حكايات بيت الرحايمة_الفصل السابع عشر_ج2 بقلم هالة الشاعر

 

حكايات بيت الرحايمة
الحكاية السابعة عشر
(رحلة الشاطيء)
(2)


مر والدها على البلدة وخرج بالسيارة ومعه كل من والديه وحقائبهم أما باقي العائلة فتجمعت بسيارتين للنقل الجماعي واتجهوا للمدينة لقضاء يومين لا ثالث لهم بالمدينة، حيث يمتلك والد نعمات شقة سكنيه وكذلك عمها وسمح لهم باستخدام الشقتين معا.



الثلاث سيارات على الطريق يتسابقون بالوصول ويلتصق الأطفال بالنوافذ حرفيا وكلما مروا من جوار بعضهم البعض يصيحون ويرسلون الإشارات والتحيات خاصة لياسمين، كل من جيسي وياسمين كانوا متحمسين جدا وجلست ياسمين بحضن توحة التي تستحوذ عليها كليا.

وصلن للشقق وعجبت جيسي جدا تأوهت بالإنجليزية

"يا اللهي يا عبد السميع الشقق صغيرة جدا كيف سوف تتسع لنا؟!".

ضحك بشدة

"لا تقلقي سوف تتسع إذا لم تحبي الأمر يمكنني الحجز لنا بفندق لكن ثقي هنا أفضل".

نظرت بقلق حولها

"أنا فقط لا أعلم كيف سوف يسير هذا الأمر؟!".

قرص وجنتها بمرح

"ثقي بي يمكنني حجز فندق أو حجز شقة مجاورة في أي وقت إن لم ترتاحي".

فهزت رأسها بعجب

انتهت ياسمين من جولتها وهي تراقب كل من نعمات وورد ونساء العائلة يغسلون كل شيء حرفيا بسرعة بالغة حتى أنها رأت نعمات تغسل جدران الحمام رغم أنه كان نظيف

عجيب!.

"أبي أين غرفتي اريد وضع حقيبتي".

التفت الرؤوس لها بغرابة شديدة وتذمرت علياء

"تريدين غرفة لك وحدك ونحشر جميعنا بغرفة!، الشقة كلها غرفتين؟!!".

اشارت لها الجدة بمحبه

"ضعيها أينما تحبين يا حبيبتي الشقة كلها لك"

شكرتها بالإنجليزية

"شكرا توحه".

أخرجت النساء الطعام ووضعن الحلل على السفرة وعجبت كل من ياسمين وجيسي مرة أخرى انحنت جيسي تسأل ابنتها

"جاسمين ألا توجد لديهم علب طعام؟".

ولم تصبر على فضولها ولو لوهله وسألت نعمات التي تغرف طبق ضخم وسط صياح الجميع حول المائدة

"لماذا تحضرون الطعام بالأواني؟".

عجبت نعمات منها

"وكيف يمكننا المجيء بالمحشو إذا؟!".

أصدرت نعمات صوت استغراب من شفتيها والتفتت أمامها تملأ طبق زوجها

"من قال إن الأجانب اذكياء غبي ولا يفهم شيء!".

الصياح عال وكل من ياسمين وجيسي يجلسون بغرابه لا يفهمون شيء أتي سميح بعد أن خرج من الزحام الضخم ونجا بمعجزة بطبق من الطعام وتوجه نحو ياسمين

"جمعت لكِ هذا".

"أه شكرا لست جائعة!".

قفزت جيسي وأخذت إصبع من المحشو ثم أصبع من كفته اللحم وتأوهت

"أه أنه لذيذ جدا من أعده؟!".

"الخالة نعمات لهذا اتيت لكن من هذا الطعام قبل ان تفتح الاخريات الاواني خاصتهم".

"أنه مدهش!".

تأوهت جيسي وهي تتناول الطعام بسعادة وتشجعت ياسمين وتناولت معها وهزت رأسها بإعجاب بالغ

"جيسي يجب أن تأخذي الوصفة منها في الحال أنها رائعة".

"أتمنى أن تقبل".

"أشتريها إن لزم الأمر!".

عبثت حواجب الجدة

"ما هذا الكلام يا ياسمين؟ زوجه عمك لن تفعل مثل هذا الشيء سوف تخبرها بها على الفور!".

ابتسم سميح ابتسامة بلهاء لياسمين التي نظرت له بسعادة وشكرته على الطعام.

مالت زاوية عبد السميع على جنب وهو يراقب ابن أخيه الولهان بابنته

"هيا يا سميح اذهب لتناول الطعام".

انتبه لنفسه واحمرت أذنيه وفر من أمامهم ضحك عبد السميع وهمس لتوحة

"سوف تحدث ابنتي الكثير من المشاكل بالمستقبل".

ارتفع حاجب توحة بفخر

"يحق لها زينة بنات الرحايمة والبلدة بأكملها، كم أتمنى تزويجها لأحد أبناء عمومتها وتجلس بحضني للأبد".

التفت عبد السميع بسرعة البرق لها

"أنا ضد زواج الأقارب، ولن أجبر ياسمين على شيء أمي، هل هذا واضح؟!".

"وهل يطاوعني قلبي إكراهها على شيء يا عبد السميع سامحك الله!".

أتي عبد الجبار بطبق من الطعام لوالدته ولأخيه ومن ثم عاد للطاولة مرة أخرى وبعد هذا الصياح المضني حدثت جلبه أخرى، الكل يبدل ثيابه ويخرج العوامات وبدأوا بالنفخ بسرعة البرق، أقترب عوض من ياسمين وهو يرتدي العوامة خاصته وينفخها بنفس الوقت.

"أين خاصتك كي أنفخها لك؟".

"لا املك واحدة!".

"ماذا؟!، عمي الغني يبخل على ابنته الوحيدة بعوامة كيف سوف تنجين إذا؟!، لا تقلقي من شيء سوف أتشارك خاصتي معك رغم أنني لا أترك المياه مطلقا!، فأنا كما سوف ترين بعد قليل بإذن الله سباح ماهر لن تفرقيني عن الأسماك بالبحر".

"رائع!".

البعض يحمل الكراسي والأخر يحمل الألعاب والصغار العوامات وعبد الجبار الكثير من الطعام مرة أخرى!.

انحنت جيسي تسأل

"جاسمين ألم نتناول الطعام للتو وما كل هذه الحقائب والاغراض؟!، هل كان يجب أن نحضر طعام؟".

التفتت ياسمين حولها

"انظري هناك الكثير من المطاعم حولنا يمكننا شراء الطعام".

لوحت الفتاتان لعبد السميع بأنهم ذاهبون للشراء فسمح لهم بينما كل من نعمات وحميدة التوت شفتيهم على جنب

"يشترون الطعام من هنا ألا يعلمون بأنه غال جدا!".

عادت كل من ياسمين ووالدتها بعد أن اشتروا أغراض لا يعلمون ما هيتها بالضبط؟!، لكن كل منهن شعرت بضرورة حمل شيء ما غير الكتب خاصتهم وكريم حماية الشمس!.

وصلن أخيرا للشاطئ وصرخ الصغار جميعا مهللين فتيات وصبيه وركضوا ناحية المياه بعوامتهم بسرعة بالغة وأصاب الكبار الضحك والابتسام على الفور. فرشت جيسي غطاء وجلست هي وياسمين وبدأوا في دهن أجسادهم بكريم للحماية من اشعة الشمس والتوت شفاه نساء المنزل مرة أخرى سألت نعمات بفضول قاتل.

"ما هذا يا ياسمين؟".

ناولتها العبوة فوضعت نعمات بكرم بالغ واعادتها استنكرت منها حميدة

"ألم تضعي منه قبل نزولنا كي لا تسمر بشرتك الغالية".

"هذا أجنبي وغال لابد وأنه فعال أكثر من خاصتي".

"واعية!".

مددت كل من ياسمين وجيسي ساقيهم وأخرجن الكتب، فهمت ياسمين لمَ لن تتزحلق على المياه الأمواج هادئة جدا لا تصلح لممارسة التزحلق على الاطلاق لكنها تبدو جيدة للسباحة، فأبناء عمومتها يصرخون ويستمتعون بشدة حتى رحمة التي لم ترى انفها بخارج الكتاب قط تسبح بداخل عوامتها.

أين هو؟ بحثت بعيونها لتجد حميد يسبح بالعوامة بهدوء وحيدا كعادته، أخرجت الكاميرا مرة أخرى ثم نفضت سروالها الخاص بالسباحة من الرمال وقررت إكمال الفيلم خاصتها وبدأت بورد.

تجلس إلى جوار الجدة أرضا على الرمال ترسم على الرمال بإصبعها ثم تمسحها وكأنها تخشي أن يرى أحد ما ترسمه.

"أشفق عليها كثيرا".

غمغمت جيسي

"لا أعلم كيف يمكن أن يفعل عبد الجبار هذا الشيء بها أنه بربري للغاية!".

عرفت جيسي ورد منذ ان تزوجت بعبد الجبار ولم تحبذ أبدا فكرة أن يتزوج عليها لأنها لا تنجب كان يعد ظلم بالغ بنظرها ولم تقتنع لا هي ولا ياسمين بما أخبرهم به عبد السميع ابدا.

ثم تأوهت وابتسمت في هيام

"آه جاسمين هيا صوري عصفوري الحب هؤلاء!".

اتجهت بالكاميرا إلى مريم وإبراهيم يمسك بيدها ويسيرون بخطي هادئة على الشاطئ مريم جميلة ذات بشرة بيضاء رفعت يدها التي ترن بها الاساور وعدلت من حجابها الذي يعبث به الهواء ثم التفتت لإبراهيم مرة أخرى عيونها تخبر بالكثير من الحب والوعود.

ما إن أنزلت يدها حتى أخذها إبراهيم وأحتضنها أسفل ذراعه وسارا معا إلى أن غابا عن العيون.

تأوهت كل من ياسمين وجيسي وغمغمت ياسمين والقلوب تنبثق من عيونها

"كيوبيد خاصتي أين أنت؟!".

ضحكن ثم التفتوا إلى الجد والجدة، جلال يدخن التبغ وتوحة تراقب الصغار بالمياه وما إن يتزحزح أحدهم عن الخط الوهمي الذي رسمته لهم، تصيح بأعلى صوت لها بأن يعود مرة أخرى مكانه وإلا اخرجته من المياه تماما!.

خلع عبد الجبار القميص خاصته ثم وقف وعدل سروالة الذي يتخطى ركبته بعده سنتيمترات وربطه بقوة إلى بطنه وركض بسرعة نحو المياه وألقى بنفسه فأحدث جلبه كبيرة من المياه التي أغرقت الصغار وضحك الجميع بشدة. فتحي وسميح وعوض يتسابقون بالمياه وفتحي يكسب كل مرة ثم توجهوا للشاطئ بعواماتهم فأغرقوا ياسمين وجيسي برزاز المياه.

يتسابقون كل منهم يقدم عوامته لياسمين كي تنزل المياه معهم.

هز عبد الرازق الذي يدخن السجائر رأسه وهو جالس إلى جوار زوجته

"أنظري لأولاد الكلب هؤلاء؟، يعلمون مصلحتهم حتى الدرويش عوض يعلم بمصلحته أكثر من خائب الرجا خاصتنا!".

مالت شفه حميدة على جنب

"ما الذي تريده يا عبد الرازق؟".

"أن يتحرك هذا الغبي!، ويبحث عن مصلحته يتجمعون حولها كالذباب لو أشارت بأصبعها على واحد منهم لفتحت له طاقة القدر جنسية أجنبيه ومال وجمال والغبي يعوم وحيدا بالبحر، أشتهى أن يرفع رأسي بشيء مرة!".

سحب نفس عميق شرس ولوح بعصبيه بالغة لأبنه بالبحر كي يخرج، وقف وأغتصب نظرة نحو جيسي وشعرها الأشقر الخلاب وقوامها النحيف الممشوق وهي تضحك وترمي برأسها على كتف عبد السميع الذي يضحك معها هو الآخر، كل هذا المال والعز والمكانة بسببها هي، فاز بها وفاز بكل شيء!، المحظوظ اللعين!!.

ما إن وضع يده على حميد حتى وبخه أسوء توبيخ وغادرهم قبل أن يفقد أعصابه، لا يحتمل رؤية أخيه عبد السميع لا يحتمل رؤيته وهو يمن عليهم بالفتات وهو لديه الكثير والكثير!.

بينما حميد لتعاسته وصدمته عاد وحيد دون عوامته دلف للمياه لأنه لم يجد مكان آخر يختبئ به عن العيون كي لا يعلم أحد أن الدموع تتساقط منه ويدعوا الله ألا يكون أحد أنتبه لتوبيخ أبيه له الذي ينتقص من كرامته على الدوام!.

دلف يسير بغير هدى الأمواج من حوله تقذف به قليلا يقاومها ويدلف أكثر للداخل، خرج عبد الجبار ونثر المياه فوق عبد السميع يتحداه بالسباحة فسبه عبد السميع وركض خلفه لأنه القي عليه الكثير من المياه، شق عبد الجبار المياه بمهارة التي تعلمها بترعه البلدة، أما عبد السميع فكان ماهر بشدة لكثرة ما تدرب مع جيسي وياسمين فتسابق معه باحترافية الرؤوس كلها تتابع السباق بشغف ولم ينتبه أحد لحميد الذي زلت قدمة بالفراغ وبدأ بالغرق.

بسملت فتحية وقرأت المعوذتين على كل من ولديها ثم راقبت أحفادها وشملتهم بنظرة سريعة قلقة لترى حميد وهو يصارع الموج فوقفت صارخة بقوة

"حميد، ولدى!".

التفتت ياسمين سريعا وبسرعة البرق ركضت وقفزت للمياه بمهارة وسط استغراب الجميع حولها بمهارة وسرعة بالغة وصلت له وحاولت جذبه إلا أنه كان يصارع بشدة وشرب الكثير من المياه بالفعل.

 لكمته بكوعها برأسه ومن ثم جذبته بعد أن سكن جسده وسبحته بيد واحدة للخارج، ركض سميح وخلفه فتحي يساعدونها لكن خطواتهم بطيئة جدا بسبب العوامات ما إن لا مست ياسمين الأرض حتى بدأت بجر حميد وكل من سميح وفتحي يجرون معها الى أن وصلت للشاطئ نظر عبد الجبار وعبد السميع لتوحة كي يلوحوا لها لكنهم لا حظوا التجمع فسبحوا بسرعة نحو ياسمين التي تجر حميد.

تلقته جيسي وأمرت الجميع بالتراجع للخلف وبدأت بالضغط على صدرة تسعفه وحميدة بجهلها تصرخ بها لأنها تضربه بصدره، سعلت ياسمين بشدة بعض المياه وأزاحت الكل من حوله وركعت إلى جوار والدتها التي تضغط على صدر حميد دون استجابة بدأت بالصراخ بالإنجليزية بأن يفيق وكذلك حميدة بدأت ولولتها ارتعبت جيسي ونظرت لياسمين برعب لكن ياسمين لم تيأس أزاحتها وامسكت بشفتي حميد وبدأت بالنفخ .

جحظت عيون الفتيات الصغار وسقطت العوامات خاصتهم أرضا من الدهشة بينما فتحي غمغم غير مصدق

"أبن المحظوظة!!!".

نفخه

والثانية

والثالثة

وتقيء حميد المياه المالحة أخيرا خارج جوفة وكل من جيسي وياسمين يمسكون به ويربتون على ظهرة وصل أخيرا عبد السميع وركع على الفور إلى جواره وفتح أجفانه وربت على وجنتيه بقوة وصرخ

"إبراهيم أنت جاف خذ سيارتي وتوجه به للمشفى على الفور".

أخذه إبراهيم ووالدته ولحق بهم ابيه بينما توحة جذبت ياسمين بقوة لها تجففها لكن ياسمين ركضت تبكي بحضن والدها

"ظننتني فقدته".

مسدها ودثرها جيدا بالمنشفة كي يخف ارتعاشها

"لا بأس لا بأس سوف يكون على ما يرام لا تقلقي".

"أحتاج للتنزه قليلا".

"لا بأس أذهبي".

أحكمت المنشفة حولها وتركت الجمع وذهب خلفها سميح ومن ثم عوض التفتت لهم

"الي أين؟".

"لا يجب أن تسيري وحدك سوف يضايقك الشباب!".

"أستطيع الاعتناء بنفسي!".

التفتت يا سمين لوالدها وصرخت

"احتاج إلى مساحتي الشخصية!".

فتمتم عبد السميع بنفاذ صبر

"اتركوها يا شباب".

"لكن يا عمي...".

"عد للبحر يا سميح!".

ذهبت ياسمين ودلف سميح للبحر وهو مكره والجدة تنظر بحزن في أثر سميح الذي دلف للمياه مكسور الخاطر...

***

مسحت دموعها بشدة لا تستطيع فعل هذا ليس وحدها على أي حال!، أرسلت الرسالة وحزمت أمرها سوف تعود لمصر.. الان!.

نظر إبراهيم للهاتف بيده غير مصدق!، رسالة وليس من أي شخص رساله منها هي!.

تسأل إذا ما كان لازال هناك مكان لها بينهم؟

هل هذا سؤال؟

هل هذا سؤال تسأله له هو بالذات؟!!.

بعد غياب خمسه أشهر دون أي خبر أو تواصل تسأل هذا السؤال؟!.

قفز من مكانه على الفور وذهب لمكتب ليستأجر سيارة كي يكون في استقبالها بالمطار.

وصل إلى هناك وقلبه يغلي غير مصدق بأنه سوف يتمكن من رؤيتها مرة أخرى!، خرجت أخر واحدة كعادتها تجر سيارة المطار وحقائبها مرصوصة كالعادة فوقها إلا أنها حينما خرجت من خلف السيارة وأنزلت نظارتها الشمسية عن وجهها.

ثبتت قدماه بمكانه

عضت شفتيها ونظرت بخجل لبطنها المكور وأحتضنته بحرج وذهبت نحو إبراهيم تسأله بخجل واضح

"ترى هل تستقبلون ضيفي معي يا حاج أبراهيم؟".

فوضع يده فوق فمه غير مصدق بالمرة!

ياسمين عادت ... حامل!.

 

نهاية الفصل

 

 أتمنى الفصل يكون عجبكوا وكل عام وأنتم بالف خير وصحة وسلامة يا رب

ده آخر فصل قبل رمضان وبإذن الله نلتقي بعد العيد 

دمتم سالمين

 

إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال