوض بشرود بالغ لم ينتهي إلا على
صوت ورد المرتعش يناديهم من الأسفل، توتر كل من إبراهيم وعوض ونزلوا السلم على
الفور.
دموعها
تتساقط وقد دمر الكحل الأسود شكل عينيها من البكاء
همست
من بين شفتيها الزرقاوين من الارتعاش وجسدها الذي يستند إلى الحائط بوهن
"ياسمين..
أنقذوا ياسمين!".
فركض
كل من عوض وإبراهيم بسرعة للأسفل!.
***
نزلت
نعمات تودع والدتها وتأخذ صغيرها محمد منها، سلمت عليها وعاتبتها لأنها رأت زوجات
أخوتها بالعرس ولدى كل منهن أساور ذهبية جديدة، ربتت عليها والدتها تطمئنها
"لا
تقلقي الاسورتان خاصتك معي لكنني لم أعطيك إياهم خوفا من رفض عبد الجبار ألا
تذكرين العقاب خاصتك؟".
مالت
شفة نعمات على جنب بحسرة
"اثنان
فقط يا أمي؟!".
تنهدت
والدتها بعذاب مشكلة كل حصاد أخوتها لهم الضعف وهي تريد ذهب مماثل لزوجاتهم!
"سوف
أعطيك واحده من خاصتي، ولا تحدثي مشاكل مثل كل عام هل هذا مفهوم؟".
تنهدت
نعمات بحسرة غير راضية، شاعرة بالظلم تريد أن تكون مساوية لزوجات أخوتها
"هذا
مال أبي وأنا أولى به من الغريب شكرا يا أمي".
جذبتها
إلى جوارها تهمس بأذنها
"لو
استمعت لأبيك لأعطاك سته أساور بدل اثنين".
اتسعت
حدقتي نعمات بشدة تستمع إلى والدتها بإنصات بالغ
"أقنعي
ضرتك ببيع بيت والدها وفي المقابل سوف يعطيها نصف مليون، وأنت لك ست أساور هدية
منه أخبرني هذا الصباح قبل مجيئي إليك".
ضربت
نعمات على صدرها بحسرة
"تريدون
إعطاء نصف مليون لأبنه علاف البهائم تلك؟!!، وأنا تضحكون على بمصوغات فارغة!،
والله لا يكون أبدا لا أريد شيء على الاطلاق".
لفظت
نعمات الفكرة بشدة، فهي على استعداد بخسارة الذهب كله في سبيل ألا تحصل ضرتها على
مثل هذا المبلغ أبدا!.
تركتها
والدتها فابنتها رأسها يابس وهذا ليس وقت مناسب لمثل هذا الحديث، تلفتت بمكر حولها
وسألت نعمات
"أين
حميدة؟، بالطبع لدى العرسان".
استنكرت
نعمات وأكدت لها بأنه لا أحد لدى ياسمين وحميد فضحكت والدتها بمكر بالغ
"البلدة
لا حديث لها سوى ما سوف تفعله حميدة لقد أخبرت أختها الجميع".
جحظت
عيون نعمات ولطمت وجنتها بخوف بالغ ونهرت أمها
"تضحكين
يا أمي بعد ما حدث لي؟!".
ندمت
والدتها على الفور وتركتها نعمات وذهبت بسرعة تبحث عن زوجها قبل ان يرتكب جرم
وينتهي به المطاف بالسجن!.
***
"خذي
نفس عميق يا ياسمين كل شيء سوف يكون بخير لا تقلقي".
حدثت
نفسها بالمرآة
"حميد
يحبني وسوف يتفهمني ولن يخطأ الظن بي أبدا، وسوف يساعدني على تخطي كل الذكريات السيئة..
أفضل من المعالج حتى!".
عدلت
من طرحتها ثم التفتت إلى السرير مبتسمة، لقد أعدت صديقاتها الغرفة لها ووضعن
الورود على السرير وأرضية الغرفة، والقلب الكبير من الورود فوق المفرش الأبيض
أبهجها كثيرا.
أشعلت بضع من الشموع المعطرة بالغرفة وأصبح الجو
ساحر حقا، ثم التفتت إلى المرآة مرة أخرى وزودت أحمر الشفاه خاصتها ورتبت من
شعرها، تخلصت من الحذاء وخرجت للصالة عارية القدمين تجر الفستان خاصتها.
"هميــــــد".
نادت
بدلال عليه لقد أختفي منذ دقائق ظنت أنه بالحمام لكنها صدمت حينما خرجت للصالة،
حميد يقف إلى جوار الباب يرجوا كل من خالته ووالدته بالذهاب.
"أنتِ
لماذا عدت إلى هنا؟".
سألت
ياسمين باستنكار بلكنتها الأجنبية عن سبب تواجد خالة حميد بمنزلها، ضحكت باستهجان
بالغ وتقدمت وجلست بالأريكة بأريحية بالغة وكأن المنزل لها هي وتبعتها حميدة
ونظرات الحقد والشماتة تنبثق من عيونها.
"أجلس
ببيتي يا حبيبتي وأنتظر شرف ابن أختي كي أسير مرفوعة الرأس بالبلدة".
جحظت
عيون ياسمين ونظر لحميد وغمغمت بارتعاش
"م
ما هذا الذي تقوله.. تلك المرآة".
صرخت
الخالة بها بحقد
"تحدثي
بأدب يا بنت وإلا علمتك الادب بنفسي يا قليلة التريبة!".
هربت
الكلمات من ياسمين تنظر لحميد الذي ينظر لكل من خالته وأمه والدموع متحجرة بعيونه
غير مصدق مدى هوانه على عائلته
"أمي
خذي خالتي وأذهبي الآن من فضلك لا يجوز ما تفعلونه".
جلست
خالته ووضعت قدم فوق الأخرى بعلياء وسلطة
"أدلف
أنت والمحروسة الآن ودعنا ننتهي من هذا الأمر أريد أخذ المنديل وأسير مرفوعة الرأس
بين البلدة".
توجهت
ياسمين سريعا نحو الباب تحمل فستانها بغضب لكن الخالة قطعت طريقها وعصرت ذراعها
"إلى
أين؟، لا أحد بالمنزل كله يا حبيبتي يودعون المحروس خالك وأصحابك".
هزت
رأسها بشدة رافضة
"جون
لن يذهب دون أن يودعني، لن يذهبوا دون وداعي!"
خلصها حميد من خالته وحاول إدخالها للغرفة
"ياسمين
استريحي أنت بالداخل سوف يذهبون الآن".
"لا
هميد، أريد أن أفهم ما الذي تقصده؟، كيف ذهبوا وتركوني؟،أين توحة؟! لماذا توحة
ليست هنا؟!!".
بدأت دموعها تهطل وتتمسك بحميد وقد شعرت بوحشة
مخيفة تدب بقلبها فجأة وكأنها لم تسعد لحظة واحده من قبل، بدأ جسدها بالارتعاش
ووقفت والدته تتحدث بجبروت كانت تحاول مدارته عن ياسمين قديما.
"لمَ
الخوف يا بنت جيسي؟".
وكأن
جيسي هذه سبة وقحة!
"نريد
دليل عفتك ونذهب لحالنا ونترككم وشأنكم، هل فعلت شيء خاطئ وتريدين التستر عليه؟، تريدين استغلال ابني التافه الساذج؟!".
"يكفي
يا أمي إلى هذا الحد، أذهبي الآن!".
بدأ
حميد بالصراخ والاهتزاز لم يعد يحتمل كل تلك الضغوط ويشعر بنفسه على وشك الانفجار
بشدة.
نظرت
ياسمين برعب بالغ إلى باب الشقة التي تقف أمامه كل من حميدة وأختها وكأنه يبعد
عنها مئات الأميال ثم لم تشعر بنفسها إلا وهي تصرخ بهستيرية بالغة باسم واحد
"أبراهيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم"
"عمي
أبراهيـــــــــــــــــــــــــــــــــــم".
انتفضت
كل من حميدة وأختها وتوجهوا برعب نحو ياسمين، لم يتوقعوا صراخها بهذا الشكل
الهيستيري.
وأبلغت
ورد إبراهيم وعوض فور سماعها الصوت، طرقات الباب أصبحت عالية جدا وصراخ ياسمين
المتواصل على إبراهيم الذي كسر الباب بكتفه ودلف سريعا ليجد ياسمين خلف حميد يفرد ذراعيه
وكأنه يحميها منهم وكل من الخالة وحميدة يقفون بتحفز بالغ ويبدوا أنه قطع عليهم
معركة طاحنه.
صرخ
إبراهيم بقوة
"ماذا
هناك؟، ما الذي تفعلونه هنا؟!!".
صرخت
ياسمين المنهارة من البكاء وركضت نحو إبراهيم تختبئ بحضنه
"إبراهيم
لا تتركني ارجوك".
الكحل
الأسود لطخ وجهها أمسك إبراهيم بوجنتيها يفحص وجهها وعيونها ويسألها برعب بالغ
"هل
أذوك، ما الذي فعلوه أنطقي يا ياسمين ما الذي فعلوه؟!"
غمغمت بهستيرية ودون فهم
"لا
أعلم لا أعلم.. ما الذي يريدونه؟.. يقولون شرفهم.. وأشياء لا أفهمها!".
من
بين شهقاتها المبعثرة غمغمت ياسمين بارتعاش وانتفاض بين ذراعيه، جحظت عيون عوض
حالما سمع ما قالته بينما إبراهيم تحول إلى وحش كاسر.
انبثق الشر الخالص من عيونه وأزاح ياسمين دون أن
ينظر لها جاذبا إياه خلف ظهرة مغمغم لعوض من بين اسنانه
"أنتبه
عليها".
تراجعت
حميدة من الشيء الغاضب القادم نحوهم والذي لا يوجد به ذرة واحده من إبراهيم الحليم
الذي تعرفة!.
ولجم
لسانها بينما أختها وإن خافت قليلا إلا أنها حاولت الثبات واثقة من أنه لن يستطيع
فعل لها شيء لن يستطيع ضرب أمرآه قط!.
"أردنا
قطع الالسنة لقد عاشت نصف عمرها بالخارج، ما الضير إذا أطمئننا على شرف
أبننا".
كادت
أن تخرج عيونه من محاجرها لقد أعادت الكلمة مرة أخرى على مسامعة!
"شرف
من يا أولاد ××××".
دب
الرعب في عيون كل من حميدة وأختها للسباب الذي تلفظ به إبراهيم الذي يصرخ ويصيح
وكأنه بحرب!.
توقف أمامهم بشبر واحد، لم يمد يده على أمرأه من
قبل قط إلا أن تلك الفكرة بدت لامعة بشكل مغري في تلك اللحظة وبشدة.
ركض
بسرعة خارج الشقة وهو يصرخ باسم عبد الرازق بحرقة رهيبة
وبالأسفل
كان عبد الجبار والجدة بغرفتهم دخلوا ليستريحوا بعد وداع أصدقاء ياسمين، نظرت
الجدة للوردة التي تساقطت أوراقها وضربت على صدرها بقوة
"سترك
يا رب!".
سألها
عبد الجبار باستغراب
"ماذا
هناك يا ست الكل ما بك؟".
"عبد
الـــــــــــــــــــــــــــرازق!!"
انتفض
الاثنان لصراخ إبراهيم وخرجوا من الغرفة سريعا، نزل إبراهيم وما إن فتح عبد الرازق
الباب حتى تلقي لكمة من إبراهيم أطاحت به، صرخت النسوة وأمسك إبراهيم بمقدمة ملابس
زوج حميدة وكاد أن يميته من الضرب والكلمات والسباب واللعنات.
صعد عبد الجبار راكضا إلى الأعلى ليجد ياسمين
بالردهة منهارة تتمسك بظهر عوض الذي يصرخ على حميدة وأختها
"ألا
تتقون الله؟!، لديكم فتيات والله لينتقم منكم الله اشد انتقام!، حسبي الله ونعم
الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل!!".
جن
عبد الجبار حالما رأي ياسمين في تلك الحالة، ونظر لأخت حميدة بجبروتها ونزل للأسفل
راكضا وجذب كل من زوجها وابنها من ملابسهم وكاد أن يميتهم من الضرب حرفيا!.
نزلت
تصرخ كي يتركهم من يده لكنه استمر بالضرب ونظر لها يصرخ
"أنتِ جلبت لهم هذا!".
وضع
الأب وابنه أرضا وأطاح بهم الضرب يسبهم ويلعنهم على عدم سيطرتهم على نسوتهم وعلى
تعديهم على شرف وعفة الرحايمة.
بيت
الرحايمة له وضع خاص بالبلدة كلها!، وشرفهم خط أحمر.. أكثر قتامة وأهمية من الدم،
خطته توحة بشرفها منذ الصغر ولم يسبق أن حدث هذا الشيء القبيح داخل جدرانهم قط!،
منذ ان زوجت توحة أبنها الأول إلى أخر حفيد!، البلدة كلها تعلم عفة وشرف وقدر نساء
منزل أل الرحايمة، ما حدث اليوم يستوجب الدم!.
هلعت
توحة تركض رغما عنها بسنها الكبير هذا، تصرخ بحرقة وتدعو الله أن ينتقم منهم منذ
أن زوجت أول ولد لها لم تسأل يوما عن مثل هذا الشيء، ما سترة الله لا يفضحه العبد
كرامة لبناتها اللاتي لم تفرح بهن! لم تصدق أن يحدث هذا الشيء لقرة عينها وأحب الأحفاد
إلى قلبها!.
وصلت
منهكة مقطوعة الانفاس، ضربت على صدرها غير مصدقة هيئة ياسمين العروس التي ترتجف
خلف عوض غير مصدقة ما حدث لها بيوم عرسها وكيف انقلب إلى دمار بالغ!، جذبتها إلى
صدرها تربت عليها وفرت حميدة إلى الأسفل.
هرع عوض للأسفل حالما أصبحت ياسمين بعهدة الجدة
التي انشطر قلبها لرؤية ياسمين بهذه الحالة، دقائق بسيطة من انهيار توحة ثم مسحت
وجه ياسمين بقوة من الدموع والكحل، وتمتمت بغيظ بالغ من بين اسنانها.
"تعالِ
لأتِ لك بحقك في التو واللحظة!".
شهقت
فتيات المنزل ونسوته لهيئة ياسمين المشردة لقد كانت ملكة مشعة منذ نصف ساعة فقط،
عارية القدمين تجر بذيل فستانها وشهقاتها وبكائها يملئ المكان!، ياسمين قوية مرحة
طوال الوقت لم يسبق لأحد أن رآها يوما بمثل هذا الحال!.
صرخت
نعمات ولطمت وجنتيها تصرخ بزوجها بأن يبتعد عنهم قبل أن يبتلى فيهم، وبدل من أن
تعتذر خاله حميد زادت الطين بله!.
"البلدة كلها تتحدث بأنها اختارته لأنه المغفل الوحيد الذي
سوف يقبل بها بعد أن لوثت شرفها بالخارج، أردت قطع الالسنة بالدليل
والبرهان!".
هاج
عبد الجبار وإبراهيم أكثر من زي قبل وأصبح ضربهم مرعب وتدخل عوض واشتبك مع بعض
الرجال الذين لم يغادروا بعد وذهبت توحة تصرخ على عبد الرازق بأنه ليس رجل كي يسمح
لزوجته بفعل هذا الشيء المهين لأبنه أخيه.
"هذه
الزيجة لن تستمر لثانية واحدة، أخبر ابنك بأن يطلقها في الحال!".
كان
إبراهيم يهز بعبد الرازق بعنف بالغ من ملابسة ويصرخ عليه بشدة
جزعت
الجدة فور سماعها ذلك فتصرفت على الفور وذهبت وجرت عبد الرازق وزوجته وابنتهم
وطردتهم للخارج
"لا
بيت لكم عندي.. أخرجوا يا ملاعين من بيتي.. أخرجوا!".
بينما
زوج خالة حميد صرخ من بين الضرب المبرح الذي يتلاقاه من عبد الجبار
"طــــــــــــــــــــــــــــالق
أخبرتها بدل المرة مائة بأن تترك الناس وشؤنهم ولم ترد علي، أنتِ
طـــــــــــــــــــالق طالق بالثلاثة".
صرخت
ولطمت كل من وجنتيها على الفور ونفضة عبد الجبار من يده بقرف
وقف
الرجل يمسح الدم عن وجهه ويصرخ بها
"والله
لو كان أخر شاب بالبلدة لمَ زوجته أبنتي أبدا، لا أزوجها إلا لرجل.. لا لخيبة أمها
هذا".
وأشار
بقرف على حميد المجمد بأول السلم يتابع ما يحدث دون أن يعي أو يصدق منه حرف!، يظن
بأنه بأحد كوابيسه العديدة وسوف ينتهي الآن هذا لا يمكن أن يحدث بالواقع مجرد حلم
ورقية سوف تعطيه كوب من الماء وتمسد شعرة مثل كل مرة يصاب بها بالكوابيس إلى
جوارها!.
وجر
أبنه وابنته وخرج من المنزل صارخ بزوجته بأنه لا يريد رؤيتها مرة أخرى، حاولت
الجدة إخراج عبد الرازق في التو واللحظة كي لا يطلق عبد الجبار وإبراهيم ياسمين
الآن من حميد، لكن عبد الرازق ظل يسب ويتواقح وكادت توحة أن تسقط أرضا أثناء ما
دفعها فهاج عبد الجبار كالثور وطرده للخارج شر طرده، وقفت توحة تلهث بشدة خلف
الباب الذي أوصدته وما إن التقطت أنفاسها المنهكة حتى صاحت بحميد بأن يأخذ زوجته
ويصعد لشقتهم
"على
جثتي أن تتم هذه الزيجة!".
صرخ
إبراهيم بشدة وأيده عبد الجبار اشتد الشجار والخلاف بينهم وبين توحة التي نظرت
بعيونها تحذر كل من ورد ووالدة عوض بأن يأخذوا ياسمين إلى الأعلى فتوجهت والده عوض
لها على الفور تسندها
"هيا
يا بنيتي هيا يا حبيبتي هيا".
أمسكت
بها ورد من الناحية الأخرى
"هذا
لا يحدث لي.. هذا كابوس بشع.. لم أوذيهم أبدا لمَ فعلوا ذلك.. لمَ؟!".
سألت
ورد بهستيرية وكأن مس من الجنون أصابها لكن ورد حالتها كانت أسوء من ياسمين بمراحل
جسدها ينتفض بشدة وتنفذ طلبات الجدة ليس إلا تريد الفرار إلى شقتها والاختلاء
بنفسها، تبعتهم رحمة بعيونها وهي تهز رأسها غير مصدقة
"لا
يمكن أن يمر شيء لهذه الفتاة بهدوء أبدا!".
ناولت
والده عوض ياسمين كوب من الحليب كي تهدأ وهي تمسح على رأسها وشعرها وتقرأ القرآن
وتدعوا لها، ومن ثم نزلت واصطحبت حميد المجمد على السلم قبل أن يراه كل من إبراهيم
وعبد الجبار ويجبروه على الطلاق!.
***
"هذا
مستحيل.. لم يحدث لم يحدث!".
ظلت
ياسمين تجيء وتذهب بغرفتها التي لم تهنأ بها بينما حميد يقف بالصالة ينظر للمنديل
الذي تركته له والدته وخالته والكلمات تتردد برأسه بشراسة تتكرر مرارا وتكرارا.
(البلدة
كلها تتحدث بأنها اختارته لأنه المغفل الوحيد الذي سوف يقبل بها بعد أن لوثت شرفها
بالخارج).
(تريدين
استغلال ابني التافه الساذج!)
(لا
أفهم كيف لتلك الفتاة بأن تتزوج من هذا الأبلة هناك شيء غريب بالموضوع!).
"والله
لو كان أخر شاب بالبلدة لمَ زوجته أبنتي أبدا، لا أزوجها إلا لرجل.. لا لخيبة أمها
هذا".
الجمل
السيئة التي سمعها على مدار الأعوام منذ أن أعلن خطبته على ابنه عمه ضربت رأسه
بمطارق حادة وأشتعل السؤال الذي عذبه طويلا مرة أخرى
"لماذا
اختارته ياسمين؟!".
دلف
الغرفة فرفعت رأسها تصرخ به بقوة
"ما
هذا الذي حدث، كيف سمحت لهم يا حميد؟، كيف سمحت لهم؟!"
غمغم
وكأنه من خارج هذا العالم بهدوء مريب
"لما
صرخت باسم إبراهيم؟".
انفجرت
بغيظ من بين أسنانها تصرخ به
"كيف
سمحت لهم بالدخول؟، كيف سمحت لهم؟!، لقد تخاذلت عني بشدة لم أعد أحتمل سلبيتك
وبرودك أبدا يجب وضع حد لكل هذا!".
سأل
ببرود مرة أخرى
"لمَ
أخترتني أنا؟!".
"ما
ماذا؟!".
لم
تصدق ما يتحدث به حتى!.
توجه
نحوها وقد بدأت النار تنشب بصدره لصراخها بهذا الشكل، حتى ياسمين تقلل من احترامه
ومن شأنه!، بينما هي نظرت للمنديل في يده برعب وغمغمت
"لمَ
تمسك بهذا الشيء؟"
ثم
رفعت رأسها واشتعلت الشراسة بعيونها بشدة
"حميد
كيف تجرأ؟!".
اشتعلت
الكلمات برأسه وعصر ذراعيها وصرخ بها
"لمَ
أخترتني أنا؟!، أنا الوحيد المغفل كفاية أليس كذلك؟!".
ثم
ألق بها على ظهرها فوق السرير ،صرخت غير مصدقة النظرة المليئة بالشر التي يطالعها
بها وصاحت به
"حميد
ما الذي تفعله؟".
عيونه
محمرة من الغضب ويبدوا أنه تحول لشيء آخر غير حميد الذي تعرفة، بكت بشدة
"يجب
يجب أن أخبرك.. أردت أن أخبرك بشيء هميد".
كانت
تتوسل له تقريبا إلا أن حميد قرر معرفة إجابه سؤاله بنفسه في الحال!.
***
وصلت
أمام البيت تنظر له وبكائها عال، دارت حوله إلا أن وجدت أكثر نافذه بالمنزل مطلية
حديثا بالطابق الثالث، كانت سمعت حميد ذات مرة وهو يتحدث عن المنزل بالهاتف.
الإضاءة تبدوا شاعرية حتى أن ظلال الشموع تتحرك
مضيفه جو ساحر على هيئة الغرفة من الخارج، أمسكت بمقدمة ثيابها وبكت بشدة.
ألم
حارق يعتصر صدرها وقلبها رفعت الهاتف على أذنها تتوسل له بأن يجب، بأن يثبت لها
بأنه لن ينساها، لن تتحول إلى مجرد ذكرى بحياته، مرحله ومرت وانتهى منها.
لدهشتها
الشديدة أجاب الهاتف سألت بلهفة
"حميد؟!".
"أجل
رقية".
رد
بعد وهلة صوته منهك بشدة وكأنه كان بعزاء وبكى بكل قوته!
"حميد".
كانت
تنشج باسمة من بين بكائها
"أنا
أحبك جدا سامحني أرجوك، أنا بالأسفل أردت فقط رؤيتك مرة أخيرة".
بكت
بشدة ظنت أنه سوف ينفجر بها غاضبها إلا ان دهشتها ازدادت
"لا
بأس سوف أتي اليك".
شهقت
غير مصدقة وما هي إلا لحظات قليلة حتى وجدته يفتح باب المنزل ويخرج منه بإحباط
بالغ يمسك بسترته يعتصرها بيد وملابسة غير متسقة على الاطلاق.
ركضت
نحوه على الفور تضمه بشدة لها ثم رفعت رأسها غير مصدقة أنه معها وغير مصدقة هيئته
سألت بلهفة
"حميد
ما بك؟!".
"منهك..
منهك للغاية".
ضمته
مرة أخرى لها بقوة وقبلت وجنته ثم ربتت عليها
"شكرا
لك يا حميد، شكرا لك على كل الأيام الرائعة التي قضيتها بصحبتك لقد كنت خير الزوج
والسند والعون، لا اريد إلا سعادتك فقط والله لا أريد سواها شكرا لأنك رأيتني هذه
المرة".
تتالت
شهقاتها بشدة
"عد
قبل أن ينتبه أحد، عد يا حميد".
نظر
حميد خلفة بخيبة أمل واضحة للمنزل الكبير
"ليس
لي أحد هنا".
"ماذا؟!".
هلعت
رقية وسألها بيأس
"هل
تقبلين بي يا رقية أم أبحث لي عن مأوى".
طالعته
غير مصدقة حتما هذه هلوسة منها لكثرة بكائها لأيام حتى وإن كانت هلوسة سوف تتمسك
بها.
"بالطبع
أقبل بك!".
أجابته
بلهفه
"خديني
من هنا أرجوك، لا أرغب بالتواجد هنا لثانية واحدة أخرى".
نظرت
له رقية غير مصدقة ثم جرت يده وذهبت سريعا تشير لأقرب عربه معتزمة عرض مبلغ على
السائق لا يجعله يرفض أبدا اصطحابهم إلى بلدتها الأم مباشرة.
نهاية
الفصل.