حكايات بيت الرحايمة_الفصل السادس عشر_ج1 بقلم هالة الشاعر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الفصل السادس عشر

 ج1

(حكاية عبد الجبار)

 


مساء الخير جميعا بعتذر عن عدم نزول الفصل الاسبوع اللي فات بسبب ظروف شخصية وأتمنى منكم الدعاء لوالدي ووالدتي بالشفاء وشفاء مرضانا ومرضي المسلمين أجمعين ورفع البلاء والغمة عن أخوننا بإذن الله.


حكايات بيت الرحايمة



متشكرة جدا للمتابعين اللي بيحاولوا يتواصلوا معايا سعيدة جدا بيكم وكل اسبوع عددنا بيكبر مشاء الله اتمني أعرف رأيكم دايما وأتمني ترشحوا الرواية لأصدقائكم.

ده الجزء الأول من الفصل وبإذن الله الجزء الثاني من الفصل هينزل متأخر شويا لأنه لسه هيتم مراجعته وبعتذر مقدما عن التأخير

دمتم في رعاية الله وقراءة ممتعة للجميع💖

"بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له".

ابتسم عبد الجبار يهمس لورد بجواره أرضا

"يتقمص الشعراوي ابن الكلب!".

كتمت ابتسامتها وغطت وجهها ثم انتبهت مرة أخرى لعوض

بينما نعمات تغلي وتفور كالمرجل!، عبد الجبار أصبح يذهب لورد كل يوم تقريبا، وتشعر به يتسرب من بين أيديها رويدا رويدا.

بساحة المنزل جمعت الجدة بسعادة بالغة كل أبنائها وأحفادها ووضعت لعوض مسند عال كي يجلس عليه ويلقي عليهم بخطبته وقد أخذ بنصيحتها وأول خطبه له كانت عن الجنة.

"نقف أخيرا يا أخواني أمام باب الجنة، بعد أن عبرنا الصراط بحمد الله، وتسأل البشرية كلها من يشفع لنا عند ربنا ليفتح باب الجنة؟، فيقول الأنبياء جميعهم لست لها، فيأتي الرسول على أفضل الصلاة والسلام ويقول (أنا لها أنا لها)،

فيقول النبي صلي الله عليه وسلم فأكون أول من يحرك حلق الباب".

ردد معظم الحاضرين وهم مستمتعون بالخطبة

"اللهم صلي وسلم وبارك على حبيبنا محمد".

"يصف حبيبنا وشفيعنا باب الجنة ويقول إن فتحه الباب كما بين مكة والشام، كل هذا الباب فقط يا إخواني فما بالكم بحجم الجنة نفسها التي أعدها لنا رب العباد؟!".

ردد الحضور

"الله أكبر"

استرسل عوض يوصف ما بداخل الجنة

"وأهل الجنة يا اخواني لا يبولون، أمشاطهم من الذهب تخيلي أن المشط الخاص بك فقط من الذهب فما بالك بما أعده لك رب العباد من مقتنيات لا نهائية أخرى؟، ورشحهم المسك، تخيلوا أن أرقي أنواع العطور هو العرق الخاص بك!".

لمعت العيون وابتسم الحضور بشكل لا إرادي

بينما ورد كانت الدموع تقطر من عيونها رغما عنها، راقبها عبد الجبار وهي تسمع عوض بانتباه بالغ تتمناها بكل جوارحها فلم يمنع نفسه ومسحها فالتفتت له بسرعة، ابتسم لها بحنو.

"تأخذين بيدي يا ورد للجنه، عاهديني".

اتسعت حدقتيها

"أنا!!".

ابتسم لها موافقا برأسه فاحمرت وجنتيها ونظرت لعوض مرة أخرى غير مصدقة تخفي ابتسامتها، وتضخم شيء بقلب عبد الجبار الجمه عن استكمال الحديث معها، مجرد أن تبتسم ورد له هو شيء كبير ولا نهائي جميل بشكل موجع!.

حاول عبد الجبار إعادة انتباهه إلى عوض

"ويوجد حديث أخر عن أدنى أهل الجنة منزله يسير في ملكه ألف عام ولا يقطعه، تخيلوا أن القصر خاصتك مساحته ألف سنه!، يرى أقصاه كما يرى أدناه، أي أنك لا تتوه فيه بل تعلمه، أتتخيلون عظمة الخالق وكرمة علينا؟!، وهذا يا أحبائي أدناهم منزله".

وجنتيها الجعدتين مكورتين بابتسامة جميلة تحاول كبتها كي لا تشتت عقل عوض الذي ينظر لها كل مدة، وكأنه يطمأن من نظرتها.

كيف ابلي يا جدة؟

 فتطمئنه بنظرتها هي الأخرى بأنه يبلي بلاء حسنا.

الفخر بصدرها كبير وكل صعب مر عليها بدى لا شيء يذكر بحصولها على حفيد مثل عوض، ماذا لو قابلت ربها فقط بعوض؟!

تقبله يا الله وأنبته نباتا حسنا

أغمضت عيونها تتمنى لم شمل عائلتها مرة أخرى ورغم أن هذا بدي مستحيل رفعت عيونها للسماء

"لا شيء يخفى عليك يا علام الغيوب".

كم من مرة حسبتها وخططت لها وفشلت فشل ذريع ولكن الله بقدرته ورحمته فرجها عليها من حيث لم تكن تحتسب أبدا.

بينما كل من عبد الرازق وحميدة يتململون لا يستطيعون الصبر فعبد الرازق يقضي الفترة ما بين صلاة الجمعة والمغرب نائم وجسده تعود على ذلك فتثائب أكثر من مرة، نظرت حميدة بطرف عينها لعلياء فزفرت الأخرى بملل بالغ.

جمعت الجدة البيت كله ونزلوا حسب أوامرها ولم يعلم أي منهم أنه بسبب هذا التافه عوض الذي يفرض عليهم خطبه العصماء!.

"هذا ونراكم في الجمعة القادمة بإذن الله لا تنسوا الصلاة على حبيبنا وشفيعنا محمد خاتم الأنبياء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

صفقت ورد بقوة وحماسة كبيرة فتبعتها الجدة وإبراهيم وباقي الحضور، وأحكم عبد الجبار يده على تصفيقها المتحمس بحنق فنظرت له بسرعة

"حماستك زائدة عن الحد!".

فضمت قبضتيها سريعا

النار تأكل بقلب نعمات

والفخر يعلو بصدر والد عوض ووالدته

والحنق والبغض ينبثقون من عيون حميدة وزوجها تركوا التهنئة الفارغة وصعدوا سريعا إلى منزلهم خلع عبد الرازق جلبابه وارتمى على السرير يدخن سريعا بعد الصداع الذي أصابه.

"يسخرون منا لهذه الدرجة أصبحنا مضحكون بنظرهم؟!".

"ما الذي تعنيه؟!".

"الم تفهم بعد يا خيبه أملى أن هذه الجمعة من أجلنا نحن، نحن من فشل بتربية ابنه وجلب العار لهم الم تشعر بما لمح له هذا الغبي المشوه؟!".

ضحن ضروسه حينما استجمع الكلمات عن النار وعظه عوض عن اللاهين عن ذكر الله.

"هل يقصدنا نحن؟!".

"بالطبع ما الذي يعلمه هذا الغبي عنا؟!، نصلي ونصوم وخيرنا على بيوت هذه البلدة البائسة، ويأتي هذا المعدم ويتفاخر ويتبجح بكلمتين حفظهم البارحة!، الم ترى نظراتهم لنا؟!".

ضرب فخذته بغيظ بالغ والكلمات رنت برأسها مرة أخرى حينما غمغم عبد الجبار

"بالطبع يجب علينا جميعا أن نتعظ".

تلاقت نظراتهم في تلك اللحظة أنه يقصدها هي، بلا شك.

"سوف أحيل حياتك الي جحيم يا زفت انتهيت من التستر عليك!"

****

 

قفزت علياء من مكانها حينما رأت الرقم يرن

"أهلا لبنى".

...

"أه حقا!، بالطبع أعلمه أنه أفضل مقهى بالمحافظة".

...

"حسنا بالرابعة إذا"

تضخم قلبها بصدرها بقوة ماذا لو حضر سامي؟، ماذا لو أنتبه لها فقط!

زفرت الهواء غير مصدقة وتجهزت بأفضل ثياب لديها تعطرت وتزينت وتوجهت للخارج

"سوف أذهب للمحافظة".

ارتفع حاجب حميدة

"بهذا الوقت؟!".

شرحت لها سريعا من طلبت مقابلتها لمعت عيون حميدة على الفور

"أه لو طلبتك لأخيها هذا النسب سوف يرفع رؤوسنا ويجعل جدك يرضى عني لمَ فعله أخيك عديم الفائدة!".

لم توضح لها أي شيء مما يدور بنفسها فسامي خط أحمر بهذا المنزل بسبب مطاردته لياسمين

رآها عبد الجبار والتفت سريعا ينادي عليها

"ما هذا يا علياء كيف نزلت بهذه الثياب للأسفل؟!".

نظرت لثيابها بغرابة شديدة

"ما بها ثيابي؟!".

"ضيقة جدا لا يجوز يا بنت!، لم تتحجبن وقولنا حينما يأمر الله يهديكن لكن أين الحشمة؟!".

تحدثت بنفاذ صبر بالغ

"لقد رآني كل من ابي وأمي ولا أحد آخر له كلمة علي".

"هل جننت؟!".

خرجت حميدة على صوتهم وتأففت منه

"ماذا هناك؟!".

"كيف تسمحين لها بالخروج بمثل هذه الثياب؟!".

فردت بوقاحة عالية

"ما بها ثيابها غالية ومن أرقي المحال، أم فقط لأنها ليست شقراء ونصفها أجنبي لا يحق لها أن تتجمل، لقد سئمت من الكيل بمكيالين بهذا المنزل التعس!".

تسللت علياء وقفزت بأول عربة كي توصلها لموقف السيارات كي تسافر للمحافظة.

"لا تأتي بذكر ياسمين على لسانك النجس يا حميدة فأنت سبب كل هذا الخراب".

كان عبد الجبار ينتفض بغضب بالغ وهو يشير إليها وبدأت الرؤوس تخرج والفضول يعلوا بالمنزل الذي سكن لوهلة من الزمن.

"مهما حدث تظل تلك الفاسقة هي المفضلة لديكم..".

أخرسها عبد الجبار بحدة

"أخرسي!، ظفرها برقبتك أنت وعائلتك كلها ياسمين زينه بنات الرحايمة".

فارت حميدة من الغيظ والغل بشدة وخرجت الكلمات كالسم من بين اسنانها

تهسهس

"تتحدث وكأنك منهم يا مسكين، أنت مجرد شفقة , علقة زائدة عليهم، لا داعي لهدر كل هذا القوة على عائله ليست لك بالأساس!".

صرخت الجدة بقوة

"أخرسي!".

انتفخ صدر حميدة وارتفع رأسها وهي ترى الجدة أسفل السلم تلهث بشدة ووجهها محمر من الغضب ورفعت رأسها بتحد وقد رأتها مكسورة أخيرا خاصة بعد ان سلبتها ذهبها.

"لست ابنها".

القت الكلمات بشماته وابتسامة متشفية على وجهها

جمعت نعمات سريعا الكلمات والتلميحات التي كانت تلقيها حميدة بطريقها كل يوم ومن ثم صدر عنها صرخة كبيرة رغما عنها حينما فهمت أخيرا ما تعنيه حميدة.

نظر عبد الجبار لها بسخف بالغ والتفت إلى فتحية التي تبكي وترتعش وتنظر له بضياع وكأنها طفل صغير على وشك التيه للأبد.

"م ما الذي تقوله هذه الخرفة؟!".

تحشرج صدر توحة بقوة وكتمت فمها كي لا تصرخ همت بالذهاب له لكنه تراجع بظهره في هذه اللحظة مرعوب!، توحة لا تخشي شيء جريئة قوية لمَ لا تنهر حميدة وتخرسها؟!،

لمَ لا تصفعها مرارا وتكرارا وتوبخها؟!.

لأنها تقول الصدق!

طفقت الفكرة المخيفة إلى عقلة وجعلته يتراجع للخلف خائف يشعر بالضياع نظر لجلال الذي يستند إلى باب الغرفة بتعب ودموعه تسقط كالمياه على كل من وجنتيه الجعدتين.

"لا تذهب أنت ابني رغما عن أنوفهم!".

لم يسمع الهمس المبحوح لتوحة التي تبكي وغادر المنزل بسرعة سقطت توحة أرضا وهي تمد يدها كي تلحق به فركض كل من عوض وإبراهيم نحوها ولم يستطع أحد اللحاق به، لم تفقد وعيها لكن ساقيها لم تستطع تحملها أكثر وقلبها يؤلمها بشدة تنوح باسمه وتمسك بقلبها الذي يكاد يخرج كي يلحق به.

ساعدها كل من عوض وإبراهيم على الوقوف ودلفوا بها لغرفتها منحنية وكأن العمر كسرها فجأة كانت تعلم أن هذه اللحظة أتيه لا محاله لكن ليس الآن ليس بهذا الظرف!.

تداري نعمات الحقيقة عن أبنائها وعن سبب ركض ابيهم وورد مثبته من الصدمة تمنت لو أن ياسمين هنا كي تركض لها لكنها كالعادة بمفردها تماما فجلست على السلم تمسك بساقيها تحاول استيعاب ما يحدث!.

***

وصلت بالموعد المحدد ترتب من شعرها الأسود اللامع ودلفت للمقهى الذي أخبرتها به لبنى تعالى الإحباط بصدرها حينما لم تجد أحد سوى لبنى فقط سلمت عليها وجلسوا يتحاورون.

"لم تخبري أحد غيري؟".

سألت بتردد بالغ

"بلى كل من رفيقتي قادمتان الآن".

ابتلعت إحباطها بصعوبة بالغة حتى أنها اضطرت إلى ابتلاع نصف زجاجة من المياه!.

بعد مدة من الثرثرة دلف سامي أخيرا شعرت به وارتبكت على الفور بمجلسها "آه مرحبا سام".

تمتمت لبنى بإهمال، جلس هو الآخر بلا مبالاة ووضع علبه سجائره وأغراضه على الطاولة

"مرحبا لبني، مرحبا.. علياء".

نظر لها وتمهل قبل ان ينطق اسمها لم تعلم لشدة توترها هل هذا توهم منها أم أنه أمعن النظر في تفاصليها قليلا!.

"أخبروني ما الذي يجب على المرء فعله بهذه البلدة السخيفة؟!".

ضحكت لبنى

"نحن بالمحافظة سام ما الذي تريده أكثر؟!".

نظر حوله بقرف بالغ ثم التفت لهن

"كل ما أراه هنا هو الهراء التام وحفنه من البلهاء متحجري الفكر".

تأوهت لبنى عن مدى بؤسها بالحياة هنا ولا تطيق صبرا كي تغادر مصر كلها

"حقا سوف تفعلين؟".

سألت علياء باندهاش

"اما لإكمال الدراسة أو عريس أي حجه تخرجني من هذا البلد الغبي لن تردد بفعل ذلك ولو للحظة واحدة".

رن هاتفها وذهبت عنهم والبسمة الجانبية تشق وجه سامي الذي نفخ الدخان باستمتاع وبطيء في أثرها وأشار بأصبعه الذي يحمل السيجار

"وأنت يا .. علياء، هل ترغبين بالذهاب أيضا أم تتمسكين بتلك البلدة الغبية".

أنه يتمهل قبل نطق اسمها وشملها بنظرته مرة أخرى هي لا تتوهم لقد تأكدت من ذلك!.

"لا لا أعلم لم أفكر بالأمر".

"هذا المقهى ممل للغاية".

"أنه الأفضل بالمحافظة!".

ضحك بشدة حتى عادت رأسه للوراء

"هذا يخبر بالكثير عنك يا علياء".

حرجت بشدة وأعادت خصلات شعرها للخلف، فأشار بيده التي يحمل بها السيجار مرة أخرى نحوها

"تعجبينني بالمناسبة".

أنقطع تنفسها من صدرها ونظرت له بدهشة بالغة

"لا أحب الفتيات متحجري الفكر".

هزت رأسها توافقه وهي صامته على حالها عادت لبني وأخيرا وتحدثت بفظاظة معه.

"ما الذي يجلسك هنا هيا أذهب هذه الجلسة للفتيات فقط!".

أمسك بقائمة الطعام وطلب لثلاثتهم وأمر النادل بغلظة بألا يتأخر

ثم عاد إلى كرسيه بظهرة يوجه نظراته كلها لعلياء

"هل يضايقك وجودي يا علياء؟".

خجلت ونفت برأسها بارتباك بالغ بالنفي.

"إذا رأيك لا قيمة له مطلقا يا خنفساء".

تأوهت لبني بمكر

"اتفقتم على إذا؟!".

"دعك من هذه السخافات هل سوف تحضرين الحفل؟".

"أتمنى بشدة لكنني دمرت مصروفي تماما هذا الشهر وخالتك تتعنت معي وترفض إقراضي أي نقود".

وصل الطعام ووضع سامي شوكة بفمه وتحدث بكبر فطري خلق به

"لا بأس سوف أدفع عنك فقط أخبريني بعدد التذاكر".

"ابن خالتي الحبيب هل أخبرتك يوما بأنك المفضل عندي على الاطلاق".

ابتلع طعامه الذي يلوك بملل مثل حديثة معها

"أجل كل مرة أدفع عنك شيء يا لبنى".

تحمست بشدة وهي تضحك

"لهذا أحبك بشدة!".

وأشارت للنادل كي يأتي بمشروبها المفضل.

"هذا العرض قائم فقط إذا ما تمكنت من إقناع علياء".

فجحظت عيون علياء بشدة وازدادت بسمة الجانبية أتساعا!.

****

يتبع ....

 

 

  

إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال